لعبت المرأة دوراً بارزاً في العديد من التنظيمات والجماعات المتطرفة والإرهابية منذ فترة طويلة، وقد تطور هذا الدور وازدادت خطورته خلال السنوات الأخيرة وتجاوزت نطاق القيام بالعمليات الانتحارية والاستخباراتية، إلى جمع المعلومات والمراقبة والاتصال وتجنيد إرهابيين جدد، وتربية وتنشئة أجيال من الإرهابيين والمتطرفين. و يرتبط هذا الانضمام بالدوافع النفسية والاجتماعية التي تعيشها المرأة، والتي تسعى لتغير صورتها النمطية التي تحمل في إطارها ضعف المرأة، ودورها المعتاد من المكوث في المنزل لتربية الأطفال والإنجاب، والقيام بالمهام الزوجية، بصورة أخرى سلبية وسيئة لنساء يحملن السلاح وقادرات على تنفيذ أقصى عمليات القتل الوحشية. تطرف المرأة يولد من محيط الأسر الإرهابية أكد استشاري الطب النفسي ناصر علي العنزي أن ممارسة سلوك التطرف والإرهاب عند بعض النساء، غالباً ما يولد من محيط الأسر الإرهابية، بمعنى أن يكون الأب أو الزوج أو الأخ أو أحد الأبناء إرهابياً، فيستغل المرأة ويسيطر عليها خاصةً إذا كان شخصا متسلطا، أيضاً الظروف الاجتماعية السيئة والمادية الضعيفة التي تعيش فيها المرأة وتسعى إلى تغييرها والخروج منها ذهاباً إلى تلك الفئات والجماعات المتطرفة الذين يستغلون نقطة ضعفها ويلبون لها احتياجاتها بمقابل حمل السلاح وتنفيذ عمليات قتال شنيعة وجعلها من السبايا والجاريات. بالإضافة إلى الدوافع النفسية المتناقضة مثل: الإحباط والشعور بالنقص والدونية، وأن المرأة ليست لديها إمكانية أن تأخذ حقوقها في العمل أو في بعض المجتمعات والشعور بالقهر والتهميش وعدم وجود من تلجأ إليه لحل مشاكلها، والتعدي على كرامتها والحد من حريتها، لتنتج بذلك العنف والعدوانية اللذين تكمنهما بداخلها في حالة سلوك انفعالي متمثل في كراهية الحياة، واليأس والغضب الحاد، جميعها من العوامل التي تدفعها نحو ارتكاب أفعال عدوانية ضد المجتمع دون أن تستوعب أو تدرك ذلك، لتنتقم بواسطتها من الحياة وتثبت مكانتها بطريقة سيئة مخالفة للدين والقوانين. مشيراً إلى أن القيام بفعل الجريمة يمكن أن يحدث تحت تأثير المخدرات أو مشاهدة القنوات التي تحتوي على مشاهد إعداد الجريمة وتنفيذها وتحرض على القيام بها، حيث إن مشاهدة مقاطع القتل والعنف ورؤية الدماء بشكل مستمر يؤدي إلى نوع من التعود لدى المرأة ويصبح لديها هذا المشهد شيئا طبيعيا معتادا يمكن أن تمارسه في أي وقت بدون تردد أو أسباب مقنعة. وأضاف العنزي قائلاً: «إن الجماعات المتطرفة تعمل على التغلغل إلى أوساط المجتمعات المغلقة عن طريق الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، لتجذب من تستطيع ثم تتحكم في أفكاره بشكل تدريجي، وزرع الأفكار المنحرفة التي لا علاقة لها بالعقيدة والمنطق والقوانين، حتى تتمكن من السيطرة على حياته واستغلال نقطة الضعف والغرائز واستخدامها في غير موضعها، وإيهام المرأة بأن الانضمام إلى الجماعات الإرهابية واعتناق أفكارهم المتطرفة، هو الطريق الصحيح لتحقيق الذات وكسب رضى الله سبحانه وتعالى والفوز بالجنة. تزايد نسبة تجنيد المرأة إرهابياً من جهتها أوضحت أخصائية الإرشاد التربوي مريم الحسن أن جماعات التنظيمات الإرهابية أصبحوا في الآونة الأخيرة يجندون المرأة إرهابياً أكثر من تجنيد الرجال، خاصةً اللواتي لديهن القدرة أكثر على الترويج بنشر فيديوهات وصور لهن قبل التفجير على وسائل الإعلام المختلفة وجذب انتباه الآخرين، فهي عامل مهم لديها من خصوصية في الكثير من المجتمعات المحافظة على العادات والتقاليد التي تسهل تخفيها وتحركها للوصول إلى أهداف تلك الجماعات أكثر من الرجل، أيضاً لأن دعوة المرأة للجهاد في سبيل الله ونصرة الدين تعتبر أكثر جذباً وتأثيراً على غيرها من النساء لتغيير الصورة المعروفة لتلك التنظيمات وكسب تعاطفهن معها. بالإضافة إلى الأدوار التي تلعبها الإرهابيات في إطار التنظيم نفسه، مثل إيواء العناصر المطلوبة للأمن، إخفاء الأسلحة، جمع التبرعات وتقديم الدعم المالي لتلك التنظيمات ونقل الرسائل بين العناصر الإرهابية، مرافقتهم في تنقلاتهم للتستر عليهم والإقامة معهم بشكل غير شرعي، والقيام بالنشاط الإعلامي المتطرف على شبكة الإنترنت. وأكدت الحسن على أهمية دور الأسرة في المتابعة والاطلاع على اهتمامات بناتها، والتعرف على صديقاتها ومن تخالط سواء في المنشآت التعليمية من مدارس وجامعات، لأنهن يقضين أغلب أوقاتهن مع زميلاتهن، مما يجعل لهن تأثيرات إيجابية وسلبية في نفس الوقت، مما يستدعي المتابعة الدقيقة لأي تغييرات تطرأ على الفتاة والتعرف على اسبابها ومعالجتها. مشددة على ضرورة وأهمية إنشاء مركز لدراسات الحماية الوقائية من التطرف والإرهاب وتحقيق الحماية الاستباقية للفتيات، تستوجب تدخل كل فئات المجتمع من علماء ودعاة للدين، وأصحاب الفكر، من أجل الاتفاق على منهج موحد للتوعية والتحصين ضد الإرهاب وما يؤدي إليه.
مشاركة :