قال وسام السعيد القيادي في نداء تونس "إن التحالف مع حركة النهضة انتهى وأن ما يجمع حركته بها الآن هي وثيقة قرطاج" فيما رأى سياسيون أن الحزب العلماني بات ينتهج سياسة مخاتلة على خلفية البيان "الغامض" الذي أصدره مؤخرا. وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها قيادي في نداء تونس عن انتهاء التحالف مع النهضة بعد بيان الحزب يوم السبت والقابل لأكثر من تأويل حيث اكتفى بالقول ان "علاقته بالحركة الإسلامية مرت من التحالف إلى المنافسة السياسية" داعيا الندائيات والندائيين إلى الالتفاف حول المشروع الوطني الحداثي ضد مشروع النهضة. وفي تعليق بين ما تضمنه البيان من جهة وتصريحات السعيدي من جهة أخرى قال سياسيون إن النداء بات يمارس سياسة المخاتلة السياسية والخطاب الشعبوي مدفوعا بدواع انتخابية بعد أن أقر بأن التحالف أضعفه من خلال نزيف الاستقالات. وقالت سميرة الهاشمي الناشطة في الجبهة الشعبية اليسارية المعارضة "إن الخطاب السياسي للنداء التحق بخطاب النهضة المزدوج والمخاتل"، مضيفة "إن تصريحات السعيدي واضحة لكنها لا تعبر عن موقف رسمي صادر عن الحزب، لماذا لم يعلن النداء في بيانه صراحة عن انتهاء التحالف ويرح التونسيين من الغموض". وأضافت لمراسل ميدل ايست اونلاين "لا استغرب أن يكون الخطاب موجه للاستهلاك المحلي في ظل الاستعداد للانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في شهر مايو (ايار) القادم وأيضا في ظل إقرار الحزب بأن التحالف كبده الكثير من الاستقالات والانشقاقات في صفوف كوادره وقواعده". وأقر السعيدي الذي كان يتحدث الإثنين لإذاعة "موزاييك أف أم " الخاصة بأن "نداء تونس دفع ثمن تحالفه مع النهضة غاليا وأن الحزب سيعمل حاليا على المصالحة الداخلية واستعادة قواعده وقيادييه"، ملاحظا أن "كل ما يجمع الحزب بالنهضة هي وثيقة قرطاج". وقال سامي الخريجي الأخصائي في العلوم السياسية "يجب أن نتعامل مع الخطاب السياسي للنداء بحذر ويقظة"، مشيرا إلى أنه "خطاب يحتمل فرضيتين اثنتين أولها أن الحزب يتجه فعلا إلى فك التحالف بعد أن دفع كلفة قاسية أنهكته حتى انفض من حوله العديد من أنصاره وفقد ثقة القوى الديمقراطية". وأضاف الخريجي لمراسل ميدل ايست أونلاين إن الفرضية الثانية تتمثل في "خطاب استهلاكي شعبوي يهدف إلى تعبئة أكثر ما يمكن من الناخبين خلال الانتخابات البلدية تمهيدا للانتخابات البرلمانية والتشريعية القادمة". وشدد على أن "النداء كان تعهد في السابق بعدم التحالف مع النهضة لكنه تنكر لها ليضع يده في يدها في أعقاب الانتخابات البرلمانية التشريعية التي جرت في خريف العام 2014 وفاز فيها بالأغلبية البرلمانية كما فاز فيها رئيسه آنذاك الباجي قائد السبسي بالرئاسة". ولم يتردد السعيدي في الإشارة إلى أن "التنسيق مع النهضة انتهى ضمن ما كان يعرف في تونس بالتنسيقية بين الحزبين"، مشددا على أنها خلقت ارتباكا لدى القواعد والقيادات، لافتا إلى أنه "اليوم يجب توضيح العلاقة والخروج عن هذا التنسيق". وأشار السعيدي إلى أن النهضة خصم سيسعى النداء إلى هزمه في كل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. وعلى الرغم من الجدل الذي أثارته الفرضيتين فإن غالبية اتجاهات الرأي العام تستبعد فك التحالف نهائيا خلال هذه الفترة نظرا لتعقيدات الخارطة السياسية. وقالت ليلى العرفاوي المحللة السياسية "إن حالة الضعف التي يمر بها النداء تدفعني إلى استبعاد تصريحات السعيدي"، مضيفة "كل من النداء والنهضة يدركان ضعفهما كما يدركان ضعف الأحزاب الأخرى لذلك يصعب الاقتناع بفك التحالف حاليا". غير أن سياسيين ونشطاء قالوا "لئن كان من الصعب تصديق فرضية فك التحالف خلال الفترة القليلة القادمة فإن ذلك لا ينفي أن النداء بدأ يمهد له ليبتعد عن النهضة ويقترب أكثر من القوى الديمقراطية التي كثيرا ما تدنت ثقتها فيه كحزب علماني يقود مشروع وطني حداثي في مواجهة مشروع النهضة الإسلامي". وقالوا إن "النداء يبدو أنه اقتنع بأن تنفيذ مشروعه الوطني الحداثي غير ممكن في ظل تحالفه مع النهضة التي تتبنى مشروعا دينيا، لذلك يبدو أنه اختار الابتعاد عنها".
مشاركة :