كانت «فاطمة» طالبة بقدرات دراسية متواضعة نوعا ما، لذا لم تكن نتائجها الدراسية في المستوى المأمول، رغم الجهود الكبيرة التي بذلت على صعيد مدرستها ووالديها للارتقاء بتحصيلها الأكاديمي، ولكن بعد انتقالها إلى الصف الرابع الابتدائي في مدرستها الجديدة، لمس أبواها تطورا تصاعديا في مستواها في العديد من المواد، وحين بحثا عن سر هذه النقلة النوعية، اتضح لهما قيام المدرسة بتنفيذ مشروع تربوي متميز بعنوان «تعزيز دافعية التعلم».الباحث الأمريكي ديفيد مكليلاند يعرف الدافعية بأنها «محرك الطالب الرئيس لبذل أقصى الجهد لتحقيق أعلى مستويات التحصيل الدراسي، وهي ركيزة أساسية لتطوير العملية التعليمية التعلمية وتحسين مخرجاتها»، مؤكدا أنه إلى جانب دور الأسرة والمجتمع المهم في هذا المجال، فإن على عاتق المؤسسة المدرسية دور محوري في تعزيز دافعية الطلبة للتعلم واكتساب القيم والسلوكيات الإيجابية، من خلال تطبيق استراتيجيات متنوعة، من أهمها: التجديد في مصادر التعلم وطرائق التدريس، واللجوء إلى الحوافز المادية والمعنوية.وإذا ما تطرقنا إلى مدارسنا الحكومية، فلا تكاد تخلو مدرسة من مشروع يستهدف الارتقاء بدافعية الطلبة على الصعيدين الأكاديمي والسلوكي، وسنستعرض في هذا التقرير تجربة ناجحة لكل من مدرسة الاستقلال الثانوية للبنات، ومدرسة القيروان الإعدادية للبنات.بطاقة المكافآتتقول الأستاذة دينا الصادق مديرة مدرسة الاستقلال عن هذا المشروع الذي يستهدف الطالبات في تخصصات التلمذة المهنية: اعتمدنا في مشروعنا على التوجيه والإرشاد النوعي من خلال حصص إرشادية مكثفة، إضافة إلى التحفيز المادي والمعنوي، إذ قمنا بتصميم بطاقة تقييم خاصة بكل طالبة، لاحتساب نقطة لأي ممارسة أو مبادرة إيجابية متميزة منهن على الصعيدين الدراسي أو السلوكي، باستخدام ملصقات تشجيعية، ومن ثم نقيم تكريما دوريا للطالبات الحاصلات على أعلى عدد من النقاط، ونقدم لهن الشهادات والجوائز التقديرية.وتضيف الصادق: لمسنا الأثر الإيجابي للمشروع عبر عدة مؤشرات، منها التطور الملموس في نتائج الطالبات ذوات المستوى المنخفض على وجه الخصوص، فضلا عن النتائج التي أسفرت عنها دراسة علمية أجريناها، تضمنت أدوات قياس متعددة كاستمارة الاستبيان، حيث اتضح دور المشروع الفاعل في انخفاض نسبة المخالفات السلوكية الطلابية، وزيادة التعاون بين الطالبات ومعلماتهن.تميزي في نقاطيويختلف المشروع الذي تنفذه إعدادية القيروان عن مشروع الاستقلال بكونه يركز على تكريم الصف بشكل عام، وعنه تقول الأستاذة وداد الدوسري مديرة المدرسة: بدأنا في تطبيق مشروعنا مع انطلاقة العام الدراسي الماضي، وهو يقوم على احتساب نقاط لكل صف في المدرسة في ضوء التزامه بمعايير المشروع، ومنها: الارتقاء بالتحصيل الدراسي، الابتعاد عن المخالفات السلوكية، المشاركة في تحسين البيئة المدرسية، التفاعل في الطابور الصباحي، الاندماج في العمل التطوعي، بما يسهم في تعزيز روح التعاون والتلاحم والتسامح بين الطالبات.وتشير الدوسري إلى أن المدرسة تقيم حفلاً دوريًا لتكريم الصف الفائز بأعلى نسبة من النقاط، وأن نتائج المشروع الإيجابية متعددة، ومنها ما أثبتته الاحصاءات من ارتفاع في معدلات تحصيل الطالبات في المواد كافة، والأساسية منها على وجه الخصوص، وتراجع نسبة المخالفات السلوكية، ونسبة غياب الطالبات، وتميز أنشطتهن وتنوعها في الطابور، وإقبالهن على العمل التطوعي الجماعي.
مشاركة :