تظل الخرافات في المجتمعات الإنسانية متأصلة جيلاً بعد جيل، ولكل مجتمع نصيبه منها، لتحكي واقعاً عايشوه بكل تفاصيله. ونحاول هنا أن نبين بعضها في كويت الماضي حفظاً للأجيال. يمثل الليل هاجساً يتخوف الناس من شدة ظلمته، وتُمَثِلُ النجوم في كثرتها في الليالي الحالكة جزءاً من تلك المعاناة، وأحياناً وسيلة للإبهار والإعجاز الرباني، فيقولون: «من يُعَدِدْ النجوم تطلُع له فواليل»، ومفردها «فالول»، يقولها هكذا أهل الكويت وأهل العراق، أما أهل نجد فيقولون: «ثالول»، وأهل المغرب يقولون: «تولال». وهي مرض جلدي ينتج عنه نتوءات أو ندبات جلدية. والمعنى من يقوم بإحصاء عدد النجوم، تخرج له تلك. والشجار وإثارته بين الناس غير محبب للنفوس الأبية، لذا كانوا يتحذرون منه، ومن اعتقادات أهل الكويت قديماً في هذا الصدد، أنه إذا وضع «العزيزو» بين اثنين فإنهما يتشاجران ويتخاصمان. ويقال بالعامية: «قاطين بينهم عزيزو»، و«العزيزو» عظمة في نهاية العمود الفقري للإنسان أو الحيوان، وهي بالعربية وفي الحديث النبوي الشريف: «عجب الذنب»، أي عظمة مؤخرة العمود الفقري. ولأهل الكويت فيه عادة، حيث يُلف بخرقة كالمهاد، ويرسم عليها وجه إنسان بشع، وتكحل عيناه، ثم يوضع في المكان الذي يتم اختياره لإحداث المشاجرة بين اثنين. وأمراض الأطفال قديماً وحديثاً كثيرة، ومنها التبول اللاإرادي أثناء النوم، ويعتقد قدماء الكويت أن الطفل الذي يقترب من الموقد «الدوة» ليلاً للتدفئة، خصوصاً في أيام الشتاء الباردة يتبول في فراشه أثناء النوم، لذا يُحذر الاقتراب منها لدفع هذا الأذى عنه. وكانت فطرة أهل الكويت قديماً وقربهم من الله، وخوفهم من عقابه تلزمهم الاستقامة، وكانوا بفطرهم يعتقدون أن الله في السماء، وأن كل شيء يتجه إليها لا بد أن يكون على هيئته المحترمة، لذا فإنهم إذا رأوا النعلين أو إحداهما مقلوباً في اتجاه السماء، قاموا بقلبها نحو الأرض احتراماً لمن في السماء. ومن اعتقاداتهم الخاطئة أنه إذا وقع جزء من الطعام على الأرض لا يتناولونه، ويظنون أن الشيطان قد قام بلحسه وفي ذلك إيذاء لهم لو أكلوه، لذا يقولون «لحسه الشيطان». وخلع الضرس قديماً إذا ما اقترب من وقوعه غالباً ما يتم باليد، وكانوا إذا ما خلعوه يقفون أمام الشمس ثم يقذفونه نحوها وهم يقولون بالعامية «هاچ – هاك – ضرس الحمار وعطيني ضرس غزال». والمعنى الطلب أن تأخذ ذاك الضرس الذي وقع وتهبهم في ما بعد ضرساً بديلاً جميلاً عنه كضرس الغزال. ومن الاعتقادات الخرافية أيضاً أن من توجع من بطنه، فإن العلاج هو النفخ في سرته ليتعافى، فيقال بالعامية: «انفخ في بطنه يطيب». ومن الاعتقادات التي تتوافق مع المثل العربي «لا تأكل السمك وتشرب اللبن»، يعتقد أهل الكويت قديماً أن من يأكل السمك يصيبه البرص، فيقال بالعامية: «لا تاكل السمچ – السمك – لا يحوشك برص». وللقطط السوداء في حياة الشعوب حكايات، وغالباً ترمز إلى السحر والشعوذة والشر، وأهل الكويت قديماً يعتقدون أن من يضرب القط الأسود يخرج له جني أو القط بذاته جنياً، فيقال بالعامية: «لا تطق القطو الأسود لَيِطْلَعْ لك يني (جني)». د. سعود محمد العصفور
مشاركة :