«اسأل عن الأسرة» .. السؤال الأكثر إلحاحا الآن عند الحديث عن مواجهة الانحرافات الفكرية أو مكافحة الجرائم في ظل عالم يموج الآن بالاضطرابات.ومنذ سنوات قال صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله في أحد المؤتمرات، إنه «ربما لا تعي كثير من الأسر مدلول «الأمن الفكري» مع كثرة تداوله، إلا أن الأسرة بحاجة ماسة إلى معرفة سبل تحقيق هذا الأمن لأبنائها».من هنا تأتي أهمية الأسرة كحائط ضد للانحرافات الفكرية، من خلال نشر الوسطية والاعتدال داخل البيت منذ الصغر .والأمن الفكري كما عرفه العلماء بعبارات متقاربة هو: تأمين أفكار وعقول أفراد المجتمع من كل فكر شائب ومعتقد خاطئ؛ ما قد يشكل ليبقى الهدف الذي نسعى إليه هو حماية عقيدتنا وثقافتنا وأخلاقنا من كل فكر أو معتقد منحرف أو متطرف، ولتحقيقه لا بد من اعتماد لغة الحوار، والتفاهم الفعال بين الأبوين وأولادهم والتخلي عن العنف الأسري والأساليب الاستبدادية التي تجافي القيم الإسلامية.. ومن هنا ينتشر الفكر الوسطي عن طريق الأسرة.«المدينة» التقت هنا عددًا من المختصين لمعرفة دور الأسرة في حماية الأبناء من الانحرافات، والأدوار الأخرى لمؤسسات الدولة كافةً لتحقيق هذا الهدف.في البداية قال المستشار النفسي والسلوكي عبده الأسمري: «إن الأسرة أساس للفكر، وكي تكون داعمًا للأمن الفكري يجب أن تنمي في أطفالها أهمية حب الوطن، واللُّحمة مع القيادة، وتوظيف معاني الولاء والفداء، والتحصين أمام التيارات الأخرى التي تهاجم العقول، وتحاول أن ترمي بهم خارج المنطق أو بعيدًا عن أساسات السواء».وأضاف أنه من المهم زرع مفاهيم الدين والوطنية والسلام والتسامح، وأيضا توفير مصدات ومضادات ترفع قوة جهاز المناعة النفسية والفكرية ضد أي أفكار منحرفة أو ضالة أو مخالفة، من خلال التربية والنصائح، وأيضًا التواصل مع المدارس في هذا الشأن ومراقبة أعضاء الأسرة، من خلال معرفة جلساء الأبناء .من جهته قال الأخصائي التربوي مرعي العاصمي: «إننا بحاجة إلى زيادة وتكثيف الحملات والتوجيه السليم من الجامعات والتعليم العام ومنابر المساجد ووسائل الإعلام المرئيه والمسموعة والمقروءة، بالطرح الذي يفيد المجتمع ويبين لهم المخاطر التى تحيط به، وطرق تجنب هذه المخاطر من إسهام أهل الفكر والعلم والتخصص، خصوصًا وأننا في المملكة لدينا مجتمع شاب يجب أن نوليه اهتمامًا كبيرًا في جوانب التعليم والصحة والترفيه المرتب له، وأن تتاح فرص العمل والتعليم؛ حتى نضيق نسب البطالة ونكون مجتمعات بعيدة عن التطرف أو من يصد همة الشباب».استقرار الأسرةأما الإعلامية أسماء الغابري فقالت إنه يمكن تعزيز استقرار الأسرة السعودية بتربية النشء تربيةً صحيحةً، ترتكز إلى القيم لأخلاقية الإسلامية السمحاء. وأضافت أنه لا بد من اعتماد لغة الحوار، والتفاهم الفعال بين الأبوين وأولادهم والتخلي عن العنف والأساليب الاستبدادية التي تجافي قيم الشورى في الإسلام، ولا تتناسب مع المعطيات الحضارية والمتغيرات التي يمر المجتمع.وأكدت أن هنالك دورًا كبيرًا يلعبه أئمة وخطباء المساجد في الحفاظ على تماسك المجتمعات فهم في المجتمع المرآة الصادقة التي تعكس واقع الأمة، ومن واجبهم تقديم النصح للمسلمين ومحاربة الظواهر السالبة من خلال تنبيه المجتمع لهم ومحاربة التطرف، وتأصيل ونشر الاعتدال بين العامة، والتحذير من كل ما يفكك أو يهدم بنيان الأسرة المرصوص.فيما قال الخبير الأسري «إبراهيم ميرفت»: «إن تماسك الأسرة ودورها في حماية الأبناء من التفكك والانحراف الفكري- يتطلب درجة عالية من الوعي، واستشعار المسؤولية، وبناء قناعة كاملة بأهمية الأسرة، وتماسكها في وقاية الأبناء، وتوفير المناعة الفكرية لديهم ضد التطرف».من جهته قال الإعلامي «خالد ال مريح»: «إن التفكك الأسري بشكل عام يؤثر تأثيرًا سلبيًّا على توفير الرعاية اللازمة للأطفال، وكل ما يترتب عن ذلك من حرمان الأطفال من حقوقهم؛ حيث يكون أكثر قسوة وتهديدًا في حالة عدم تعويض الطفل عن هذا الحرمان».وأضاف أن التفكك بين الأبوين يترك آثارًا عميقة في نفسية الصغار، تتحول مع مرور الوقت إلى ترسبات نفسية، وستنتج وبنسبة كبيرة جدًّا اضطرابات في شخصيتهم مع انحراف وتشرد، خاصة عند غياب دور الوالدين الإيجابي للتخفيف من تأثير ذلك التفكك في السنوات المبكرة من حياة الأبناء، وبصفة أكبر عندما يكون التفكك في أسر فقيرة.«التعليم» : تحصين الطلاب من المهددات بـ «الولاء والانتماء»قال المتحدث الرسمي لإدارة تعليم منطقة عسير «محمد الفيفي»: «إن هناك برامج عديدة لحماية وسلامة فكر النشء من الأفكار الهادمة والمغرضة لأبناء الوطن؛ لتنشئة جيل قوي يعتز بدينه الوسطي، محبًّا لقيادته، متمسكًا باللحمة الوطنية، متسامحًا مع مجتمعه، متعايشًا مع غيره، واعيًا بما يدور حوله من بعض الفئات التي تحمل الأفكار الضالة، وتهدف إلى الإفساد والنيل من الوطن ومقدراته».وأضاف أنه تم تنفيذ العديد من البرامج التي تهدف إلى تحصين عقول النشء بالشراكة مع الأسرة والمجتمع، من خلال المرتكزات الرئيسة للعقيدة الإسلامية السمحة، وسياسة التعليم العام بالمملكة، وميثاق أخلاقيات مهنة التعليم، في إطار رؤية المملكة العربية السعودية 2030 . المجتمع التعليمي من المهددات الفكرية وبناء المواطن الصالح.وقال: «إن الهدف العام من تلك البرامج هو تحصين المجتمع التعليمي من المهددات الفكرية لبناء المواطن الصالح، بالشراكة مع الأسرة والمجتمع، إضافةً إلى الأهداف التفصيلية والتي نصبو إلى تحقيقها، ومنها تحصين المجتمع التعليمي من المهددات الفكرية، من خلال الوعي الشرعي الصحيح والقيم والمهارات اللازمة، إضافةً إلى تنمية الولاء للقيادة والانتماء الوطني في المجتمع التعليمي، وبناء الشخصية المتزنة للطالب فكريًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا، عوضًا عن تنمية مهارات العاملين بالميدان التربوي، بما يتوافق ومستجدات المرحلة الحالية.عضو شورى: التنمية المستدامة تحمي الشباب من التطرفقال عضو مجلس الشورى السابق «عبدالوهاب بن مجثل»: «إن التطرف والفكر الضال هو محصلة ونتاج للتطرف الفكري، الذي أصبح الأول للإنسانية»، مشيرًا إلى أن محاولات الجماعات المتطرفة والمتشددة من خلال استغلال وسائل التعلم للصغار والمراهقين كمنصة لهم؛ وذلك للعبث بمدارك الأجيال؛ حيث نجد مثل هذه الجماعات تعمد إلى تشويه تعاليم الدين المعتدل، بل والدين الاسلامي برمته، من خلال غرس أفكارها المسمومة على نحو يستهدف جرّ الشباب إلى دوامات التطرف والعنف؛ لتحقيق أهداف لا تمت للإنسانية ولا للإسلام بأي صلة، وأنا اتحدث هنا عن المملكة- مستفيدين من غض النظر من قبل الدولة، بعد أن تغلغلوا في جميع مفاصل الدولة والأجهزة الحكومية والتعليم،وأشار إلى أهمية الاستفادة من الممارسات التي نجحت في مجال مكافحة التطرف في الدول الأخرى، وذلك مثل الإشراف على الأنشطة التي تأتي ما بعد المدرسة، إضافةً إلى تطوير المهارات الاجتماعية لدى الطلبة بجانب إعداد برامج تدخل مجتمعية.وقال: «إن التطرف والإرهاب باتا يشكلان تهديدًا عابرًا للحدود، على نحو يرفد المؤسسات التعليمية بمخرجات من شأنها دعم جهود القطاع التعليمي؛ لكي يكون جزءًا لا يتجزأ في التصدي للفكر المتطرف ودسائس قوى الشر والظلام، التي لا تكفّ عن محاولاتها اختراق وسائل التعليم بشتى الطرق؛ لبث سمومها في عقول النشء».ونبه إلى أهمية التعليم في تحقيق التنمية المستدامة ومحاربة التطرف والإرهاب، مشيرًا إلى أن منظومة قيم الأخلاق السائدة والأفكار التي تتضمنها منظومة التعليم في مجتمع ما- هما ما يحددان موقع هذا المجتمع على خارطة العالم، ولا يمكن الحديث عن تقدم قائم على أسس صلبة ومستدامة من دون تعليم حديث يجمع ما بين الجوانب المادية المتمثلة في العلوم والمعارف الحديثة والجوانب القيمية المتمثلة في نوعية التعليم.«حقوق الانسان» : الفكر الوسطي يبدأ من الأسرةأكد المشرف العام لجمعية حقوق الإنسان بمنطقة عسير الدكتور «علي الشعبي» أن الأسرة هي أساس التنشئة الاجتماعية؛ حيث من خلالها تتشكل القيم والمقومات الأساسية التي يبني عليها الإنسان مستقبلًا جميع خبراته.وأضاف أن السؤال المهم هو في ظل الظروف الحالية وفي ظل العوامل الخارجية المؤثرة كيف تستطيع الأسرة أن تحافظ على هذه القيم، في الوقت الذي هي في الأصل تزرع هذه القيم، ولكن يخرج الابن الى المحيط الخارجي ليجد سلوكيات أخرى تغير ما تعلمه داخل الأسرة، مما يجعل لديه نوعًا من الازدواجية والتناقض؛ مما قد يذهب إلى اتجاهات أخرى غير مرغوب بها.وأشار إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل هي اليوم من تصنع هذا التشكيل، وتشكيل الأسرة بشكل عام، وتنعكس هذه المقومات والتأثيرات على الأطفال بشكل كبير؛ حيث إن الرقابة الخارجية الآن لم تعد هي الأساس إنما الرقابة الداخلية هي العامل الأساس، والمهم من خلال بناء الأسرة بشكل سليم ومتكامل وصحي. وشدد على ضرورة أن يفتح المجال للمجتمع المدني في إنشاء جمعيات متخصصة، فيما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي من ناحية التوعية والبث للمفاهيم الإيجابية، وإنشاء منصات لتصل للأفراد بطريقة أكثر إيجابية.10 عناصر لحماية الشباب من الفكر المتطرفزرع مفاهيم الدين والوطنية والسلام والتسامح لديهم.توفير مصدات ضد أي أفكار منحرفة أو ضالة أو مخالفة. مدى توجهاتهم واختيار الأصدقاء الصالحين والرفقة الطيبة. الإعلام يعتبر شريكًا أساسًا ويلعب دورًا محوريًّا في التوعية.هيئة الترفية تمثل جهة فاعلة في توجيه السلوك الإنساني. المؤسسات التربوية مسؤولة عن إيصال الرسالة إلى المدارس.علماء الدين لديهم مسؤولية كبرى في توظيف مفهوم الاعتدال. دراسات لمعرفة أسباب وجود حالات التطرف بين الشباب. تكثيف الحملات والتوجيه السليم من الجامعات والتعليم العام. فتح المجال للمجتمع المدني في إنشاء جمعيات متخصصة للتوعية.48 برنامجا تربويا لنشر الأمن الفكريتم في تعليم عسير تنفيذ 48 برنامجًا أطلق بالميدان التربوي استفاد منه إلى الآن 199043 طالبًا وطالبة، والتي كانت ما بين 35% نشر لثقافة الأمن الفكري و30% ورش عمل و22% برامج حوارية و8% حلقات نقاش و3% لقاءات و2% لجان.- 500 ندوة و600 لقاء. - عدد الأندية التي استهدفت 35.- عدد الطلاب المستفيدين 7000 طالب وطالبة.- عدد الأندية المنفذة 18.- عدد ساعات التدريب 72.- عدد القيادات المدرسية المستفيدة 1600.- عدد المعلمين والمعلمات 25000.- عدد المشرفين والمشرفات 600.5 وسائل لتحصين العقولخطب الجمع.الندوات الدينية الموجهه.المحاضرات.البرامج والحوارات المتلفزةالمؤلفات العلمية8 قواعد تضبط الأمن الفكريالتعارف .التعاون .تلقي الحكمة .التسامح .البراءة .الدعوة .الحوار .المعرفة .
مشاركة :