غايات الإرهابيين لا تبرر العنف الذي يرتكبونه

  • 1/11/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

سليمة لبال | من العدو الذي يهاجمنا في شرفات المقاهي والمدارس وقاعات الموسيقى أو في المساجد والكنائس؟ من هذا العدو الذي يتربص بنا؟ قام الفيلسوف الفرنسي جاكوب روغوزينسكي في كتابه الجديد بنقد عدة مفاهيم مثل «الارهاب» و«التطرف»، وهي مفاهيم قال إنها سيطرت على الأذهان ومنعت كثيرين من التفكير في مفاهيم أخرى كـ «الرعب الجهادي». أين تكمن قوة هذا الفكر؟ وكيف استطاع أن يستقطب جهاديين جدداً؟ وفي أي سياق تاريخي واجتماعي ظهر؟ وما علاقته بالدين الإسلامي؟ ذلك أنه، أي الفكر الجهادي المتطرف، خان، وفق روغوزينسكي، حقيقة الاسلام. لقد حاول روغوزينسكي أن يوضح كيف تحول هذا الفكر إلى ضد الإسلام والأديان الأخرى. على طول العمليات الانتحارية التي شهدها العالم منذ بدء الألفية الجديدة، منذ استهداف البرجين العالميين في الولايات المتحدة وإلى غاية العمليات المروعة التي استهدفت الأقباط والمسلمين في سيناء مروراً بحادثتي الباتاكلان والبرومينداد دي انغلي في فرنسا، لا يتوقف المحللون عن تفسير الظاهرة في أدق تفاصيلها، ولكن ايضاً لا تتوقف النقاشات المتناقضة حول الطبيعة الحقيقية للجهاد، لذلك قرر فيلسوف ان يفتح باب النقاش ويخوض في عمق هذا الجدل لتبيان الحقيقة او بعض منها، وهو ما قام به أستاذ الفلسفة في جامعة ستراسبلورغ جاكوب روغوزينسكي في كتابه اللافت للانتباه، الذي صدر حديثا تحت عنوان «عودة التضحية». مفهوم التضحية هناك شيء من فكر وتحليل الفيلسوف الفرنسي والمؤرخ ريني جيرار في هذا النص المركز، الذي تبدو فكرته نابعة من مبادرة أصلية تقوم على المنهج التفسيري، الذي يحاول من خلاله المؤلف فهم اسباب عودة التضحية من اجل الدين في المجتمعات العلمانية. بدأ المؤلف بالحديث عن كل ما لا نتوقعه عن الفكر الجهادي، واصفا اياه انطلاقا من نظريات اتت بعد نظرية كارل ماركس، كنظريات ألان باديو وايضا نظريات المدرسة الليبرالية ونظريات أوليفر روي، حيث انتهى إلى القول إن الجهاديين ليسوا وضيعين وبلطجية فقط؛ بسبب عدم قدرتهم على الاستفادة من المتع التي يوفرها الغرب لمواطنيه المستهلكين. ويضيف «كما انهم ليسوا مناضلين بسطاء يخدمون استراتيجية سياسية، كالفلسطينيين أو الارمنيين او الفوضويين، الذين يلجأون الى العنف من اجل غايات تبرر هذا العنف». ومن المؤكد، وفق الكاتب، ان استراتيجية الرعب هي جزء لا يتجزأ من الجهاد، ذلك أنها تساهم في صعود المتطرفين، ويمكن ان تؤدي الى اشعال فتيل الحرب الاهلية بين الكفار والأتقياء، مثلما يردده دائما المختص في هذا الملف جيل كيبل. ويضيف الفيلسوف في كتابه «لكن الكلمة الأخيرة ليست مشروع الجهادي، ولا يكفي أيضاً وفق هذا الفكر ان تصنع مؤمنين متطرفين. روغوزينسكي يفضل استخدام فكرة «التعصب» لوصف هذا النوع المشوه من الإيمان، الذي يدفع رجلا بعد سلسلة من التغييرات والتحولات الداخلية إلى ان يختار وجودا آخر كما يقتلع جذوره من محيطه السابق حتى يبدو في صورة رجل آخر». ليس مرضاً عقلياً والالتزام بالفكر الجهادي، وفق روغوزينسكي، هو «اعتناق له»، غير ان التحليل الاجتماعي لا يمكن ان يدرك هذا التحول إلا بعد ان يقرر هذا الفرد ايهام نفسه بحرية تدفعه للتخلص من كل ما يصله بعالمه السابق. والجهاد في نظر روغوزينسكي لا يمكن أن يكون مرضا عقليا أو نتيجة لحالة انزعاج روحي، ولكنه شكل من اشكال العدمية. واما منطقه فيعتمد على الدين وعلى مسارات يحددها من يتخذه منهجا. ولا يتعلق الامر باعجاب بالعدم يثير الفرح لدى الجهادي وإنما مشروع تحرر من خراب روحي يعيشه العالم لتشويه سمعة السياسة التي لا تستطيع فعل شيء من اجل تغييره. الاسلام هو دين سلام مثله مثل المسيحية واليهودية قبله، ومن اساسياته العدالة والمساواة بين الناس. ويقترح الجهاد الروحي وفق الفيلسوف الفرنسي ذاته عالما آخر للمؤمنين بعد الانفجار، لكن الكاتب لا يتوقف عند هذا المستوى، حيث يؤكد ان سلوكيات الجهاديين ليست سوى انتقام بادر اليه مجموعة من الأشخاص الذين تعرضوا للاذلال، بعد مشاكل يبدو خلالها الاسلام ملاذا وهوية لهؤلاء المهمشين والمقصيين والمستغلين. ¶ لوفيغارو ماغازين ¶

مشاركة :