القاهرة: «الخليج»الموسيقى في أصلها فن سمعي، تستقبلها الآذان، ومنها تسري إلى البدن والوجدان والإحساس، وهي متعة وجمال يحتاج إليهما الإنسان كثقافة فنية لازمة.والعناصر التي تصنع منها الموسيقى في الغرب والشرق هي الآلات المستخدمة، كيف صنعت وتطورت مثل الكائنات الحية؟ وما قدرة كل منها ودورها في الأوركسترا أو في التخت العربي أو الفرقة الموسيقية، سواء كانت تقليدية أو شعبية أو مستحدثة؟ وكما يقول محمد قابيل في كتابه «مدخل في الموسيقى»، فإن التاريخ الموسيقي يحرك الخيال الواعي كما تحركه الوردة بأريجها، والألوان بكل درجاتها، وهي بذلك تشترك مع الموسيقى الحية التي تحمل الإنسان إلى عالم مخملي واسع، يسرح بفكره في دنيا الخيال والجمال.وتاريخ الموسيقى يساعد على حبها، ويرفع درجة تذوقها، وتقاس حضارة الشعوب بمدى فهمها للموسيقى وحبها وتقديرها، خاصة الكلاسيكي منها الذي استقرت قيمته، وقاومت الزمن.يرى قابيل أن اصطلاح «الموسيقى الشرقية» لا يعبر عن موسيقانا العربية، فالشرق المقصود هنا هو دور منطقة الشرق الأوسط، وربما الأقصى، وقد تتفق موسيقانا العربية في بعض الخصائص مع موسيقى دول وأمم أخرى كالهند، أو حتى تركيا التي نقلنا عنها الكثير من الأشكال الموسيقية والغنائية، لكن من الخطأ أن نجمع موسيقات هذه الدول مع موسيقانا، تحت عنوان واحد هو «الموسيقى الشرقية».وفي مدخل خاص بالموسيقى الأوروبية، يؤكد المؤلف أن علم الموسيقى من أجمل ما تركته الحضارة اليونانية القديمة للإنسانية، إنه غذاء للنفس، وقد ورد الكثير عنها في كتابات الفلاسفة أمثال أفلاطون وأرسطو وبعض المؤرخين اليونان، والإلمام بالنظريات في الموسيقى اليونانية هو المدخل لفهم الموسيقى في العصور الوسطى، والسبب فيما وصل إليه الأوروبيون في موسيقاهم من تطور ومقدرة على التعبير باللحن.وإذا كانت المعجزة الموسيقية قد صنعتها حضارة اليونان في الموسيقى الأوروبية، فإن المعجزة الثانية قد ظهرت في تحويل الموسيقى من فن اللحن المنفرد المعبر، إلى بناء شامخ من التمثيليات الغنائية، الأوبرا والتمثيليات الدينية والسيمفونيات وكونشيرتو الرباعيات الوترية، تشارك في أدائها أصوات آدمية، وآلات بلغت غايتها من التطور، تعبر عن أعمق خوالج البشر وتسمو إلى مراقي الفلسفة.
مشاركة :