توقع تقرير حديث صادر عن وكالة "إس آند بي غلوبال" للتصنيفات الائتمانية، أن تواصل البنوك الخليجية تحقيق رسملةٍ قويةٍ بحسب المعايير الدولية، بما يدعم تصنيفاتها الائتمانية. وأفاد التقرير بأن هناك مؤشرات على التراجع في الكم والجودة، حيث قامت الوكالة العالمية خلال العام الماضي بتثبيت معظم التصنيفات الائتمانية للبنوك الخليجية. وأشار التقرير إلى تحسّن جودة السيولة لدى البنوك الخليجية في 2017، فيما لم يتوقع تغيراً كبيراً في العام الجاري، منوهاً بأن مواصلة الحكومات الخليجية إصدار سندات الدين والصكوك في 2018 سيستوعب جزءاً من السيولة دون حدوث تَغيّر كبير في الرغبة في المخاطرة لدى البنوك الخليجية. كما قدّر التقرير بأن ربحية البنوك الخليجية ستستقر عند مستوى أدنى من المستوى التاريخي، بدعم من الارتفاع في كُلفة المخاطر وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، حيث ستقوم بعض البنوك بتمرير جزء منها لعملائها. ومن الأسباب الجزئية لانخفاض نسبة الرسملة تطبيق منهجية جديدة لرأس المال المعدل بحسب المخاطر في العام 2017، والذي رفع أوزان المخاطر لبعض التعرضات عالية المخاطر، إلى جانب خفض بعض المقاييس مثل التصنيفات السيادية أو درجات تقييم مخاطر القطاع المصرفي خلال العامين الماضيين. أدوات وأوضح التقرير أنه خلال السنوات القليلة الماضية، قامت بعض البنوك بإصدار أدوات هجينة، والسبب الرئيس لذلك هو أن الأسهم الأساسية أصبحت أكثر كُلفة نسبياً، نظراً للوضع الملائم للسيولة في السوق. ولأن المساهمين والمستثمرين الآخرين أقل استعداداً لضخ رأس مال أساسي للبنوك وأكثر اهتماماً بالحصول على مصدر دخل مستمر ومحدد مسبقاً من الأدوات الهجينة، نتوقع استمرار تراجع جودة رأس المال. مع ذلك، لم يصل هذا التوجه بعد إلى مستوى نرى بأنه يشكل تأثيراً سلبياً في تقييمنا لجودة رأس المال. فيما توقع التقرير أن تتنفس البنوك الخليجية الصعداء قليلاً في 2018، وأن يشهد أداء هذه البنوك وأوضاعها المالية استقراراً إذا مر هذا العام دون وقوع أحداث غير متوقعة، وذلك بعد أن تعرّضت هذه البنوك لضغوطٍ كبيرةٍ خلال العامين الماضيين. والأهم من ذلك هو أن البنوك الخليجية ستكون قد استوعبت معظم تأثيرات تراجع الدورة الاقتصادية في جودة الأصول لديها بحلول منتصف العام الحالي. وقدّر بأن كُلفة المخاطر لدى البنوك الخليجية سترتفع في العام الجديد، نتيجةً لبدء تطبيق هذه البنوك للمبدأ التاسع من المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية، وارتفاع حجم القروض المعاد هيكلتها وانقضى موعد استحقاقها ولم تنخفض قيمتها المسجلة في الميزانيات العمومية لهذه البنوك. مع ذلك، نعتقد أيضاً أن المخصصات العامة التي جمعتها البنوك الخليجية في السنوات القليلة الماضية ستساعد على تسهيل الانتقال إلى المعيار المحاسبي الجديد. إقراض ولفت التقرير إلى مواصلة تراجع نمو الإقراض في القطاع الخاص الذي وصل إلى 2.6% سنوياً في المتوسط في الشهور التسعة الأولى من العام الماضي، مقابل 5.7% في سابقه 2016، متوقعاً استمرار الوضع على هذا النحو في العامين 2018 و2019، من جرّاء انخفاض الإنفاق الحكومي (باستثناء الكويت). بينما توقع أن يصل نمو الإقراض للقطاع الخاص إلى ما بين 3% و4% في العامين الجاري والمقبل، بدعم من المبادرات الاستراتيجية مثل معرض «إكسبو دبي 2020»، و«رؤية السعودية 2030»، وارتفاع الإنفاق الحكومي في الكويت بدعم من «رؤية الكويت 2035»؛ خطة التنمية طويلة الأجل التي أُعلن عنها في الكويت بداية 2017. ونوّه التقرير بأن التراجع في النشاط الاقتصادي خلال العامين الماضيين أدى إلى ارتفاعٍ بسيط فقط في القروض المتعثرة، ووصلت نسبة القروض المتعثرة إلى إجمالي القروض لدى البنوك الخليجية المصنفة حتى نهاية سبتمبر الماضي إلى 3.1% مقابل 2.9% بنهاية 2016. مع ذلك، شهدت القروض المعادة هيكلتها التي انقضى موعد استحقاقها ولم تنخفض قيمتها ارتفاعاً أكبر، ما يدل على أن دورات التدفقات النقدية أطول لدى الشركات. وتوقع التقرير استمرار تراجع نسب القروض المتعثرة خلال الشهور الستة المقبلة ثم استقرارها بشكل تدريجي، ما يعكس استقرار الاقتصاد الحقيقي لدول مجلس التعاون الخليجي. وأفاد بأن القروض المتعثرة لدى البنوك الخليجية لا تزال تحظى بتغطية قوية من المخصصات، حيث بلغت 139% حتى نهاية سبتمبر 2017. وستكون هذه المخصصات مفيدة مع انتقال البنوك إلى تطبيق المعيار التاسع من المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية في يناير 2018، مقدّراً أن البنوك الخليجية ستكون قادرة على التعامل مع الآثار العامة لتطبيق هذا المعيار، وبأن ارتفاع كُلفة المخاطر سيستمر لبعض الوقت. تحسّن وأظهر التقرير تراجع النمو في ودائع العملاء لدى البنوك الخليجية إلى 3.5% في الشهور التسعة الأولى من 2017، مقابل 5.0% في 2016، مُقيّماً التمويل لدى البنوك الخليجية بمستوى مقبول، إذ تهيمن على التمويل ودائع العملاء الأساسية. ويبقى استخدام تمويل الجملة محدوداً، باستثناء عدد قليل من المُصْدرين الكبار والمتطورين، وبلغ متوسط نسبة القروض إلى الودائع لدى الأنظمة المصرفية الخليجية 88.3% حتى نهاية سبتمبر 2017، مقابل 89% بنهاية 2016. وذكر أن نسب القروض إلى الودائع شهدت تحسناً خلال الشهور الـ 12 الماضية، ما يعني بأن توجيه السيولة وليس نقصها هو التحدي الجديد.
مشاركة :