بعد عامين من النمو السلبي، وأربع سنوات من التباطؤ، شهد اقتصاد أمريكا اللاتينية تعافياً في عام 2017، ويتوقع الخبراء أن الاتجاه التصاعدي سيستمر في عام 2018.وانكمش الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بنسبة 1.2 في المئة في عام 2016، بيد أن مؤسسات مالية مثل «بانكو بيلباو فيزكايا أرجنتاريا، تتوقع زيادة بنسبة 1.1 في المئة في عام 2017، ونمواً بنسبة 1.6 في المئة في العام التالي.ويتخذ مؤشر «فوكس إيكونوميكس»، ومقره برشلونة، ويقدم توقعات وتحليلات اقتصادية ل 127 بلداً، نظرة أكثر تفاؤلاً بشأن النمو الإقليمي في المستقبل، متوقعاً زيادة بنسبة 2.4 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي في 2018، و2.7 في المئة في عام 2019.وقالت الشركة، في أحدث تقاريرها، إنها تتوقع «انتعاش ثقة المستثمرين في المنطقة»، من أجل تحفيز الاستهلاك والاستثمار الخاص بشكل كبير في العام القادم.ولفتت إلى أن صادرات المواد الخام «ستستفيد أيضاً من ارتفاع الأسعار العالمية».وذكر بنك التنمية للبلدان الأمريكية أن الصين لعبت دوراً رئيسياً في الانتعاش الاقتصادي في أمريكا اللاتينية في عام 2017، حيث زادت الصادرات الإقليمية إلى العملاق الآسيوي - أكثر أسواقها ديناميكية - بنسبة 30 في المئة.وقدر لويس كويجس، رئيس قسم اقتصادات آسيا في «أوكسفورد إكونوميكس»، بأنه حتى لو كانت التجارة العالمية ستشهد تباطؤاً طفيفاً في عام 2018، فإن النمو الإقليمي سيظل قوياً بفضل التوسع المتزامن للاقتصادات الرئيسية مثل الصين.كما ساعد الدولار الأمريكي القوي على تحفيز اقتصادات أمريكا اللاتينية، وكثير منها من كبار المصدرين إلى الولايات المتحدة، وفي مقدمتها كل من الأرجنتين والبرازيل وشيلي وكولومبيا والمكسيك وبيرو، وهي مجموعة دول تطلق عليها وكالة التصنيف الائتماني «ستاندرز أند بورز» اسم «لاتام - 6». وقالت «أوكسفورد إكونوميكس»، إن دورة السلع الفائقة ودورة الدولار منخفض القيمة المرتبطة بها شكّلتا دفعة غير مسبوقة للمنطقة.وتابعت «أوكسفورد إكونوميكس»، وهي شركة استشارية عالمية مرتبطة بجامعة أوكسفورد، أنها تعتقد أن عام 2017 شهد بداية عملية «التقارب» نحو نمو أقل حماساً، ولكن أكثر استدامة في المنطقة.ويرى بيدرو تويستا، وهو خبير اقتصادي في «كونتينوم إكونوميكس»، وهي شركة أبحاث اقتصادية مستقلة رائدة، أنه مع اقتراب عام 2018، سيكون النمو الإقليمي مواكباً للنمو الاقتصادي العالمي للمرة الأولى منذ عدة سنوات. التحديات المقبلة ومع ذلك، لا تزال هناك عقبات تعترض النمو، بما في ذلك استمرار التقلبات في الأسواق المالية العالمية، وأكثر من ذلك على الصعيد المحلي، الانتخابات القادمة في العديد من دول أمريكا اللاتينية، التي يمكن أن تؤخر تنفيذ مشاريع الهياكل الأساسية الرئيسية.وحذر تويستا من أن انتخابات العام القادم في بعض أكبر اقتصادات أمريكا اللاتينية مثل البرازيل والمكسيك قد تؤثر في الأداء الاقتصادي الإقليمي.وقال لوكالة أنباء ((شينخوا)) من واشنطن، إن «أكبر المشاكل يمكن أن تكون التغييرات السياسية التي تؤثر في السياسة الاقتصادية، والتي هي أكثر تعقيداً في أمريكا اللاتينية».وأضاف أن أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، وهو البرازيل، قد يشهد نمواً اقتصادياً بنسبة 2.2 في المئة بعد تسجيله زيادة بنسبة 0.8 في المئة في عام 2017.على الرغم من أن الاقتصاد البرازيلي أظهر أخيراً علامات انتعاش بعد «أسوأ ركود في التاريخ الحديث»، فإنه يواجه العديد من التحديات المقبلة، ولا يزال بحاجة إلى معالجة بعض الاختلالات في الاقتصاد الكلي، وفقاً ل«فوسكو إيكونوميكس».وباعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، تكافح المكسيك في ظل عنصرين يخلقان حالة من عدم اليقين: مفاوضات تعديل اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية «نافتا» والانتخابات الرئاسية في يوليو/ تموز 2018.وفي حين أن بقية المنطقة «بدأت بالكاد» في رؤية انتعاش، فإن المكسيك يمكن أن تنمو بمعدل 2.3 في المئة في عامي 2017 و2018، حسبما ذكرت «أوكسفورد إكونوميكس» في تقرير لها نشرته في 22 ديسمبر/ كانون الأول.وبينما ندخل في عام 2018، فإنه على الرغم من التعافي العالمي، لا تزال أمريكا اللاتينية متأثرة، على ما يبدو، ب«نمو منخفض نسبياً، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل عقد من الزمان»، على الرغم من أن شيلي وكولومبيا والبرازيل قد تشهد تسارعاً، طبقاً لما ذكرته «ستاندرز أند بورز» في تقريرها الأخير.وقالت وكالة التصنيف، إن الانتخابات في المنطقة ستظهر كيفية استجابة هذه الدول، خلال فترات عدم اليقين، وخاصة بما يتعلق ب«كيفية إدارة ماليتها العامة». (شينخوا)
مشاركة :