هناك شخصيات خرافية تجسّدت وأثّرت في حياة أهل الكويت، ولا بد أن نشير هنا إلى أنه ليس بالضرورة أن تُصَدَّق، بل بعضها جاء على سبيل التخويف أو الإيهام، فالقليل من الناس يُصدقونها، والكثير منهم لا يصدقونها في ذاك الزمان ويعتبرونها محض خرافة. ومن تلك الشخصيات الخرافية المتصلة بالبحر «أبو دريا» أو «أبو درياه»، ويذكر أهل الغوص من رجال الكويت أنه شخصية وهمية، أو حيوان بحري خرافي، والبعض يقول إن رأسه على شكل إنسان قبيح المنظر، وجسده على شكل سمكة، يخرج بالليل الحالك، والبعض يقول إنه يصعد إلى السفينة فيختطف من يصادفه ويلقيه في البحر ليفترسه، والبعض الآخر يقول إنه يكون في البحر، يعلو صياحه وسط أمواج البحر المتلاطمة، طالباً العون والمدد لإنقاذه من الغرق، فإذا اقترب منه أحد الغوّاصين لإنقاذه، أمسك به «أبو دريا» وأغرقه، ولم يقدّر له ذاك المعروف. و«السعلو» هو الآخر شخصية خرافية عند أهل الكويت، لا يعرف حقيقة شكله، تحاك حوله القصص المختلفة التي في مجملها أن البعض يقول إنه أسود اللون من النوبة أو غيرها من البلاد، له أنياب طويلة، والبعض الآخر يذكر أنه على هيئة حيوان شكله مثار للخوف والهلع، كثيف الشعر، يأكل لحوم البشر، وخروجه عادة بالليل ــــ على أكثر الروايات ــــ وكان أهل الكويت يخوفون الأولاد من الخروج ليلاً حتى لا يتعرضوا لإيذاء «السعلو» الذي قد يختطفهم، وله في حياة المصريين أيضاً مشابهة، فعندهم «السلعوة» حيوان غامض ويعتبره البعض هجيناً من فصيلة الذئاب والثعالب والكلاب، شبيه بــ «ابن اوى»، يهاجم السكان في قراهم. و«الطنطل» شخصية خرافية، والقاسم في روايات أهل الكويت أنه طويل جدّاً، خصوصاً اليدين والرجلين، واسع الخطوات، التي إن مشى تُسمع، ووجهه قبيح المنظر، والبعض يقول إنه أسود اللون، يخرج ليلاً، يخيف الناس ويضحك عليهم إن خافوا منه. و«الدعيدع» شخصية خرافية، ويبدو أنه من جنس الجان، يتشكّل ليلاً على هيئة غير مخصوصة، كالحجر أو النار، أو الجمر، أو غيره، يتحرّك عندما يقترب الشخص منه، فيتحرّك ويتزايل من مكان لآخر على سبيل التخويف والترهيب. وكانوا يخوّفون الأولاد، حتى لا يخرجوا ليلاً. و«حمارة القايلة»، وتسمى أيضاً: «أم حمار»، شخصية خرافية تخرج وقت الظهيرة، وقد يكون الاسم مأخوذاً أصلاً عن اشتداد الحرارة صيفاً، كقول بعض الفلكيين واللغويين عن وقت اشتداد حرارة الصيف الملتهبة: «حَمَارَّةُ القيظ». كانت الأمهات يحذرن أطفالهن من الخروج وقت الظهيرة، لئلا تخرج إليهم هذه المخلوقة التي جسّدوها في امرأة عجوز، شعثاء الشعر، لها رجل حمار، فتفزعهم وتنال منهم. و«أم السعف والليف» امرأة عجوز شعثاء الشعر طويلة الأظافر مع قذارتها، لباسها مهلهل، ممزق، لها أنف طويل، وعيناها حادتان كالقطة، تسكن فوق أشجار النخيل وغيرها، وتتخفّى بين السعف والجريد والأغصان، خاصة عند هبوب الرياح الشديدة والأيام الشاتية، تُحدث الأذى على من تقع في يديها من البنات الصغيرات، ويبدو أن خروجها ليلاً، والقصد من شخصيتها، تخويف البنات من الخروج ليلاً أو في الأوقات التي يقل فيها وجود المارة في الحارات وفي اضطراب الأحوال الجوية. د. سعود محمد العصفور
مشاركة :