توقع المسؤول الليبي السابق أحمد قذاف الدم أن يكون سيف الإسلام القذافي، نجل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، الأوفر حظاً لقيادة ليبيا في حال إجراء «انتخابات نزيهة»، مشدداً في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية، على أن هذا لن يكون معتمداً على قوة عائلة القذافي والتحالفات، وإنما لأن الليبيين «سئموا» من فشل القيادات التي تناوبت السلطة منذ سقوط نظام حكم العقيد عام 2011. وذكرت الوكالة الألمانية أنه على رغم إعرابه، في المقابلة، عن تقديره للدور الذي لعبه المشير خليفة حفتر، المعين من قبل مجلس النواب قائداً عاماً للجيش الوطني، والإنجازات التي حققها على الأرض، فإن قذاف الدم شدد على أن حظوظ سيف الإسلام ستكون الأعلى إذا ما كانت هناك «انتخابات عادلة». وأوضح: «نفوذ حفتر مقصور على المنطقة الشرقية، أما في المنطقة الغربية والجنوبية فنعتقد أنه لا يملك هناك الكثير... والحديث عن تعويل على دعم خارجي لا يجدي لأن الليبيين يعدون هذا تدخلاً في شؤونهم». واستبعد قذاف الدم ما يتردد عن حدوث صفقة ما بين الأمم المتحدة وحفتر جرى بمقتضاها دفع الأخير إلى الموافقة على إجراء الانتخابات، مقابل استبعاد أي شخصية لا يرضى عنها من الترشح للرئاسة، كما استبعد أيضاً أن يحسم حفتر الأمر عسكرياً إذا ما فشل الخيار السياسي، وقال إنه يعتقد أن المشير «لا يملك القوة العسكرية الكافية لذلك». وأبدى قذاف الدم (65 عاماً) انتقاداً واعتراضا كبيرين لتصريحات المبعوث الأممي لليبيا غسان سلامة أخيراً في شأن رفض الحوار مع سيف الإسلام لكونه مطلوباً دولياً، واعتبر أن هذا «نوع من الإخلال بالعدالة». وتساءل: «ما موقف السيد سلامة من الجرائم التي ارتكبت ليس فقط بحق مؤيدي نظام القذافي وإنما أيضاً بحق جماعات عريضة من الشعب الليبي، وهي معروفة وموثقة... تلك الجرائم ارتكبتها قيادات لا تزال موجودة بالساحة والأمم المتحدة تتحاور معها... فلماذا هذه الازدواجية؟». واعتبر أن الاتهامات التي وجهت إلى سيف الإسلام «غير مدعومة بأي دليل مادي، وأغلبها جاء في إطار الانتقام وتصفية الحسابات». وأردف: «الليبيون هم من طرحوا احتمالية ترشح سيف الإسلام، لشعورهم بأنه قد يكون الحل للنجاة من الفوضى... أما هو فلم يتحدث بنفسه، باعتقادي (أنه) إذا رأى أن المناخ ملائم سيترشح، وحينها لن يحصل فقط على أصوات من مؤيدي نظام القذافي وإنما أيضا على أصوات قطاع كبير من الليبيين ممن سئموا كل الوجوه السياسية التي مرت على البلاد منذ 2011 وساهمت في تدهور أوضاعها... ونحن وهؤلاء نشكل 70 في المائة تقريباً من الشعب: أي غالبية». وأعرب قذاف الدم عن اعتقاده «بأن قطاعات ليبية عدة قد أدركت أن مطالبتهم بالتغيير عام 2011، وهي حق مشروع بسبب أخطاء لا ينكرها أحد خلال حكم القذافي، قد جرى توظيفها لخدمة أجندات خارجية تستهدف في مجملها إفشال دولتهم ونهب ثرواتها عبر إدامة الصراع بها». وفيما يتعلق بحظوظ شخصيات أخرى كرئيس الوزراء السابق محمود جبريل ورئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، قال قذاف الدم: «الصندوق هو الحكم بين الجميع... ولكننا نتعجب من وجوه تعاملت مع ليبيا كحقل تجارب ورغم فشلها فإنها لم تتوارَ وإنما ترغب في العودة للسلطة، أما السراج فهو بوضعية صعبة بعد انتهاء المدى الزمني لما يعرف باتفاق الصخيرات... ونعتقد أنه قد لا يفكر بالاستمرار». ورهن قذاف الدم قدرة المبعوث الأممي على تنفيذ خطته بتنظيم الانتخابات بوجود إرادة دولية تسعى فعلياً إلى استقرار ليبيا، مشيراً إلى أن ضعف الإقبال على التسجيل بمفوضية الناخبين ليس ناجماً عن مخاوف من الأوضاع الأمنية المضطربة بقدر ما يعكس عدم ثقة الليبيين بالغرب والأمم المتحدة. وقال: «المبعوثون قبل سلامة هدفوا إلى إدارة الصراع عوض إنهائه... الحلول كانت كثيرة أمامهم كالعمل على توحيد القوات المسلحة ودعمها، أو كف يد دول كقطر والسودان وتركيا عن تأجيج الصراع بكل وسيلة، وفي مقدمتها العمل على إعادة شرعنة جماعات الإسلام السياسي بإشراكها في الصخيرات وغيرها رغم فشلهم في آخر انتخابات تشريعية». ولمح إلى وجود مؤامرات خارجية لإبقاء البلاد منقسمة كما هي الآن، وقال مستنكراً: «يتم يومياً نقل المئات من عناصر تنظيم داعش ممن فروا من سوريا والعراق، بعد تآكل تنظيمهم هناك، إلى ليبيا، وتحديداً بالمناطق الحدودية مع تونس... ما الهدف من ذلك؟ هل يهدفون بذلك إلى استقرار ليبيا أم وصمها بالتطرف ثم إعلان تحالف عسكري دولي لتحريرها من قبضة الدواعش، وما يتبع ذلك من استمرار استنزاف الثروات وإعادة خريطة تقاسم النفوذ والقواعد العسكرية». وأضاف: «يريدون قاعدة بالساحل لتأمين جنوب المتوسط ضد الهجرة غير الشرعية وأخرى بالجنوب لمراقبة دول جنوب الصحراء، وثالثة لاستهداف ومعاقبة أي دولة جوار ليبي ترفض السير في فلك سياسات تلك القوى الدولية كمصر وتونس أو الجزائر بعمليات إرهابية ينفذها الدواعش».
مشاركة :