الصين تزعزع عرش الدولار بقلم: سلام سرحان

  • 1/11/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تجاوز حجم السندات الأميركية نهاية العام الماضي حاجز 20 تريليون دولار في ظل استمرار المؤشرات على مواصلة نموه في السنوات المقبلة.العرب سلام سرحان [نُشر في 2018/01/11، العدد: 10866، ص(10)] أخيرا وصل النفوذ الصيني إلى مرحلة يمكن أن تقلب فيها أركان النظام المالي العالمي إذا ما وسعت خطواتها الرامية إلى تحجيم هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي وهو ما تعتبره بكين خطرا على الاستقرار المالي في العالم. ترنح الدولار أمس وسجل إحدى أكبر خسائره اليومية مقابل معظم العملات العالمية بعد تكهنات بأن بكين مستعدة لإبطاء وتيرة مشترياتها من سندات الخزانة الأميركية أو حتى وقفها، وبلغ التراجع ذروته مقابل بعض العملات الآمنة مثل الين الياباني حيث تراجع الدولار بنحو 1.2 بالمئة وهو أكبر انخفاض يومي منذ 8 أشهر. وتقول الصين ومنتقدو هيمنة الدولار إن اعتماد العالم على عملة احتياطات عالمية واحدة أمر في غاية الخطورة في ظل شهية واشنطن الكبيرة للاقتراض لتسديد العجز المالي والتجاري الكبير ومواصلة تسديد جبـال السندات المستحقة بإصـدارات جديدة. وتجاوز حجم السندات الأميركية نهاية العام الماضي حاجز 20 تريليون دولار في ظل استمرار المؤشرات على مواصلة نموه في السنوات المقبلة، وهي تحتاج إلى إصدار أكثر من تريليوني دولار من السندات لمواصلة عمل الحكومة الأميركية. المفارقة أن الصين هي أكبر ممول للديون الأميركية، ومصرفها المركزي وصناديق ثروتها السيادية تحتفظ بأكثر من 3 تريليونات دولار من السندات الأميركية، ناهيك عما تملكه الشركات والمستثمرون الصينيون. وتبدو الصين مجبرة على مواصلة شراء الديون الأميركية، لأن الاقتصاد الأميركي يستقبل أكثر من ربع صادراتها، وأي محاولة لتقليص إقبالها على السندات الأميركية يمكن أن تدمر الاقتصاد الصيني والعالمي. ويأتي إطلاق صفارات الإنذار بعد أن ذكرت وكالة بلومبيرغ نقلا عن مصادر مطلعة أن مسؤولين يراجعون حيازات الصين من النقد الأجنبي أوصوا بإبطاء مشتريات بكين من سندات الخزانة الأميركية أو وقفها. وقد تفاقم تأثير ذلك بعد تقرير آخر نشر في وقت سابق من هذا الأسبوع عن تحرك البنك المركزي الياباني صوب خفض مشترياته من السندات الحكومية طويلة الأجل. وكانت الصين قد أطلقت صرخة كبيرة بعد اندلاع الأزمة المالية عام 2008 حين اقترحت إصدار عملة احتياطات عالمية مستقلة لتقليص هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي. ودعت حينها إلى إشراف مؤسسة مالية عالمية مثل صندوق النقد الدولي على إصدارها، بعد إصلاحه وتقليص هيمنة واشنطن عليه، لتصبح تلك العملة العمود الفقري لاحتياطات المصارف المركزية على الأقل في بداية الأمر. احتكار واشنطن لدور البنك المركزي العالمي وإغراق العالم بديونها، كانا من أسباب الأزمة المالية العالمية، وهي تواصل الاقتراض بإيقاع خطير، رغم جبل ديونها المتراكمة، التي لا يمكن السكوت عليها إلى الأبد. لم يكن العالم قادرا على تطبيق الاقتراح الصيني بسبب استحالة إقناع واشنطن بالتخلي عن عرشها، ولو بشكل تدريجي، رغم أن الخبراء يرون أنه سيصبح ذات يوم الحل الوحيد لمنع انهيار مالي، يمكن أن يدمر العالم. ومع استحالة تقليص هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي دفعة واحدة، سلكت الصين طريقا آخر من خلال إبرام اتفاقات مع عشرات الدول محورها التعامل بعملات أطراف الاتفاقات دون المرور بالعملة الأميركية. وامتدت تلك الاتفاقات إلى معظم الدول الآسيوية والأفريقية وأميركا اللاتينية والعديد من الدول العربية. ويبدو من المؤكد أن دور الصين في النظام المالي العالمي سيزداد باستمرار في المستقبل القريب والبعيد، ليجعل النظام المالي العالمي أكثر أمانا ويقلص هيمنة الدولار، الذي لا يزال يمثل نحو 60 بالمئة من الاحتياطات العالمية. كاتب عراقيسلام سرحان

مشاركة :