تكحيل المقلة بمفهوم العزلة..! | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 10/2/2014
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

اعتِزَال النَّاس ومَا يَعبدون؛ ظَاهِرَة إنسَانيّة قَديمة، وُجِدَت مَع بدَاية الإنسَانيّة، ولَعلّ البُوذيين هُم أوّل مَن ابتَكرها، كَما أنَّ الأنبيَاء لَا يَأتيهم الوَحي إلَّا في مَرحلة العُزْلَة، لأنَّها فَترة تَمتَاز بالهدُوء، والتَّخلِّي عَن اتّباع ذِهنيّة القَطيع، وتَرديد مَا يَقول النَّاس، والسّير وفق مَنهجهم، بغَض النَّظر عَن مَدَى اقتنَاع الإنسَان بِهِ..! والعُزْلَة واعتزَال النَّاس مَفهوم فَلسفي وَاسِع، فقَد كُتب فِيه الكَثير، ولَعلّ أقرَب كِتَابين للذَّاكرة -سَاعة كِتَابة هَذا المَقال- هُمَا كِتَاب "آدَاب العُزلة" للإمَام "أبوحامد الغزالي"، وكِتَاب "العُزْلَة والخلْطَة" للعَالِم "الخطابي البستي"..! ولَعلَّ أصدَق وأَدَق وَصف لسَبَب الاعتزَال، تِلك المُحَادثة التي تَمَّت بَين "سفيان الثوري"، و"جعفر الصادق"، حَيثُ تَقول القصّة: (قَال "سفيان الثوري": دَخلتُ عَلى "جعفر الصادق" فقُلت لَه: مَا لِي أرَاك سَكنتَ دَارك ولَا تُخالط النَّاس؟ فقَال: في العُزْلَة دعة، وفي الدعة رَاحة، ومَا قُدّر لَك يَأتيك.. يَا "سفيان" فسُدَ أهل الزَّمَان، وتغيّر الأصدقَاء، فرَأيتُ الانفرَاد أَسْكَن للفُؤَاد)..! واعتزَال البَشر بهَذه الصّورة؛ هو حَلٌّ مِن الحلُول، ولَكن الأغرَب هو أنْ يَعتزل الإنسَان النَّاس، ويَبحث عَن السَّلام والحنَان في عَالَم الحيوَان، وهَذا شَاعر عَربي عَريق مِن شُعرَاء الجَاهلية يُدعى "الشنفرى"، يَقول مُخاطبًا أَهله: أَقِيمُوا بَنِي أُمِّي صُدُورَ مَطِيِّكُمْ فَإِنِّي إِلى قَوْمٍ سِوَاكم لأميَلُ ففي الأرض مَنْأىً للكريم عن الأذى وفيها لمن خاف القِلى مُتعزَّلُ لَعَمْرُكَ ما بالأرض ضيقٌ على أمرئٍ سَرَى راغبًا أو راهبًا وهو يعقلُ ولي، دونكم، أهلونَ: سِيْدٌ عَمَلَّسٌ وأرقطُ زُهلول وَعَرفاءُ جيألُ هم الأهلُ، لا مستودعُ السرِّ ذائعٌ لَدَيهم ولا الجاني بما جَرَّ يُخْذَلُ إنَّ الشَّاعر يَقول لأَهله هُنَا؛ إنَّه يُحب الحيوَانَات، وقَد بَرّر بَعض الأسبَاب مِن ضِمنها: أنَّ الحيوَانَات تَحفظ السِّر، وتُحب مَن هَاجَر إليهَا، وتَحفظ المودَّة، وتصُون وَاجِبَات العيش والمَلح..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي القَول: إنَّ العُزْلَة -بشَكلٍ مُطلَق- لَيست مِن فِطرة الله التي فَطَر الإنسَان عَليها، فالله -عَزّ وجَلّ- خَلقنَا شعُوبًا وقبَائل لنَتَعَارف ولنَتَخَالط، ولَكن قَدرًا قَليلاً مِن العُزْلَة مَطلوب ومَحبوب، وعَليكم بالعُزْلَة "العَرفجيّة" التي أُمَارسها مَرَّة كُلّ شَهر، بمقدَار المَلح في الطَّعَام..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (20) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :