تحقيق: راندا جرجس ينتقل الهواء بشكل طبيعي إلى الجسم عن طريق الأنف، مروراً بالقصبة الهوائية ثم إلى الشعب الهوائية، التي يوجد في أواخرها أكياس صغيرة جداً، تسمى الحويصلات الهوائية، التي تقوم بنقل الهواء النقي أو الأوكسجين إلى الدم، وثاني أكسيد الكربون خارج الجسم، ونظراً لحساسية هذه المنطقة فإن تعرضها للغبار الموجود في الهواء الذي نتنفسه، يمكن أن يعرضها للإصابة ببعض الأمراض المختلفة مثل الربو، حساسية الغبار، حمى القش........ إلخ، وهذا ما سنتعرف عليه في السطور القادمة.يقول الدكتور أيسم رؤوف مطر، مختص أمراض الباطنة والصدر، إن الربو مرض مزمن غير معد، ويعاني منه ملايين الناس، وهو شائع الحدوث حيث تصل نسبة الإصابة به إلى 10% على مستوى العالم، أي واحد من كل عشرة أشخاص، ما يعني أن هناك حوالي 750 مليون شخص مريض بالربو، وترتفع نسبه الإصابة به في بعض البلدان لتصل إلى 30% خاصه في الأطفال، وتعد الإمارات ضمن هذه الدول، إذ إنها تصل من 15 إلى 20% في بعض التقديرات.يستكمل: يبدأ الربو بإصابة الشعب الهوائية بالتهاب وفرط حساسية، حيث تضيق وبالتالي تحدث صعوبة في التنفس، وعندما يتعرض مصاب الربو لأول مرة للعوامل المثيرة للحساسية مثل لقاح النباتات أو غيره ينتج جهاز المناعة كميات غير عادية من البروتينات الدفاعية تسمى الأجسام المضادة (جلوبولين المناعة) ودورها هو تمييز عوامل معينة المثيرة للحساسية، حيث تلتصق هذه الأجسام المضادة، بالخلايا البدنية التي تحتوي على وسائط كيماوية، وتتراكم في الأنسجة المعرضة للبيئة مثل الأغشية المخاطية في الجهاز التنفسي، وعند تعرض المريض لذلك مرة أخرى، تبدأ أزمة الربو بالظهور نتيجة لحدوث ثلاثة عوامل تمنع مرور الهواء بشكل طبيعي في الممرات الهوائية وهي:-* تقلص في مجموعة العضلات المحيطة بالممرات الهوائية.* تضخم في جدار الممرات الهوائية.* إفراز زائد للمخاط الذي تفرزه الخلايا الموجودة على جدار الممرات الهوائية.* عند الإصابة بجميع ما سبق، يحدث ضيق في مرور الهواء داخل الشعب الهوائية خاصه أثناء الزفير، ما يؤدي لعدم خروج ثاني أكسيد الكربون من الرئة، ويشعر المريض بأنه لا يستطيع التنفس بشكل كافٍ. علامات الأزمة يبين د. أيسم أن أزمات الربو تحدث على فترات متباعدة عند أغلب الأشخاص، وتكون عادة بشكل بسيط يسمح بمرور الهواء في الممرات الهوائية، أما بالنسبة للأزمات الشديدة فهي تحدث بمعدل أقل، تتطلب إسعاف طبي سريع نظراً لخطورتها، ويظهر على المريض أعراضها بشكل يومي، كالآتي:-ــ سعال مستمر، خاصة أثناء الليل.ــ ضيق في التنفس.ــ صوت صفير أثناء الزفير، يحدث عندما يمر الهواء في مجاري التنفس الضيقة بفعل الانتفاخ والمخاط والتشنج الشعبي ويكون إشارة إلى صعوبة في التنفس. ــ عندما تتطور حدة أزمة الربو يختفي الصفير، وهذه إشارة إلى عدم تحرك الهواء داخل أو خارج الرئتين.ــ ضغط أو آلام في الصدر. فئات مستهدفة يفيد د.أيسم أنه يمكن لأي شخص أن يصاب بالربو بصرف النظر عن العرق أو السن أو الجنس، وعادة يصيب الأطفال عند سن الخامسة، والبالغين في العقد الثالث، وما يزيد من احتمال الإصابة بالربو هو وجود تاريخ عائلي، وكذلك يستهدف الأشخاص الذين يعانون أنواعاً أخرى من الحساسية كحساسية الأنف أو الجلد معرضين أكثر للإصابة، أو حموضه المعدة والارتجاع المعدي المريئي.طرق تشخيصيةيشير د.أيسم إلى أن هناك العديد من الطرق التي يستخدمها الأطباء، التي تبدأ بفحص المريض سريرياً، ومعرفة الأعراض التي تحدث له والاطلاع على التاريخ المرضي والعائلي، ثم عمل مجموعة من الاختبارات كــ:-* مقياس ذروة التدفق للهواء الذي يخرج من الرئة.* تأثير موسعات الشعب الهوائية على الرئة.* كفاءة عمل الرئة، لقياس كمية الهواء وسرعته الذي يدخل ويخرج ويبقى في الرئة.* اختبارات الحساسية واختبارات الدم.* الأشعة السينية على الصدر لاستبعاد وجود أمراض أخرى. علاج الربو يؤكد د. أيسم أنه لا يوجد علاج نهائي للربو حتى الآن، ولكن في أغلب الحالات يستطيع المريض ممارسة حياته بشكل طبيعي، إذا التزم بالإرشادات السليمة للتحكم في عدم ظهور الأزمة، هناك حالات تتحسن بشكل كبير في مرحلة المراهقة أو تشفى تماماً، وأخرى ربما تزداد سوءاً، أو تختفي الأزمات لوقت طويل لتظهر مرة أخرى لسبب ما، ويتم التحكم في الربو عن طريق تجنب مسبباته ومتابعة الأعراض التي تنذر بحدوثها وعلاجها، باستخدام الأدوية بشكل صحيح وهي تنقسم إلى قسمين هما:1- أدوية السيطرة طويلة المدى، التي يتم تناولها بشكل يومي لمدة أشهر، وتشمل مضادات الالتهاب، الحساسية، موسعات الشعب الهوائية، التي تعمل على الحد من تضخم الممرات الهوائية وتقليل تكوين المخاط فيها، وكذلك تجعلها أقل حساسية تجاه عوامل إثارة الأزمة فيما بعد، ما يقلل فرص حدوث أزمات الربو، ومنعها تماماً مع استمرار العلاج. 2- أدوية السيطرة السريعة والقصيرة المدى، وهي تستخدم لعلاج أعراض نوبة الربو الحادة أو تفاقم النوبات عندما تبدأ و تعمل على ارتخاء العضلات والتي تقوم بالضغط على الممرات الهوائية، وبالتالي تيسر الطريق أمام الهواء للدخول والخروج من الرئة بسهولة، مع تحسين عملية التنفس، ويتمكن المريض من إخراج المخاط بسهولة من الفم. تأثير الغبار يذكر الدكتور علي أكبر، مختص الأمراض الجلدية، يمكن للغبار أن يتسبب بتهيج أعراض الحساسية لدى مرضى الربو، وتتضمن أبرز المشاكل التي تواجه هؤلاء المرضى، الصفير وضيق التنفس، وبالرغم من عدم وجود دليل قاطع يؤكد تسبب الغبار بالربو، إلا أنه من المعروف أن استنشاق كميات كبيرة من الغبار على المدى الطويل يساهم بتراجع عمل الرئتين إلى حدٍ كبير، وبالإضافة إلى تجنب عوامل الطقس المغبرة وارتداء أقنعة الوجه الطبية، ينصح بتنظيف الأماكن المحيطة التي يتركز فيها الغبار، ويجب كذلك تنظيف السجاد والستائر والأرائك في حال كان هناك رضع مصابون بالربو، كما يجب غسل وتنظيف الألعاب القماشية بشكل دوري، وربما يتسبب الطقس بمضاعفة هذه الأعراض، وفي هذه الحالة ينبغي عدم تجاهل أو إهمال حدة الأعراض، ولذلك يجب على هؤلاء المرضى تجنب الخروج خلال العواصف الغبارية، وفي حال لم يكن ذلك ممكناً، ننصحهم باستخدام قناع وجه طبي واصطحاب جهاز الرذاذ معهم دوماً. وقاية الصغار والمسنين يفيد د.أكبر، بالنسبة للصغار المصابون بالربو فإن طريقة تأثرهم بالغبار تشبه طريقة تأثر البالغين، إلا أن الرضّع والأطفال يتأثرون بشكل أكبر عند التعرض للغبار لفترات طويلة، ويتحدد مدى التأثر سلباً تبعاً لنوع وحجم جزئيات الغبار بشكل رئيسي، وعلى غرار الأطفال، يعتبر المسنون أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالربو ولاسيما عندما يعانون مشاكل في الجهاز التنفسي والقلب، وفي حال وجود مسنين مصابين بالربو في المنزل، ينصح باستبدال الستائر القماشية بأخرى دوارة، وكذلك تجنب استخدام الأغطية الصوفية والوسائد المصنوعة من الريش. وبالرغم من عدم توافر علاج لمرضى الربو، يمكن لمعظم الناس السيطرة على الحالة من خلال الأدوية وتجنب العوامل المهيجة للحالة، ولا يعتبر هذا المرض معدياً، فهو لا ينتقل من شخص لآخر. حساسية الغبار توضح الدكتورة، هينا ألطاف، أخصائية الأمراض الجلدية، أن حمى القش التهاب يصيب العينين والأنف نتيجة استنشاق غبار الطلع أو الغبار العادي، وربما يختبر المرضى في هذه الحالة سيلان أو انسداد الأنف، والعطاس، والاحمرار، والحكة، والعيون الدامعة والمنتفخة، ولتجنب الإصابة بحمى القش، لذلك يجب أن يحاول المرء البقاء في الداخل أثناء هبوب العواصف الغبارية. مسببات الحساسية تشير د.ألطاف إلى أن جهازنا المناعي هو المسؤول عن محاربة الجراثيم بطبيعة الحال، فهو الخط الدفاعي الأول للجسم، وتحدث الحساسية عند استجابة الجهاز المناعي لإنذار كاذب، ولا تكمن المشكلة في مسبب الحساسية بقدر ما تكمن في الجهاز المناعي للشخص المصاب بالحساسية، والذي لا يفرق أحياناً بين الأجسام الضارة وغير الضارة. المضاعفات تذكر د. ألطاف أن حجم ونوع جزئيات الغبار يحددان مدى سميته، إذ يمكن أن يسبب تحسس الأنف والرئتين والجلد، وغالباً ما يصيب هذا التحسس الأطفال ويكون سببه عث الغبار، كما أن استنشاقه أو تعرض الجلد له يمكن أن يتسبب بنوبات تهيج من التهاب الجلد التحسسي وأمراض جلدية أخرى مثل الأكزيما، ومن المعروف أن حساسية الغبار ينتج عنها، سيلان الأنف واحمرار العينين، كما يؤثر عادة على الجفنين والمنطقة الواقعة أمام الأذنين، ما يسبب الاحمرار، وتتأثر أيضاً المناطق الواقعة عند طيات الجسم مثل المنطقة الواقعة خلف الركبتين، والرسغين، والمرفقين، وتظهر أعراض ذلك على شكل حالات احمرار وانتفاخ وحكة، أما المناطق التي تتأثر لاحقاً، فربما تبدو جافة جداً أو سميكة أو متقشرة، ولعل الطريقة المثلى للوقاية من ذلك كله، تتلخص في تجنب أي تعرض للغبار، وفي حال لم يكن ذلك ممكناً، يمكن التخفيف من التعرض للغبار قدر الإمكان، كما يجب التقليل من استخدام السجاد، ويمكن تنظيف الغبار باستخدام الماء بدلاً من الأساليب الجافة، وفي الحالات الشديدة والمزمنة، ينبغي استخدام مضادات الهيستامين أو مزيلات الاحتقان. مهيجات الربو هناك بعض العوامل التي يجب تجنبها قدر الإمكان، وتسمّى «مهيجات الربو»، حيث إنها تزيد من ظهور أعراضه، وتتفاوت درجاتها بين المصابين، وتشتمل على:* الطقس البارد، الرطوبة العالية، تغيرات المناخ الفجائية، حيث تنقل الرياح مواد مثيرة للحساسية.* ملوثات الهواء مثل دخان التبغ، رائحة الطلاء، عوادم السيارات، مداخن المصانع، الأتربة.* ريش أو شعر الحيوانات، العفن، حبوب اللقاح.* بعض الأطعمة مثل الفول السوداني، السمك، المحار والبيض.* الالتهابات الفيروسية كالرشح، الإنفلونزا، التهابات الحلق والجيوب الأنفية، وخاصة للأطفال.• التمارين الرياضية، وأقلها خطورة السباحة، بينما الجري وكرة القدم تزيدان من هيجان أزمة الربو.• تناول بعض العقاقير مثل الأسبرين، وبعض الأدوية التي تعالج ارتفاع ضغط الدم، الصداع النصفي أو المياه الزرقاء.
مشاركة :