"ستيني" يكشف سر تعلقه بآلته الطابعة منذ 30 عاماً: تشاركنا ذكريات كثيرة وأكسب رزقي منها

  • 1/4/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يجلس على كرسي حديدي متهالك، وأمامه طاولة مغطاة بسجادة قديمة عليها آلة طابعة مُسحت حروفها من كثرة الاستخدام، وأوراق مبعثرة، وبضعة زبائن يحيطون به.. يلتفت ويقول لي العم عمر البوعينين مبتسماً: "هذا هو مكتبي، وهذا هو مقر عملي"، ثم ينكب منهمكاً في طباعة أوراق الناس الذين تتعالى أصواتهم من حوله مطالبين بسرعة الإنجاز، مستفسرين عن هذه المعلومات أو ذاك التاريخ، وتلك النماذج الورقية لتعبئتها. بعد أن أنجز طباعة الأوراق، وانصرف الزبائن، قال لي: "مكتبي المتواضع هذا لا يبعد عن مبنى الجوازات في الرياض سوى خطوات قليلة كما ترى، والإنسان عندما يتقدم به السن يحتاج أن يثبت للجميع أنه قادر على العمل، وليس عالة على أحد، هذه الآلة الطابعة التي تراها أمامك عمرها يفوق الثلاثين عاماً، لا أريد ولا أفكر أن أغيرها، فأنا متعلق بها كثيراً، تشاركنا ذكريات كثيرة معاً، وظللت أكسب رزقي منها طوال أعوام مضت وما زلت، وقبلها كنت هنا أيضاً في ذات المكان، لكنني كنت أكتب الأوراق بخط اليد". وبسؤاله عن إصراره على استخدام آلة الطابعة في زمن تطورت فيه التقنية، واستخدام الجيل الجديد الإنترنت والتطبيقات الحديثة وغيرها في إنجاز الأعمال الرسمية، قال: "لا أعرف شيئاً غير هذه الطابعة، أحملها معي لـ"مكتبي" هذا كل صباح من الساعة السابعة وحتى الثالثة ظهراً، أكتب النماذج الورقية، تجديد، إصدار فاقد، إقامات، جوازات، تصاريح وغيرها، أكسب في اليوم 100 ريال، وهي كافية لي، بعد أن كنت قبل سنوات أكسب في اليوم الواحد 500 ريال". ويتابع: "حيل الله أقوى، من يريد العمل يجده، ومن يتعذر سيبقى عاطلاً، ولا أريد أن أتقاعد عن العمل، فماذا سافعل؟ سابقاً كانت لديّ مكتبة لبيع القرطاسيات ثم تركتها لظروف خاصة، ولله الحمد دولتنا، وخادم الحرمين الشريفين، وولي العهد، حفظهما الله، لم يتركوا مواطناً ولا مواطنة، بل ساعدوا الجميع، والرزق متاح، وبلدنا بلد خير، عندي ولدان وابنتان، ثلاثة منهم يعملون في مهن مختلفة، والصغيرة لا تزال تدرس.. والحمد لله". وأضاف: "بعض المسؤولين في الجوازات يتضايقون من وجودي وزملائي أمام المبنى بهذه الطريقة، لكن عندما يعرفون أنني مواطن سعودي يتركونني، كان عندي كشك أعمل فيه قبل سنوات، لكن البلدية "شالته"؛ لأنه غير نظامي حسب كلامهم، طلبت منهم ترخيصاً فرفضوا". قال لي العم "البوعينين" مودعاً: "مرة ثانية إذا تبي تعبي أوراق الجوازات تعال عندي.. فيه خصم لك". ابتسم ثم انهمك مرة أخرى على آلته الطابعة، بعد أن تجمع الزبائن حوله من جديد.

مشاركة :