فوائد بالجملة في فضيلة العزلة | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 3/4/2016
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

إذَا أَرَاد الإنسَان أَنْ يَصَل إلَى الحَقَائِق؛ والأَمْر الصَّوَاب، فعَليه أَنْ يَتأمَّل. والتَّأمُّل لَا يَأتي إلَّا مِن خِلال العُزْلَة المُثْمِرَة، وأَقول «العُزْلَة المُثْمِرَة»؛ حَتَّى لَا تَختَلط بمَرَض الانطوَاء والانسحَاب، لأنَّ عُزلة التَّأمُّل نَاتِجَة عَن إرَادَة ووَعي، وتَفكُّر وتَدبُّر، بَينَمَا الشّعُور بالوحدة؛ نَاتجٌ عَن اكتِئَاب قَسري، وتَغيُّر في السّلُوك، واضطرَاب في الشَّخصيّة..! إنَّ الإنسَان لَا يُمكن أَنْ يَتأمَّل؛ وهو يَعيش وَسَط الزِّحَام، بَل عَليه أَنْ يَخلو بنَفسهِ سَاعَة، حَتَّى يَنفصل عَن الجمُوع، وإذَا انفَصَل، امْتَلَك زِمَام أُموره، وبَدَأ يَتدبَّر حَاله، ومَن يَقرَأ سِيرة الأنبيَاء؛ يَجد أنَّ جَميعهم كَانوا يَعيشون عُزلة التَّأمُّل والتَّعبُّد، حَتَّى يَصلوا إلَى الحَقِّ والحَقيقَة، وقَد أَشَاد القُرآن بالعُزْلَة، حَيثُ قَال المَولى -جَلَّ وعَزّ-: (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ)..! يُعلِّق البُروفيسور «عبدالكريم بَكَّار»؛ في كِتَابه «تَكوين المُفكِّر» عَلى هَذه الآيَة، قَائِلاً: (هَذه دَعوَة مِن الله -تَعالَى- لمَن يُريد الوصُول إلَى الحَقيقَة، بأَنْ يَنعَزل بوَعيهِ وجسمهِ؛ عَن الوَسَط الذي يَعيش فِيهِ، وعَن أَفكَارهِ ومَفاهيمه، ورَواسبهِ ومَقولاته، ثُمَّ يَقوم بالتَّفكير والتَّأمُّل، ليَرَى الأشيَاء بَعيدًا عَن سُلطة الجَمَاهير، وسُلطة العَقَل الجَمعي القَاهِر، ولَا بَأس أَنْ يَنْعَزل اثنَان عَن ذَلك الوَسَط، مِن أَجْل التَّحَاوُر وتَلقيح الأفكَار، في سَبيل استبَانة الحَق، وفَهْم الأمُور عَلى مَا هي عَليه. هَذه العَمليّة لَيست سَهلَة، إنَّها أَشبَه بانفصَال الرَّضيع عَن أُمِّهِ، لهَذا، فإنَّها تَحتَاج إلَى طَاقة روحيّة، ويَصحبها الكَثير مِن الآلَام، وأحيَانًا الكَثير مِن المَخَاطِر، لَكن لَيس أَمَام المُفكِّر مِن أَجْل تَحرير فِكره؛ مِن سُلطان العَادَات والتَّقَاليد، والمَفَاهيم الرَّائجة، أي طَريق آخَر)..! حَسنًا، مَاذا بَقي؟! بَقي أَن أُوصِيكُم ونَفسي باعتِزَال النَّاس؛ ومَا يَعبدُونَ مِن دُونِ الله، إذَا أَردتُم أَنْ تَتأمَّلوا..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :