تحقيقات في غزو داعش للعراق تقترب من الدائرة الضيقة لنوري المالكي

  • 12/28/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيقات في غزو داعش للعراق تقترب من الدائرة الضيقة لنوري المالكيغزو تنظيم داعش لمساحات واسعة من الأراضي العراقية، بدءا من مدينة الموصل، صيف العام 2014، مثّل كارثة كبرى للعراق ما يزال البحث جاريا لتحديد المسؤولية القانونية عن حدوثها في ظلّ وجود جدران سميكة من النفوذ والحصانة السياسية قد تحول دون الوصول إلى المسؤولين الحقيقيين ومحاسبتهم.العرب  [نُشر في 2017/12/28، العدد: 10854، ص(3)]هل يفتدي قنبر قائده المالكي الموصل (العراق) - يخضع قادة عسكريون سابقون في العراق إلى تحقيقات مكثّفة بتهمة التسبّب في سقوط مساحات واسعة من البلاد بأيدي عناصر تنظيم داعش صيف العام 2014، فضلا عن ملفات فساد مالي وكسب غير مشروع أديا إلى ثراء فاحش لدى بعضهم. وتبدو التحقيقات، مرتبطة في جانب منها بالحرب على الفساد التي يرفع لواءها رئيس الوزراء حيدر العبادي، ويدور جدل واسع حول إمكانية تحقيقها لنتائج ملموسة، في ظل تمتّع أكبر رؤوس الفساد في العراق بحصانة ضدّ المحاسبة. وبحسب الكثير من المتابعين للشأن العراقي، فإن قضية سقوط الموصل ومعاناة العراقيين من إرهاب داعش، ذات ارتباطات وثيقة بظاهرة الفساد التي اخترقت مؤسسات الدولة بما في ذلك المؤسسات الأمنية والعسكرية وأضعفتها وأفقدتها القدرة على حماية البلاد وحفظ استقرارها. ويأتي فتح ملّفات كبار القادة العسكريين نتيجة تزايد الضغوط والمطالبات الجماهيرية بفتح ملف غزو داعش للعراق وتحديد المسؤوليات عن المآسي الغامرة التي انجرّت عنه، بدءا من المجازر المروّعة مثل مجزرة معسكر سبايكر التي أودت بحياة حوالي 1700 مجنّد قتلوا بالمعسكر الواقع في محافظة صلاح الدين على أيدي عناصر التنظيم، وانتهاء بتدمير مدن بأكملها وقتل الآلاف من سكانها وتشريد الملايين في أكبر عملية نزوح جماعي في تاريخ العراق المعاصر. ويُنظر بأهمية لفتح ملف هؤلاء الضباط، على أمل أن تكون خطوة باتجاه محاسبة القيادة السياسية المسؤولة عن توجيه الأوامر لهم، حيث تسود قناعة شبه عامّة في الشارع العراقي بأن المسؤول الأصلي عن كارثة سقوط الموصل وما تلاها ليس سوى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي كان يتولّى في فترة غزو داعش للأراضي العراقية، إضافة إلى رئاسة الحكومة، منصب القائد العام للقوات المسلّحة. ومع ذلك تساور الكثير من الأوساط العراقية مخاوف من أن يكون الهدف من محاسبة هؤلاء الضباط، عكس ما هو مأمول، بأن يتَّخذوا أكباش فداء، ويحمَّلوا المسؤولية كاملة، بينما يجري تبييض صفحة المالكي، الذي لا يزال يحظى بنفوذ كبير يستمّده من تغلغل أتباعه في المؤسسات الرسمية بما فيها مؤسسة القضاء، فضلا عن استناده لدعم من كبار قادة الميليشيات الشيعية. وعلمت “العرب”، أن هيئة قضائية رفيعة المستوى، تحقق مع أبرز ضابطين في القيادة العسكرية التي كانت تخضع لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي عندما اجتاح تنظيم داعش مدينة الموصل في التاسع من يونيو 2014.محاسبة القادة العسكريين تعطي أملا بفتح الطريق نحو محاسبة القيادة السياسية المسؤولة عن توجيه الأوامر إليهم وقال مسؤول بارز في السلك القضائي العراقي لـ“العرب”، إن “هيئة النزاهة العراقية تحقق مع كل من علي غيدان وعبود قنبر، أبرز مسؤولين عسكريين خلال الفترة التي سقطت فيها مدينة الموصل بأيدي عناصر داعش”. وكان كلا الرجلين يرتبطان بالمالكي مباشرة ويتلقّيان الأوامر منه. وخلصت معظم التحقيقات التي تركزت حول أسباب سقوط الموصل، والانهيار العسكري الذي تلاه، إلى صدور أوامر واضحة لقادة الجبهات بالانسحاب أمام زحف داعش نحو الحواضر ذات الغالبية السنية. ونصت نتائج بعض التحقيقات على أن هذه الأوامر صدرت من المالكي نفسه، أو من حليفه الأبرز، وكيل وزير الداخلية السابق، عدنان الأسدي. وحاول المالكي أن ينأى بنفسه عن تهمة التسبب في سقوط الموصل، بالرغم من أن رئيس الوزراء العراقي هو القائد العام للقوات المسلحة، وفقا للدستور العراقي. ويقول المسؤول القضائي إن “غيدان وقنبر يخضعان مع نحو 90 ضابطا عراقيا آخر إلى تحقيقات تتعلق بسقوط الموصل وتكريت والرمادي”. وتسبّب سقوط الموصل في انهيار صادم في صفوف المؤسسة العسكرية العراقية. وألقى الآلاف من الجنود سلاحهم وخلعوا الزيّ العسكري وغادروا الوحدات، ما تسبب في وصول خطر تنظيم داعش إلى أسوار بغداد شتاء العام 2014. وسقطت الرمادي، مركز محافظة الأنبار، غرب العراق، في أيدي عناصر داعش في 2015، خلال حقبة رئيس الوزراء حيدر العبادي، لذلك فإن وزير دفاعه السابق خالد العبيدي، يخضع هو الآخر للتحقيق. وتقول المصادر إن “وزير الدفاع في حكومة المالكي الأولى، عبدالقادر العبيدي يخضع للتحقيق في تهم تتعلق بتضخم ثروته”. وتقول المصادر، إن الوزراء السابقين والقادة العسكريين اقتسموا رواتب مئات الآلاف من المقاتلين في القوات المسلحة ممن يعرفون بـ”الفضائيين”، وهم أشخاص مقيّدون في سجلات وزارتي الدفاع والداخلية، لكنهم يتقاضون نصف الرواتب، ولا يحضرون إلى المراكز الأمنية ومختلف مواقع العمل، وليست لهم أي خدمة فعلية في صفوف القوات المسلّحة. وسيكون تجهيز السلاح للجيش العراقي من بين أبرز الملفات التي تلاحق مسؤولين في حكومة المالكي، بينهم رئيس الوزراء السابق نفسه. وتتحدث مصادر في مكتب العبادي عن “صدور أوامر للوحدات العسكرية، بفتح جميع سجلاتها أمام الجهات القضائية التي تحقق في ملف تسليح الجيش العراقي”. وتؤكد مصادر لـ“العرب”، أن “مقربين من المالكي سيدانون في ملف صفقات التسلح في حال استمرت التحقيقات المتعلقة بشأنهم”. وتقول ذات المصادر إن “مليارات الدولارات دفعت لمقربين من المالكي كعمولات لتسهيل صفقات تسليح الجيش العراقي بالكثير من المعدات التي لا يحتاجها أو التي لا تتطابق مع مواصفات سلاحه أساسا”. وتتحدث الأوساط السياسية في بغداد عن إمكانية أن يؤدي فتح ملفي سقوط الموصل وصفقات السلاح إلى إطلاق سلسلة ملاحقات قضائية، ربما تطال المالكي شخصيا.

مشاركة :