عندما كتبت الجزء الأول من هذا المقال كنت لم أقرأ تقرير صندوق النقد الأصل وإنما قرأت ملخصاته وبعض رسوماته التي نشرتها الجهات الأخرى. لكن الآن أكتب هذا الجزء وأنا أمامي تقرير صندوق النقد نفسه. ولقد فوجئت بأن التقرير يستفتح مقدمته بعبارة معالي الشيخ أحمد زكي يماني التي تقول: لقد انقرض العصر الحجري ولم ينقرض الحجر وكذلك سينقرض عصر البترول بالاستغناء عن البترول. الآن سنجاوب على السؤال الذي طرحناه في زاوية الأسبوع الماضي وهو: كيف توصل الصندوق إلى أن سيارة البنزين ستختفي في فترة زمنية لا تتجاوز 25 سنة؟ أمامي الآن تقرير صندوق النقد الصادر في شهر مايو 2017 حيث نجد أن الدراسة توصلت إلى اختفاء سيارة البنزين عام 2042 بإجراء عمليتين هما: أولاً عملية المحاكاة (simulation) نستخلص من الرسمة (Figure 5) في الصفحة التاسعة من التقرير المحاكاة التاريخية التي حاكى فيها الباحثون سرعة اختفاء سيارة البنزين الآن بسرعة اختفاء الحصان كوسيلة للتنقل في بداية القرن الماضي (الأعوام: 1900 – 1930) وحاكوا سرعة ظهور السيارة الكهربائية الآن بسرعة ظهور سيارة البنزين خلال بداية القرن الماضي (الأعوام: 1900 – 1930) ومقارنتها بسرعة ظهور السيارة الكهربائية في الخمس سنوات الأولى من القرن الحالي (الأعوام: 2011 – 2015). ثانياً عملية الاستقراء (extrapolation) قام الباحثون باستخدام المعلومات الواردة في أولاً أعلاه وإجراء عملية استقراء توصلوا فيها إلى اختفاء سيارة البنزين (بالأحرى انخفاضها إلى 7 % فقط) وإحلال محلها السيارة الكهربائية بنسبة 93 % بحلول عام 2042. نقطة الضعف في نتيجة الاستقراء التي توصل إليها الصندوق أنه لم يستخدم المعلومات (DATA) مباشرة من معدل نمو السيارة الكهربائية بل استخدم المعلومات المتوفرة عن معدل نمو سيارة البنزين قبل قرن مضى (الأعوام: 1900 – 1930) مبرراً لجوءه إلى هذه الطريقة الاعتباطية أنها تتوافق مع معدلات نمو السيارة الكهربائية في الخمس سنوات الأخيرة من هذا القرن (الأعوام: 2011 - 2015). ولكن تبرير الصندوق المذكور أعلاه يتعارض مع الواقع (أي غير صحيح) فوفقاً لتقرير وكالة الطاقة الدولية عن توقعاتها للسيارة الكهربائية الصادر عام 2017 يقول في الصفحة 6 إنه خلال الخمس سنوات الأخيرة بدأ ينخفض معدل نمو مبيعات السيارة الكهربائية سنة بعد سنة فانخفض إلى 60 % عام 2016 بعد أن كان 77 % عام 2015 وكان 85 % عام 2014. خاتمة: لقد اهتم التقرير بالتكنيكالتي أكثر من تقيده بالقواعد العلمية واحتوى التقرير أكثر من 120 مرجعاً. وكما بدأ التقرير بمقولة الشيخ يماني ختم بتوجيه نصيحة للدول المصدرة للبترول بسرعة إيجاد مصادر دخل مستدامة بديلة للبترول.
مشاركة :