نشهد في هذه الأيام مظاهرات واسعة، خصوصاً في بغداد والبصرة، احتجاجاً على مصادقة الحكومة العراقية لاتفاقية خور عبد الله، وعلى الرغم من أن المتظاهرين من أطياف مختلفة من الشعب العراقي، فإنهم أجمعوا على احتجاجهم للإجحاف الذي لحق العراق نتيجة سياسات حكامه الكارثية، خصوصاً بعد ما أعلن وزير النقل الحالي السيد كاظم الحمامي أن العراق قد أصبح -نتيجة هذه الاتفاقية- دولة مغلقة بحرياً، بعد أن تم إنزال العَلم العراقي من فوق صواري السفن المتوجهة إلى أم قصر. علما بأن العراق قد بذل جهوداً كبيرة في حفر وتوسيع هذه القناة على مدى السنوات الكثيرة الماضية، وقد قدمت قناة الحرة عراق في إحدى نشراتها الإخبارية المحلل السياسي الكويتي عايد المانع، الذي طالب الشعب العراقي بعدم التظاهر والاحتجاج على الاتفاقية؛ لكون إقرارها والتوقيع عليها توقيعاً ناجزاً قد تم بتاريخ 22/8/2013، أي في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ووزير النقل آنذاك هادي العامري. وعندئذ بدأت التساؤلات تثور في مخيلتي؛ إذ كيف يمكن التفريط بأرض العراق وحقوقه من دون اعتراض مجلس النواب أو الساسة المشاركين في الحكم، وهم في كل مرة يتشاجرون على مسائل تافهة تحدث بينهم لا تمت إلى السيادة بصلة؟! وتذكرت كيف أن اليهودي العراقي حسقيل ساسون، وهو أول وزير مالية في حكومة العراق عام 1920، كان حريصاً على أموال العراق نتيجة ولائه لوطن اسمه العراق، في حين أن نوري المالكي الذي يدعي تمثيله لشريحة واسعة من الشعب العراقي قد فرط بحق العراق البحري هذا، وجعله دولة حبيسة، بعد أن بدد مليارات الدولارات من خزينة الدولة دون وجه حق، وسلَّم مدناً وأراضي شاسعة إلى تنظيم داعش الإرهابي، وقد كنا نعتقد أن ذلك كان نتيجة غبائه أو عدم خبرته في السياسة أو الإدارة، ولكن الأمر ظهر جلياً بأنه كان يعمل -وما زال- من أجل إسقاط العراق كدولة وشعب، وأنه موكل بمهمة تدمير العراق ومسحه من خارطة العالم السياسية والجغرافية، تنفيذاً لمخططات معدة سلفاً، يساعده في ذلك طاقم من سياسيين تسللوا إلى السلطة بطرق ملتوية كثيرة، ولهم هدف واحد. وما نشاهده الآن من إفلاس الخزينة، وإفقار الشعب، وانعدام الخدمات، وتدمير الصناعة والزراعة، والحرب الأهلية بين أبناء الوطن الواحد، والتفجيرات المختلفة المصادر، كلها خطوات مرسومة سلفاً لتدمير شعب العراق والتفريط بأرضه، وما زال المالكي نائباً لرئيس الجمهورية، وزعيماً لحزب الدعوة الحاكم في العراق، وما زال يثير النزاعات بأفعاله المشبوهة تحت الطاولة، وتصريحاته العدائية، وهو يطمح لولاية أخرى، دون أن يجرؤ أحد على تقديمه إلى المحاكم بتهمة الخيانة العظمى، بعد كل هذه الجرائم التي اقترفها بحق الشعب العراقي وأرضه ومائه وسيادته. أما آن الأوان لهذا الشعب أن يصحو من غفوته وتخديره؛ ليدرك عظم المؤامرة المحاكة ضده، أو يتعظ أولو الألباب لينقذوا ما يمكن إنقاذه من وطن كان يجمعنا اسمه العراق.. ولات ساعة مندم! ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :