رواية تجري أحداثها بين موتين، وبينهما موت ثاو في الذوات، وهي تصارعه بأشكال مختلفة على الأرض، كأن الأمر يتعلق بإشكالية وجود الإنسان، وفي هذا الصدد تكون الانتماءات عبارة عن أوهام؛ سرعان ما يتم التنكّر لها، للتكيّف، قصد عيش كريم. الرواية بدت رشيقة في لغتها الواصفة المستبطنة للشخوص، في تركيز على الواقع اليومي وانعكاسه النفسي والفكري، فكان السارد يتابع (في مصاحبة للشخوص) الخلجات النفسية تحت وطء العالم بأحداثه، كأن الجحيم هو الآخر بالمعنى الوجودي للكلمة. ولا غرو في ذلك، فالكاتب محمد رفيق يكتب الشعر أيضا، فامتد ذلك للكتابة السردية هنا، حيث بلاغة الإمتاع على أكثر من مستوى جمالي، وأحيانا تتخلل العمل صور شعرية موحية أو حضور النفس الشعري في السرد، كما يسجل حضور اللغة الدارجة في تبئير لبعض الكلمات والتعبيرات التي تصف المعطيات في طراوتها الواقعية، إضافة إلى حضور مقاطع شعرية وسجلات خطابية كالتعليق. وأكيد أن محمد رفيق كتب هذه الرواية معتمدا على معرفته وتجربته في الحياة بل وتأملاته في الكتابة، فكان العمل غنيا دلاليا ومعرفيا، بل وسرديا أيضا في سعي إلى تجدير الفعل الروائي المحاور للتاريخ والمجتمع، بإعادة صياغة الأحداث والوقائع بين الواقع والمتخيل، وتلك ميزة تتّصف بها هذه الرواية الجديرة بهذا العنوان دون لغط وأضواء.
مشاركة :