بينما كان جوزيف فريدمان يراقب ابنته وهي تعاني في شرب كوب من الحليب المخفوق، وفي كل مرة ترفعه إلى فمها يتلوث وجهها وأنفها برغوته، ما جعلها تصنع أنبوبا من الورق كي تستطيع تناول مشروبها المفضل دون أن يتسخ وجهها. ألهمته هذه الحركة البسيطة من ابنته اختراع "قشات الشرب أو الماصات" التي درت عليه الملايين، فبعد عدة تصاميم وصل إلى الشكل النهائي الذي عليه القشات اليوم، وسجل عام 1937 براءة اختراع لمنتجه الذي يُصدر منه أكثر من 500 مليون قشة في السنة! وفي الخمسينيات الميلادية لم تكن "بيت سميث جراهام" تكتب بشكل جيد على الآلة الكاتبة، ومع ذلك ترقت في المناصب حتى أصبحت رئيس مجلس إدارة أحد المصارف في تكساس، وكانت تستخدم الكربون في الكتابة على الآلة، الذي يصعب محوه أو تصحيح الأخطاء. وفي أحد الأيام شاهدت جراهام العمال وهم يكتبون على نافذة المصرف ولاحظت أنهم كلما أخطأوا محوا هذا الخطأ بالطلاء. عادت جراهام إلى منزلها ومن مطبخها بدأت بخلط مزيج من الطلاء ببعض المواد لتحصل على سائل أبيض "المصحح". وباستخدام فرشاة الألوان المائية تمكنت من محو الأخطاء بسرعة. ولكن المحزن أنها طردت من عملها بسبب قضائها كثيرا من الوقت تحضر هذا الطلاء، ومع ذلك استمرت ونجحت في تطويره وحصلت على براءة اختراع عام 1958. واليوم لا يخلو بيت أو مكتب من عبوة أو اثنتين للسائل الأبيض الذي اخترعته جراهام يزين مكاتبهم ويمحو أخطاءهم. انظر حولك في شوارع مدينتك نهاية كل شهر، ومع نزول الرواتب ستجد مجموعات من البشر تقف خلف ماكينات تملأ زوايا الشوارع ليحصلوا على جزء من أموالهم، وعند حدوث خلل في هذه الماكينات "الصراف الآلي" تنشل حركة المدن. نحن هنا لسنا بصدد الحديث عن مخترع الآلة نفسها، بل عن الشخص الذي ابتكر طريقة آمنة ليتعرف الجهاز على صاحب البطاقة بكل سهولة دون اللجوء إلى طرق معقدة صعبة التنفيذ مثل بصمة العين! فقد اخترع صاحبنا "جيمس جوردفيل" لوحة مفاتيح الأرقام السرية التي من خلالها تُدخل رقمك السري فيتعرف الجهاز عليك! وكان ذلك عام 1966، ولكنه لم يكرم إلا بعد مرور 40 عاما على اختراعه، ولكن أعتقد أننا نكرمه في كل يوم نتجه فيه إلى تلك الآلات. أشياء بسيطة لا نستطيع الاستغناء عنها يقف خلفها أناس عاديون عانوا بعض المشكلات التي دفعتهم لإطلاق أفكار عبقرية خدمت البشرية ولا تزال.
مشاركة :