وليد العبدالله ومشاري الخلف | اتّفق المشاركون في ندوة القبس تحت عنوان «الأبحاث العلمية والشهادات الوهمية»، على ضرورة التصدّي بكل حزم للمخالفين والمتلاعبين بالشهادات الجامعية والابحاث العلمية، لما له من تأثير سلبي في مصداقية مؤسساتنا التعليمية وجودتها التدريسية وسمعتها الأكاديمية، مبدين استياءهم من استمرار ملف الشهادات الوهمية مفتوحا منذ سنوات من دون كشف الجهات المعنية للحقائق وإظهار الأسماء وإيقاف المدانين، ناهيك عن استمرار بعض التجاوزات والسرقات في الأبحاث العلمية. وبينما كشف أمين سر الجمعية الكويتية لجودة التعليم د.هاشم الرفاعي ان تقرير لجنة تقصّي الحقائق في فحص شهادات أعضاء هيئة التدريس بــ «التطبيقي»، أشار الى ان نحو 682 عضواً بالهيئة لم يقدّموا بياناتهم، في حين أكدت النائبة السابقة د.سلوى الجسار، وجود تجاوزات ومخالفات في بعض الترقيات والبعثات والتعيينات، وعدم التعامل بمسطرة واحدة مع الجميع، داعية إلى ضرورة محاربة الشهادات الوهمية. بدوره، كشف أستاذ علم الاجتماع في جامعة الكويت د.يعقوب الكندري، عن سرقات لأبحاث علمية خلال عمله رئيسا لأحدى المجلات وتم اتخاذ إجراءات بحق المتلاعبين، في حين أوضح عضو هيئة التدريس بكلية التربية في جامعة الكويت د.فايز الظفيري أن توجّه بعض الأساتذة الى نشر أبحاثهم في مجلات علمية متواضعة، تناسب قدراتهم بدلا من الذهاب إلى المجلات المرموقة والمتميزة. وفي ما يلي تفاصيل الندوة: • ما رأيكم في انتشار ظاهرة نشر أبحاث علمية في مجلات مشبوهة من أجل الترقية؟ ــــ الجسار: هذه القضية تعتبر من المواضيع المهمة التي ترتبط بشكل مباشر بجودة التعليم والمستوى الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس، ذلك ان نشر الأبحاث يرجع إلى الشخص نفسه وضميره، وقوة الجامعة تكمن في قوة نشر البحوث بمجلات علمية مرموقة ومعترف بها، وإلا فإنها سيعتريها الشك في صحتها، لا سيما التي تتعلّق بالترقيات وغيرها. أضف إلى ذلك، اننا افتقدنا مؤخرا سلامة إجراءات نشر البحث العلمي، وهناك كثير من المجلات العالمية المعتمدة تتبع منظمات عالمية، مضى عليها نحو 100 عام ويمكن للباحثين النشر بها، لكن مع الأسف بعضهم يبحث عن السهل من دون التحقق من جدية المجلة إن كانت مشبوهة أم لا. وفي تقديري، فإن سرقة الأبحاث العلمية والنشر في مجلات ضعيفة أو غير محكمة ووهمية أمر ليس بالجديد على الساحة الأكاديمية، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: لماذا أصبحت السرقات والأبحاث العلمية واضحة بشكل كبير؟ أؤكد ان ذلك يتطلب التكاتف من الجميع لمحاربة هذه الآفة الخطيرة؛ من الحكومة وأعضاء مجلس الأمة، والمؤسسات الأكاديمية. ــــ الكندري: بحكم عملي رئيسا لإحدى المجلات العلمية، جاءتني أبحاث مسروقة، وعند اكتشافي للأمر لم تكن هناك إجراءات رادعة، كأن يتم إبلاغ الباحث ومنعه من النشر نهائيا، وأغلب الحالات التي اكتشفناها كانت من خارج الكويت، وللأمانة أقولها لم تأتِني، ولم أكتشف اي حالات من الداخل، وقد تكون متواجدة ولم نلحظها، فنحن مجتمع بشري لا ملائكي لا يخطئ. ــــ الرفاعي: هناك أعداد كبيرة من كليات «التطبيقي» لا يهتم اساتذتها بآلية نشر البحوث في مجلات علمية مرموقة، بل يبحثون عن أسهل طرق الترقية السريعة، وقد أسفر ذلك النهج عن تظلمات وشكاوى كثيرة، لا سيما في كلية الدراسات التجارية وكلية التربية الأساسية، شكّكت في وجود شبهة أبحاث مسروقة، وتم تشكيل لجان تحقيق وتمت الإدانة، ولكن مع الأسف لم نجد قرارات صارمة. وعلى سبيل المثال، لدينا مسؤول يريد ان يترقّى بمسماه ومنصبه، فتم تشكيل لجنة وعقدت اجتماعا بقسم الإدارة لمراجعة أبحاث المتقدمين، وتبيّن أن المسؤول المعنيّ تقدّم ببحث في الزراعة! فما علاقة تخصص الإدارة بتخصص الزراعة؟ وأتوقع ان تتم ترقيته وحصوله على مراده، لأن اغلب أعضاء اللجنة زملاؤه. ــــ الظفيري: حان وقت العمل بجدية، فإذا كانت هناك سرقة مباشرة يجب وقف صاحبها والتعامل معه بجدية، لا سيما في الجانب المتعلق بالبحث العلمي المبني على الترقيات، لأن ذلك يؤدي الى «تأهيل» كادر غير أمين على تنفيذ السياسات العامة والبلاد، ومصلحة المؤسسات التعليمية. وأشير هنا، الى ان الشخص الذي يسرق بحثا مثلا ويقدم عذرا على ذلك، يجب ألا يُقبل منه مطلقا، فالجهل بالقانون ليس عذرا، وأكاديميات وأخلاقيات البحث العلمي تتم دراستها من خلال السنة الأولى للتحضير قبل الدكتوراه والماجستير، والباحث يكون على علم بها، وبالتالي لا يمكن ان يتعذّر بمثل ذلك الصنيع. قيادي متلاعب • كيف تنظرون الى الشكاوى التي يقدم عليها بعض الأساتذة، تجاه «سهولة الإجراءات» الخاصة بالترقيات في المؤسسات الأكاديمية؟ ــــ الجسار: الإجراءات المعمول بها في جامعة الكويت و«التطبيقي»، بخصوص نشر البحوث العلمية في مجلات لا كيان لها، تعود إلى سوء إجراءات مسبقة، تقترفها لجان الترقيات والتحكيم، فبعض اعضائها انحرف عن الأسلوب العلمي والموضوعي، وأقولها بكل صراحة من خلال خبرتي العملية: حصلت قصة تتعلّق بشخص تقدّم للترقية ونشر بحثه في مجلة الكترونية فتمت ترقيته، وفي العام الذي يليه تقدم شخص آخر للترقية واتجه للنشر بالمجلة ذاتها، لكن رد لجنة الترقيات اختلف؛ وقالوا له: أنت غير مقبول، لأنك نشرت في مجلة إلكترونية! والسؤال الآن: ماذا عن ترقية زميله الذي نشر بالمجلة ذاتها سابقا؟ وكيف تمت الموافقة عليه وقبول بحثه وترقيته؟ هذه الحادثة تؤكد مدى الانحراف، وعدم التعامل بمسطرة واحدة مع الجميع، وللتوضيح: من يريد الترقية ويبحث عن مجلات علمية مرموقة ومحترمة لنشر بحثه يتطلب هذا الأمر مدة زمنية تتراوح بينن سنة وسنتين، وقد تصل الى 3 سنوات، ومن الممكن يأتي الرد بأن البحث غير مقبول في النهاية. ــــ الكندري: من ينشر أبحاثه في مجلات سهلة، يضر نفسه وسمعته، حتى اذا كان الأمر شخصيا. فالباحث هو المسؤول عن النشر ومغزاه، فإن كان من اجل الترقية الوظيفية؛ فأشدد على ضرورة إحكام الرقابة وتطبيق اللوائح، ومن الضروري الحرص على اختيار مجلات مرموقة، فقوة المؤسسة التعليمية وتصنيفها يعتمدان بشكل أساسي على نشر البحوث في مجلات علمية معتمدة ومرموقة ولها سمعة أكاديمية وعالمية، وعلى هذا الأساس فإن نشر أساتذة بحوثهم في مجلات سهلة او مشبوهة يتسبّب في إضعاف المؤسسة التعليمية التي ينتمي اليها، أي لا يقتصر التأثير فيه شخصيا فقط. ــــ الرفاعي: مما يؤسف له ان تشكيل بعض لجان الترقيات والنظر في البحوث، تُنشأ وتُدار أعمالها بناء على الزمالة والصداقة «هذا زميلنا يجب أن نمرر ترقيته!»، والمصيبة الكبرى أن أحد الأقسام هو الذي يأتي بالمجلات العلمية للأستاذ الذي يريد الترقية، ويوافقون عليها، حتى وهي ضعيفة او مشبوهة. وقد قابلت وزير التربية السابق د.محمد الفارس مرةً وشرحت له ترقية احد القياديين بطريقة مشبوهة، وقام بإيقافها، مما يؤكد وجود تلاعب، كما انه يتم اختيار أعضاء لجان الترقيات بأسماء محددة بهدف تمرير ترقيات بطرق ملتوية ومخالفة للوائح، وأؤكد ـــ مع الأسف الشديد ـــ أن «التطبيقي» يختلف تماما عن جامعة الكويت، فليست هناك رقابة ومتابعة وفحص وتدقيق من بعض الأقسام العلمية على الأبحاث المقدمة للترقية. ــــ الظفيري: هناك علامات استفهام كثيرة بشأن بعض الترقيات والأبحاث المشبوهة، وبات من الضروري تطبيق الصرامة اللائحية بشكل أقوى للارتقاء بمؤسساتنا التعليمية، والحفاظ على سلامة الأبحاث العلمية وليحصل المستحقون ـــ فقط ـــ على الترقيات، لا المخالفون والمتلاعبون. الترقية بـ«ألو»! • في تقديركم، هل هناك تدخّلات من أساتذة في اختيار المحكمين؟ ــــ الجسار: سمعت قصصاً من زملاء عن تدخّلات من أساتذة في أعمال محكمين، وهؤلاء يبحثون عن سرعة ردود المجلات والنشر؛ فقضية نشر البحوث في 3 أيام أو شهر اغلبها مشكوك في صحتها وصدقية المجلة، فالبحث يمر بمراحل عدة، أولها لجنة الترقيات من القسم العلمي ومن ثم عمادة الكلية، وأخيراً مجلس الجامعة الذي يفترض أن يكون دقيقا بمراجعة نشر البحوث المتقدمة من الأساتذة بهدف الترقية. ومن المشاكل المستفحلة: تشكيل لجنة ترقيات تكون لخدمة شخص بعينه بهدف تمرير ترقيته من دون الاهتمام بجودة البحث وكيفية نشره، ويرجع السبب الى أن المتقدم للترقية تربطه بأعضاء لجنة علاقة اجتماعية أو سياسية أو مصالح أخرى، وهذا الأمر خطير ويدمّر التعليم؛ لذا يجب القضاء على ظاهرة الترقية التي تكون عن طريق «ألو»! وهناك شكاوى كثيرة في هذا الخصوص. ــــ الكندري: للأمانة، عملية التحكيم تتم بسرية تامة والباحث لا يعرف التواصل مع المحكّم، وهذه تعتبر أمانة، وغالبية الكليات في الجامعة تعمل بهذا النهج، ولا استطيع أقول هناك رشى للمحكمين، وان وجدت فهذه حالات شاذة، وأود التأكيد ان النشر في المجلات العلمية بالكويت عليه رقابة صارمة في تطبيق اللوائح وسرّية المحكّمين، وغير ذلك. ــــ الرفاعي: هناك واقعة حصلت، تتمثّل في تقديم أحد المسؤولين بحثا أنجزه عن طريق جامعة في السودان، اتضح أنها غير معتمدة من التعليم العالي والجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي، والسؤال: كيف يعمل بحث بجامعة غير معتمدة؟ والاهم من ذلك: كيف ستكون مجلاتها العلمية؟ والغريب أن لجنة الترقيات تعلم بذلك! قدرات متدنية • وما تفسيركم لمثل هذا التوجّه الذي يجعل أساتذة يغامرون بالنشر في مجلات علمية مشبوهة؟ ــــ الظفيري: السبب سهولة نشرها وقلة شروطها ومتطلباتها، ولأنها تناسب قدراتهم وأبحاثهم، لكونهم لا يستطيعون تحقيق متطلبات المجلات العالية بمستواها، وهم يبحثون عن الترقية بنشر الأبحاث، وبالتالي يبحثون عن أي مجلة تنشر لهم مهما كان مستواها، والمشكلة ان هناك أساتذة لا يبذلون الوقت الكافي لإجراء أبحاثهم، ويريدون انجازها بأسرع وقت واقل جهد، وانا أرى ان المجلات التي لا ترقى الى الطموح والجودة العالية تزايدت مؤخراً، بعد الانتشار التكنولوجي وظهور كثير من المجلات الالكترونية، فهناك أشخاص جالسون بغرفة يعملون مجلة الكترونية ويضعون أسعارا وينشرون أبحاثا. كما نجد مجلات علمية تتيح للباحث اختيار محكم بحثه، وذلك أيضا غير مقبول ويعتبر إخلالا بأحد المعايير الأساسية لتحكيم الأبحاث وهو السرية، وأرى ضرورة انشاء لجنة مركزية لمتابعة الأبحاث والترقيات بالمؤسسات التعليمية، ونحن نقدر الجهد الذي يبذله قطاع الابحاث في الجامعة الآن، الذي يعمل بجهد بالتحكيم واختيار المجلات العلمية لنشر الأبحاث لا سيما الممولة من قبله، مع دفع الباحثين لاختيار مجلات مصنّفة عالميا لنشر أبحاثهم. ــــ الكندري: لا بد ان تكون هناك لوائح صارمة لمن التلاعب في الأبحاث العلمية، وبكل تأكيد إذا لم تكن في اي مؤسسة تعليمية ضوابط مناسبة ستحدث مشاكل في النشر، اذا كان مسموحا للأستاذ بنشر بحثه في أي مؤسسة من المؤسسات، ومن الواجب متابعة المجلات العلمية وتقييمها واختيار الأفضل، والأنسب منها حتى نحقّق الهدف المنشود من البحث والنشر بالمجلات العالمية والمرموقة وليس المتدنية والسهلة. ــــ الجسار: من الواجب الاهتمام بنشر الأبحاث العلمية لأعضاء هيئة التدريس في مؤسساتنا التعليمية، ومنع أي أساتذة من الممكن ان يستخدموا أساليب مخالفة او ممنوعة؛ كالسرقة العلمية وما شابه، لان ذلك يؤثر في البقية، فمن الممكن ان يصل الأمر إلى ان يتوجه أي دكتور لمجلة مرموقة لنشر بحثه العلمي ان تمتنع عن النشر للباحث إذا علمت بوجود سرقات في بلاده من قبل آخرين، لان ذلك قد يؤثر في المجلة وسمعتها، وتأثير سرقة الأبحاث العلمية يطول الكثيرين بمن فيهم الهيئة التدريسية والسمعة الأكاديمية والمشاركات العالمية، وكذلك المجلات العلمية، ولا بد من التصدّي لذلك بالمتابعة والرقابة والضوابط، ومنع اي تلاعب او خداع. لجنة مراقبة • ما الحل، في نظركم، للقضاء على ظاهرة الأبحاث والمجلات العلمية المشبوهة؟ ــــ الكندري: أرى ضرورة إنشاء لجنة مركزية لمراقبة الأبحاث، كما يجب تعديل لائحة الترقيات والتغيّر فيها لتكون أكثر صرامة ولمصلحة الجميع، خصوصا الجامعة، فمن خلال خبرتي العملية أرى أن لجان الترقيات بالكلية والعمادة تحتاج «غربلة». ــــ الجسار: لا أؤيد وجود لجنة مركزية عامة للبحث العلمي، فنحن دولة صغيرة بها مؤسستان تعليميتان هما جامعة الكويت و«التطبيقي»، والصرامة في رقابة البحوث تعتمد على رئاسة القسم والعمادة ومجلس الجامعة، وبرأيي فإن انشاء هيئة للبحث العلمي فكرة غير موفقة، فخلال الأعوام الـ 25 الأخيرة ترجمت الحكومة فشلها في التعامل مع كثير من القضايا بإنشاء هيئات حكومية لترضية أشخاص بعينهم وتعيينهم وكلاء وزارة من دون وجود حلول ومعالجة حتى وصلت حال البلد ببعض المرافق إلى ألا تلبّي طموح المواطن، وفي حال أنشئت لجنة مركزية للأبحاث والترقيات لمراقبة الجودة بشكل عام، يجب أن يكونوا متفرّغين للعمل بهذه الهيئة، وليس الانشغال بالتدريس وأعمال أخرى، ليكون هناك تركيز وتكون المراقبة الصارمة مع شرط الابتعاد عن التدخلات والواسطات. ــــ الظفيري: أرى ضرورة وجود لجنة مركزية، للبحث العلمي وتكون مستقلة بعملها وذات صلاحيات، وهذا الأمر بحاجة إلى دراسة جدية من أشخاص أكاديميين وعرضها على البرلمان ووزارة التعليم العالي، شريطة ان يقودها ذوو خبرة علمية أكاديمية لإيقاف زحف الأبحاث المشبوهة والترقيات المشكوك في صحتها، وتختص بمتابعة إجراءات تنفيذ البحث العلمي وإجراءات الترقية المصاحبة له. فساد علني! • كيف تقيّمون ملف «الشهادات الوهمية» الذي قيل فيه كثير في الفترة السابقة؟ ــــ الكندري: لا بد من الاشارة الى ان هذا الملف سبق ان شكّل وزير التربية السابق د.بدر العيسى، لجنة للتحقيق في ما يحيط به من ملابسات، سواء في جامعة الكويت أو في «التطبيقي»، وهي مبادرة يشكر عليها العيسى، إلا ان المشكلة ان الموضوع يدور منذ 3 سنوات في قالب اللجان، ولا نعلم من المستفيد من عدم انتهاء الأعمال وإصدار التقارير وظهور المعلومات؟ ومن العجب ان اللجنة تم التمديد لها مرات عدة، واعطاء تواريخ مختلفة عن مواعيد انجاز أعمالها، والناس ينتظرون من موعد إلى آخر، وأرى ان علينا ان نتعامل مع تقرير الشهادات الوهمية بمضمونين: الأول ثوري بإظهار الحقائق والمعلومات ليعرف الناس الحقيقة عن الأعداد والأنواع والأسباب وغير ذلك، والثاني: مضمون هادئ بحيث لا يأخذ الموضوع ضجة كبيرة بشكل يؤثر في مؤسساتنا التعليمية، وأعني ان يتم علاجه بصورة صحيحة وسليمة وقانونية سريعة، لأن هناك ضيق شديد من استمرار الملف وعدم معرفة النتيجة، لا سيما من قبل أكاديميين لما لذلك من تأثير في سمعتهم وسمعة مؤسساتهم التعليمية. ــــ الرفاعي: كنت عضواً في حملة مكافحة الشهادات الوهمية، وأصبحنا جمعية مشهرة بمسمى الجمعية الكويتية لجودة التعليم، وطبعا أصحاب الشهادات الوهمية ينطبق عليه المثل القائل «اللي على رأسه بطحة يحسس عليها»، فأنا أعرفهم في «التطبيقي» واحدا واحدا، ووزير التربية الأسبق د.بدر العيسى عندما تحدّث قبل أسابيع معدودة عن 400 شهادة وهمية في «التطبيقي» اتصلت عليه، وقلت له أنت وزير سابق وشكلت لجنة ونعرف أنها أعطتك تقريرا يبين أن نحو 682 لم يقدموا بياناتهم، وأؤكد لك أن هناك قياديين كثيرين تخرجوا في جامعة غير معترف بها! ووزير التربية السابق د.محمد الفارس أصدر قرارا أبطل بموجبه 8 قرارات تعيين وترقية لحاملي شهادات وهمية واحالتهم إلى النيابة. ــــ الجسار: علينا البحث عن السبب الذي أدى الى تفاقم حجم الشهادات الوهمية وأصحابها في البلاد، فعددهم وفق لما أكدته «جودة التعليم» 682 شهادة ما بين وهمية وزائفة، والملف وصل الى أدنى مستويات «الفساد العلني» بتأييد من الحكومة، فاليوم ديوان الخدمة المدنية لديه قانون واضح بعدم جواز التحاق أي موظف بمؤسسة تعليمية وهو على رأس عمله، وهناك من حصل على الإجازة الجامعية وهو على رأس عمله، وبالتالي كيف تتم معادلة أصحاب تلك الشهادات في البلاد؟ فتواجد اي طالب في مقر الجامعة أمر ضروري للحصول على الشهادة، فالهدف من ذلك ان يختلط بخبرات ويشترك بأبحاث ويحضر مقررات ويكتسب معلومات وإمكانات، ولا يمكن ان يحصل على شهادة من جامعة ببلد، وهو في بلد آخر. ــــ الظفيري: «الشهادات الوهمية» أمر لا يمكن السكوت عنه او التأخّر بشأنه، ويجب تكاتف الجميع للقضاء على آفته المهددة لمستقبل البلاد، ولا بد من اتحاد المجتمع والمسؤولين والمؤسسات التعليمية في محاربة هذه القضية وعدم السماح بانتشارها او قبول أصحابها، وعن نفسي فإنني أؤيد إعلان الأسماء كما حدث في أميركا، عندما تم الإعلان عن المؤسسات التي منحت شهادات لأشخاص لا يستحقونها، وبلا شك فانه يمكن القضاء على الملف متى ما وجدت الإرادة القوية والرغبة الجادة لوقف هذه المهزلة. توصيات وحلول • ما توصياتكم الختامية في هذه الندوة، لطيّ صفحات «الشهادات الوهمية» و«الأبحاث المشبوهة»؟ ــــ الكندري: أقول لوزير التربية والتعليم العالي د.حامد العازمي إن عليك مسؤولية حسم موضوع الشهادات الوهمية، وكذلك الأبحاث العلمية المشكوك فيها، والعمل على وضع الأسس المناسبة للقضاء على مثل هذه التجاوزات، فمن غير المقبول استمرار ملف الشهادات الوهمية من دون حل شامل في جامعة الكويت أو الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، من أجل الحفاظ على السمعة الأكاديمية والجودة التعليمية وكفاءة المخرجات بالمؤسستين مستقبلاً، وأؤكد للوزير والمسؤولين المعنيين ان حل القضيتين ليس أمرا صعباً للغاية، بل متاحا إذا كانت هناك الجدية والرغبة. ــــ الرفاعي: لقد ناشدت وزير التربية والتعليم العالي الجديد وضع حد خلال مدة زمنية لا تتجاوز الأشهر للقضاء على ظاهرة الشهادات الوهمية في المؤسسات التعليمية، لا سيما «التطبيقي»، وهو يعرف تماما حجم الملف وخطورته قبل تسلمه المنصب الوزاري، لكونه كان وكيلا لأكثر من 3 سنوات في التعليم العالي، وعليه معالجة الخلل في الملحقيات الثقافية ومعالجة قضية الشهادات الوهمية، وكل ذلك ليس صعبا؛ فلدينا جهتان يمكنهما ضبط العملية والتصدي للقضية، هما التعليم العالي وديوان الخدمة المدنية عبر متابعة الطلبة والتأكد من الدراسة فعلاً، ومن اعتماد الجامعات ووجود التفرّغات العلمية أثناء الدراسة وألا يحصل موظف على شهادة جامعية وهو على رأس عمله. كما يجب ان تقوم الملاحق الثقافية بمهمتها في متابعة المواطنين المبتعثين والدارسين بالخارج والتأكد من دراستهم، كما يجب التصدي للواسطة والمحسوبية من اجل مصلحة الكويت، فهناك موظفون ينصحون طلبة بالدراسة بجامعات سهلة ويعطونهم أسماءها، وهذا خطير وغير مقبول، فمن المفترض توجيههم للجامعات المتميزة بتدريسها وجودتها، كما أنني مؤيد لإنشاء لجنة مركزية لمتابعة الترقيات والبعثات والشهادات والتعيينات والأبحاث بمؤسساتنا التعليمية؛ كجامعة الكويت و«التطبيقي»، وكذلك الجامعات الخاصة. ــــ الجسار: يجب إنهاء ملفيّ الشهادات الوهمية و الابحاث العلمية المشكوك فيها وما شابه، وإعادة النظر في اللوائح والقوانين لسد أي ثغرات يمكن ان يستغلها البعض، وبلا شك فان المسؤولية مشتركة بين جهات حكومية عدة معنية، كالتعليم العالي وجهاز الاعتماد الأكاديمي والمكاتب الثقافية، ومن الضروري ان يكون هناك تعاون وربط الكتروني بين الجهات التعليمية المختلفة للتصدي لاي تجاوزات، لا سيما بين جهاز الاعتماد الأكاديمي ومكاتبنا الثقافية الموجودة في بلدان مختلفة. وأؤكد ان استمرار «الشهادات الوهمية» و«الأبحاث المشبوهة» سيضعف المؤسسات التعليمية ويضعف جودة مخرجاتها ويؤثر حتى في الأكاديميين العاملين بها، وسيستوي من يعمل مع من لا يعمل، فيصبح من جاء بشهادته وتخرج في جامعة عالمية مرموقة كمن جاء بها من جامعة متدنية وينافس الآخر في وظيفته وتخصصه وترقيته رغم اختلافهما عن بعضهما، وتستطيع اللجان استدعاء كل أستاذ لمعرفة شهادته ورسائله في الماجستير والدكتوراه خلال مدة زمنية، ويمكنها ان توقف من لا يستجيب معها او يرفض عبر إيقافه عن العمل خلال فترة زمنية محددة، وبالتالي ينهي الملف ويغلق ويكشف أصحاب الشهادات الوهمية والمشكوك في صحتها، وذلك بالنسبة الى مؤسساتنا التعليمية، اما ديوان الخدمة فإن عليه عمل إحصائية للموظفين الذين حصلوا على شهادات جامعية او عليا وهم على رأس عملهم، فلا يمكن اعتماد شهادة أي موظف وهو على رأس عمله، فهو موظف كيف درس بجامعته بالخارج وحضر المقررات وشارك بالأبحاث وغير ذلك من أمور الجامعة؟ ــــ الظفيري: من توصياتي ان من الواجب زيادة الدعم والتحفيز والتشجيع لمن يجتهد في دراسته وبحثه، لحثّ الأفراد على بذل وقتهم وجهدهم في التعليم والبحث العلمي بالشكل الصحيح، بدلا من اتّباع أنظمة غير سليمة او مخالفة للحصول على مؤهلات جامعية او أبحاث علمية عن طريق التسلل او باختراقات غير قانونية، ولا مقبولة أكاديميا، وبلا شك ان الكثيرين أصبحوا يسعون الى المؤهلات الجامعية بعدما وجدوا ان بها زيادات مالية تدرّ عليهم عند حصولهم على مؤهلات، مثل 200 دينار لمن يحصل على الماجستير و200 دينار أخرى لمن يحصل على الدكتوراه. لذلك، علينا تشجيع من يدرسون في جامعات ذات جودة عالية من اجل تحفيز الآخرين على الاقتداء بهم والحصول على المؤهلات بالطريقة السليمة وغير المخالفة، وكذلك الحال لمن ينشر أبحاثا علمية متميزة بان يتم تشجيعه وتحفيزه في حال نشرها في مجلات عالمية مرموقة وليست متواضعة او متدنية، أما اذا تركنا الحبل على الغارب فإن من يبحثون عن الشهادة او البحث العلمي الأسهل قد يتكاثرون وقد يعملون على تشجيع الآخرين على اتّباع طرقهم نفسها، من اجل التغطية على أفعالهم وممارساتهم ولا يكتشف أمرهم. كما أوصي بإنشاء لجنة مركزية للمؤسسات التعليمية والبحثية، لتراعي الموضوعية وتحقق الشفافية بعيدا عن الشخصانية؛ بحيث يتم العمل على معايير أكاديمية وعلمية سليمة ومحددة، بشكل يساهم للتصدي لكل من يحاول ان يتجاوز القانون او يتلاعب بطريقة او بأخرى، سواء في شهادة او بحث علم، كما أن علينا ان نجمع بين المركزية في عملها والتكنولوجية، لان ذلك سيساهم في ضبط عملياتها ويساهم بدقتها، كما من الواجب إعادة النظم في بعض الأنظمة واللوائح ببعض المؤسسات بالترقيات والتعيينات. ترقيات مشبوهة في «التربية» تطرّقت سلوى الجسار الى لائحة الترقيات وقالت: المسألة واضحة للقياديين ممن تقلدوا مناصب إشرافية، كرئيس قسم علمي أو مساعد عميد او عميد كلية، فهؤلاء ينالون تفرغا علميا لمدة سنتين ولا يحق لهم التقدم على الترقية إلا بعد الانتهاء من المدة المحددة، ولكن لدينا في كلية التربية بعض العمداء السابقين ممن أخذوا تفرغات علمية، والعجيب انهم حصلوا بعد 4 أشهر على ترقيات، مما يثير الشكوك في الرقابة على الترقيات وكيفية تم نشر ابحاثهم وترقيتهم سريعاً. قضايا بالمحاكم قال هاشم الرفاعي انه تم رفع كثيراً من القضايا عليه لتطرّقه الى الفساد الإداري والمالي ومطالبته بالاصلاح، وكذلك لحديثه عما يحصل في «التطبيقي» في عهد مديرها السابق د.احمد الاثري، وكانت تلك القضايا جنايات اعلام، وحصل على البراءة لكون الدستور كفل حرية الرأي والتعبير، وانه لم يتطرق الى الاشخاص، بل الى صفاتهم وما حدث بعملهم. سباق على حرف «الدال»! أكدت الجسار ان إقرار كوادر مالية في بعض الجهات بالدولة، كان سببا لاتجاه البعض للحصول على شهادات جامعية من اجل الاستفادة المادية من الكوادر عند ترقيتهم او تقليدهم وظائف معيّنة، في حين كان في السابق لا يكمل درجة الماجستير الا الأذكياء والملتزمون، وقالت متهكمة إن أعداد الراغبين في وضع حرف «الدال» قبل اسمائهم في تزايد، سواء بالحق أو بالباطل، ولا بدّ من تشديد الرقابة على التعليم. إنشاء هيئة.. ليس حلاً أكد د.يعقوب الكندري رفضه إنشاء هيئة عامة للأبحاث، بعد ان امتلأت البلاد بالهيئات في السنوات الاخيرة، من دون وجود أي حلول واقعية، مشيرا الى تأييده إنشاء لجنة مركزية للأبحاث تكون قيادتها من أشخاص أكاديميين ذوي اختصاص يراقبون آلية الترقيات ونشر الأبحاث وللقضاء على المحسوبية والواسطة التي تختلف بين كلية وأخرى. أغبياء.. في العصر الذكي! شدّد الكندري على ان «من يتّجهون الى السرقات العلمية هم من يُطلق عليهم «الأغبياء»؛ إذ كيف يلجأ الى سرقة نصوص واقتباسات في هذا العصر الذكي المعتمد على الثورة الالكترونية والمعلوماتية، التي تكشف السرقات في وقت قياسي وبكبسة زر؟! سرقات وتظلمات أكد الرفاعي وجود «كمٍّ كبير» من التظلّمات المقدمة إلى الادارة العليا في «التطبيقي»، ولا ينظر في ما تحتويه أحد، كما انتشرت الابحاث العلمية الممتلئة بالسرقات والاقتباسات الطويلة، التي لا تدع مجالا الا للشك والريبة واهتزاز الثقة في البحث وصاحبه. شهادات الوزراء والنواب دعت الجسار أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية الى البدء قبل الآخرين بكشف مؤهلاتهم الدراسية وشهاداتهم الجامعية، وكشف من يحملون الماجستير والدكتوراه عن رسائلهم، كخطوة منهم تظهر جديتهم في محاربة الشهادات الوهمية بالبلاد!
مشاركة :