أثارت زيارة أمير قطر تميم بن حمد، إلى مالي، الخميس الماضي، تساؤلات حول تاريخ الدوحة الأسود في القرن الإفريقي، وتحديداً في الدولة الواقعة غرب القارة السمراء. وأول ما يلفت الأنظار أن تتزامن زيارة تميم إلى باماكو مع عودة رئيس مالي السابق المُطاح به عام 2012 أمادو توريه، وهو ما تناوله محللون ومراقبون في الإعلام الفرنسي. والسبب المعلن لزيارة تميم حمل الصيغة التقليدية لمثل تلك الزيارات بالقول، إن الزيارة جاءت في إطار تعزيز التعاون بين مالي وقطر، بعد شهر من زيارة الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا إلى الدوحة في نوفمبر الماضي. وبحسب ما أشارت صحف مالية، ناطقة بالفرنسية، فإن النظام المالي الحالي تجمعه علاقات قوية بأمير قطر، لكن توقيت الزيارة بالتزامن مع عودة الرئيس المالي المُقال، أمادو تورماني توريه، من منفاه في السنغال إلى بلاده مرة أخرى، يعيد ملف علاقات توريه بتنظيم «القاعدة» والنظام القطري قبل أن يطيح به شعبه. واستعدت مالي لاستقبال رئيسها السابق أمادو توماني توريه، ووصوله إلى العاصمة باماكو قادماً من السنغال، وذلك بعد الإطاحة به في 2012، واضطراره إلى الاستقالة رسمياً في أبريل من العام نفسه. وذكر راديو «فرنسا الدولي»، أمس، أن رئيس مالي إبراهيم بوبكر كايتا، طلب رسمياً من توريه العودة إلى البلاد، وذلك بعد مرور نحو ستة أعوام له في المنفى، مضيفاً أن توريه سيعود برفقة أسرته على متن طائرة الرئاسة من عاصمة السنغال، داكار. المخابرات الفرنسية: قطر قدمت دعماً عسكرياً ولوجستياً ومالياً كبيراً لجماعات إرهابية متطرفة في شمال مالي، بهدف زعزعة استقرار دول إفريقية عدة تتعارض مصالحها مع الدوحة. وأعلن توريه من السنغال نيته استئناف حياته السياسية، كما أن من المرجح مشاركته في الانتخابات الرئاسية المقبلة في يوليو 2018، بعدما كذبت السلطات المالية مرات عدة تصالحها مع توريه، إلا أن الرئيس المُقال، أعلن رسمياً عودته إلى البلاد. وأمادو توريه، أطيح به في مارس 2012، بعد اتهامه بالتخلي عن البلاد في أيدي القوات الأجنبية، بما في ذلك الجماعات الإرهابية المتطرفة الفارة من ليبيا، وأقام في السنغال مع أسرته، حتى عفت عنه السلطات المالية، وسمحت له بالعودة إلى البلاد، واستقباله كأنه بطل. وكانت تقارير سابقة أشارت إلى ضلوع الدوحة في تمويل الجماعات الإرهابية المتطرفة، في مالي، قبل الإطاحة برئيس مالي السابق، بحسب ما كشفت صحيفة «لوكانارد أونشيني» الفرنسية الساخرة، المتخصصة في التحقيقات الاستقصائية السياسية. وتحت عنوان «صديقتنا قطر تدعم الإرهابيين في مالي»، أشارت الصحيفة، نقلاً عن تقرير لجهاز المخابرات الفرنسية، إلى أن الدوحة قدمت دعماً عسكرياً ولوجستياً ومالياً كبيراً لجماعات إرهابية متطرفة في شمال مالي، بهدف زعزعة استقرار دول إفريقية عدة تتعارض مصالحها مع الدوحة. وأوضحت الصحيفة أنه «في بداية عام 2012، وجّه جهاز المخابرات الفرنسية إنذارات عدة لقصر الإليزيه، بأنشطة دولية مشبوهة تجريها قطر، برعاية أميرها - آنذاك - حمد بن خليفة آل ثاني، الذي تجمعه علاقات جيدة بالرئيس الفرنسي (في ذلك الوقت) نيكولا ساركوزي». وأكد تقرير المخابرات الفرنسية في ذلك الوقت أن الدوحة تقدم سخاءً لا مثيل له، ليس فقط كدعم مالي وعسكري في صورة أسلحة لكل من تونس، ومصر، وليبيا، ولكن أيضاً امتد هذا السخاء لجماعات إرهابية متطرفة في مالي. إلى ذلك، بحسب الصحيفة الفرنسية الساخرة، فإن قوات خاصة قطرية أسهمت في تدريب العناصر الإرهابية، في شمال مالي من مقاتلي تنظيم «أنصار الدين»، المتحالف مع تنظيم «القاعدة». وبحسب التقرير المخابراتي، فإن «تردد الجزائر في التدخل في مالي، أفسح المجال أمام الدوحة للتدخل في البلاد». وأسهمت الإطاحة بالرئيس المالي السابق، أمادو توريه، في قلب الحسابات القطرية، وإفشال أطماعها ومخططها، كما أن النفوذ الفرنسي في البلاد أسهم في تقويض الوجود القطري في مالي. وأوضح موقع «ميكانوبوليس» السويسري الناطق بالفرنسية أن دلائل إدانة قطر بدعمها الجماعات الإرهابية، تتكشف يوماً بعد يوم، هذا الضفدع الصغير الذي يريد أن يصبح ثوراً كبيراً، بحملة تمويل ضخمة للجماعات الإرهابية في العالم، في إشارة إلى قطر. والتجاوزات القطرية في مالي، معروفة لدى السلطات الفرنسية، حيث ترتدي ثوب المساعدات الإنسانية لتمويل الجماعات الإرهابية المتطرفة. ونقل الموقع السويسري عن مصدر لم يسمّه، قوله، إنه «وفقاً لمعلومات دقيقة جداً، باللقاء مع شخصيات مقربة مع النظام المالي السابق، اعترفوا بالقيام بمهمات سرية بالتنسيق بين الرئيس السابق آمادو توماني توريه وبعض قيادات (القاعدة) في المنطقة، تتعلق هذه المهمات برسائل، ومفاوضات حول رهائن كانوا مختطفين من قبل القاعدة». ويتابع المصدر نفسه: «هناك دول لعبت دوراً قوياً في تمويل تلك الجماعات، مثل قطر، وهذا ما تسبب لاحقاً في سقوط نظام مالي، المتواطئ مع الدوحة، والتدخل الأجنبي في مالي، بسبب هذه السياسات المتلونة، وهو ما دفع شعب مالي للثورة ضد هذا النظام». وكان أمير أمير قطر، قد بدأ الأربعاء، جولة إفريقية، شملت ست دول، استهلها بالسنغال، واختتمها السبت الماضي بزيارة مدينة أكرا عاصمة غانا، وشملت الجولة الإفريقية التي اعتبرت هروباً ومحاولة لكسر عزلة قطر، بعد المقاطعة الرباعية للدوحة نتيجة دعمها الإرهاب والمنظمات الإرهابية، ساحل العاج، خامسة محطات تميم، حيث أجرى مباحثات مع الرئيس الحسن أوتارا.
مشاركة :