منع سفر التونسيات يحرك مياه علاقات تونس والإمارات الراكدة

  • 12/25/2017
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

تسعى أبوظبي لإحتواء الأزمة القائمة مع تونس على خلفية منع تونسيات من السفر عبر شركات طيران الإمارات. بيد أن الإنزعاج التونسي المتصاعد شعبيا ورسميا من القرار الإماراتي يؤشر إلى وجود أزمة أعمق في علاقات البلدين. صورة من الأرشيف ..تونسيات في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس تصريحات الناشطة التونسية مها جويني التي تؤكد فيها أنها منعت من مواصلة رحلتها اليوم الإثنين ( 25 ديسمبر/ كانون الأول 2017) من مطار بيروت عبر شركة طيران "الإتحاد" الإماراتية إلى الصين، هي واحدة من سيل متدفق من الشكاوى التي تُبث على مواقع التواصل الإجتماعي منذ يوم الجمعة الماضي، بسبب إقدام شركتي طيران "الإمارات"و"الإتحاد" الإماراتيتين على منع تونسيات من السفر على متنهما. أجواء الغضب لدى التونسيات والتونسيين في وسائل الإعلام ومواقع التواصل، تؤشر إلى وجود مشكلة قد تتجاوز محاولات الجانب الرسمي الإماراتي للتقليل مما حدث، أو حتى تفسيره بوجود "أسباب أمنية" وراء القرار الإماراتي. فقد غرد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش قائلا: "تواصلنا مع الأخوة في تونس حول معلومة أمنية فرضت إجراءات محددة وظرفية، وفِي الإمارات حيث نفخر بتجربتنا في تمكين المرأة نقدر المرأة التونسية ونحترمها ونثمن تجربتها الرائدة، ونعتبرها صِمَام الأمان، ولنتفادى معا محاولات التأويل والمغالطة". بيد أن ردود الفعل الرسمية في تونس، تكشف وجود خلاف بين البلدين حول الموضوع وأن محاولات إحتوائه من قبل أبوظبي تبوء لحد الآن بالفشل. فقد قالت متحدثة باسم الرئاسة التونسية اليوم الاثنين إن السلطات الإماراتية أخطرت تونس بوجود "تهديد ارهابي جدي" كان وراء منع العنصر النسائي التونسي من السفر عبر شركة طيران الإمارات. محاولات لإحتواء الأزمة المتحدثة باسم الرئاسة سعيدة قراش قالت اليوم إن "السلطات الإماراتية تلقت معلومات أمنية جدية حول عمليات ارهابية دفعتهم إلى التحرك بسرعة من جانب واحد ودون إعلام الجانب التونسي". لكن رد فعل آخر صدر عن الرئاسة التونسية في وقت سابق أظهر مدى الإنزعاج التونسي من الخطوة الإماراتية التي ردت عليها تونس بتعليق رحلات شركة طيران الإمارات، حيث أوضح بيان للرئاسة التونسية أن "قرار(تونس) تعليق رحلات شركة الخطوط الإماراتية إلى تونس سيظل قائما إلى حين مراجعة إجراءات سفر التونسيات طبقا للقوانين والمعاهدات الدولية الجاري بها العمل". ودعا الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي في بيان رسمي "إلى العمل على تجاوز هذه الاشكالات في أقرب الأوقات، حفاظا على علاقات الأخوة والتعاون القائمة بين الشعبين التونسي والإماراتي". الرئيس الباجي قايد السبسي رفض الإجراء الإماراتي وكانت شركة طيران الإمارات أصدرت بشكل مفاجئ قرارا بمنع المسافرات التونسيات من اعتلاء الطائرة بمطار تونس قرطاج يوم الجمعة، وأحدث القرار حالة من الفوضى والغضب بتونس. وأعقب ذلك سلسلة إجراءات منع تمت في مناطق مختلفة مثل مطارات بيروت ودبي وغيرها. ولئن أشارت المتحدثة باسم الرئاسة التونسية إلى أن قرار السلطات الإماراتية جاء في إطار المخاوف من عودة المقاتلين وخروجهم من سورية وتوفر معلومات تفيد بإمكانية تنفيذ عملية ارهابية تقودها نساء تونسيات أو حاملات لجواز سفر تونسي. إلا أن تونس أبدت رفضها للأسلوب المفاجئ في اتخاذ القرار وللطريقة التي نفذ بها ، ولظروف الارتباك والفوضى التي سببها لعدد من التونسيات المسافرات إلى مناطق مختلفة من العالم، وصولا بالانعكاسات السلبية للقرار على "كرامة التونسيات والتونسيين بشكل عام" وفق ما جاء في تصريح المتحدثة باسم الرئاسة التونسية سعيدة قراش لراديو "شمس اف ام" التونسي الخاص، "أحدث القرار حالة من الارتباك في البداية، المسافرون لم يكونوا على علم، تحركنا بسرعة لأننا لا نسمح بالاعتداء على كرامة التونسيين". وأضافت قراش "قمنا بالتنسيق سويا لحل الاشكال، الطرف الاماراتي متأكد من جدية المسألة، ونحن نتفهم ذلك، لكننا لا نقبل الطريقة التي تم التعامل بها مع نساء تونس". وكشف بيان للرئاسة التونسية مدى الانزعاج في أعلى هرم الدولة بعبارات جاء فيها أن السبسي "شدد على ضرورة صون كرامة كل المواطنين التونسيين داخل وخارج أرض الوطن"، مؤكدا "الحرص على عدم المس بحقوق المرأة التونسية مهما كانت الدواعي والمبررات". قرار الإمارات ونخوة المرأة التونسية ونقلت مواقع تواصل إجتماعي ردود فعل غاضبة في تونس، ليس فقط لأن القرار يسيء إلى "كرامة التونسيين" بشكل عام، بل بالخصوص لأنه يتعلق بنساء تونسيات، وهي نقطة شديدة الحساسية لدى الرأي العام التونسي. ففي تونس الشديدة النخوة بمكتسبات المرأة فيها، حتى قياسا لدول عربية أخرى، يبدو أن القرار الإماراتي قد الأثار الغضب فيها على مختلف المستويات. وأطلق نشطاء تونسيون هاشتاغ يطالب بمقاطعة شركات طيران الإمارات. وحتى الرئيس الباجي قايد السبسي نفسه الذي يعتبر نفسه المدافع الأول عن مكتسبات المرأة التونسية، بل إنه وصل إلى الرئاسة بفضل تصويت كاسح من النساء لفائدته، سارع إلى إصدار بيان شديد اللهجة ضد قرار أبوظبي، التي كانت تعد قبل ثلاث سنوات من العواصم المؤيدة لوصوله وحزبه"نداء تونس"العلماني إلى الحكم كسد منيع ضد حزب النهضة الإسلامي. وهاجم مغردون من الإمارات "الإخوانجية" (صفة يطلقها خصوم الإخوان المسلمين) إسلاميي تونس. ورغم أن أزمة سفر التونسيات تعتبر حديثة جدا إلا أن العلاقات بين البلدين تشهد في الأعوام القليلة الأخيرة تأرجحا ملحوظا. وذكرت تقارير صحفية محلية بتونس أن استثمارات إماراتية ضخمة في تونس تشهد حالة من التعطيل. ولم يتحدث المسؤولون في البلدين بشكل علني عن أسباب ذلك، إلا أن وسائل الإعلام في البلدين تطل من حين لآخر بتقارير تسلط الضوء على خلافات بين أبوظبي وتونس بشأن قضايا إقليمية، مثل ملف الأزمة القطرية التي اتخذت فيها تونس موقفا محايدا. كما أن أبوظبي لا تنظر بعين الرضا للتوافق القائم بين حزب الرئيس السبسي (نداء تونس) وحزب النهضة الإسلامي الذي يقيم علاقات متينة مع الدوحة وتركيا الخصمين اللدودين للإمارات.  م.س/ ع.خ ( وكالات)

مشاركة :