د.دلال بنت بندر المالكي الأستاذ المساعد بقسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة شقراء، شاعرة، ناقدة، باحثة، صدر لها عديد من الدراسات والدواوين، وشاركت بفاعلية في مسيرة الأدب والنقد السعوديين.. كان ل «ثقافة اليمامة» معها هذا اللقاء لاستكشاف عالمها الثقافي والأدبي والمعرفي : * بأي صورة تريد أن تحضر الدكتورة دلال بندر المالكي، شاعرة، باحثة، ناقدة.. ولماذا؟ - بالنسبة لي أحب حضوري باحثة، ولكن أيضاً لا أتصور أن ثمة انشطاراً بين هذه الفسيفساء فحضور أحدها لا يعني غياب الآخر تماماً ففي جميع السياقات وفي حضرة النص تتحفز هذه المكونات الشغوفة بالإبداع وتدخل في حوار يثمر في نهاية المطاف عن المنتج الشعري أو النقدي. * امتاز أسلوب الأديب والشاعر حمزة شحاتة بالرومانسية والتفكير الفلسفي العميق، وفي رسائله لابنته شيرين كان مثالاً للحكمة والحنين لبلاده، فما أهم الملامح التي لمستِها في هذه الرسائل، من خلال بحثك في هذه الشخصية؟ - من الحيف الحكم على أسلوب الأديب من خلال عمل واحد من جملة أعماله أو من خلال دراسة سريعة تقرأ جانباً يسيراً منها؛ وحين يكون الحديث عن أسلوب رسائل حمزة شحاتة إلى ابنته شيرين يدخل النقد مسالك أصعب مما ينبغي أن تكون مع غيره؛ ولاسيما أن هذه الرسائل هي جزء يسير من الإرث الأدبي والفلسفي الذي خلفه؛ إضافة إلى أنه لم يكتبها شخصياً، بل كانت إملاءات متقطعة علاوة على أنها وإن ظهرت في صورتها المنشورة في كتاب واحد ومرقمة إلا أنها غير مكتملة، ولكن يمكن القول إن هذه الرسائل على المستوى الفلسفي مثلت ثباتاً من جانب وتحولاً من جانب آخر؛ ويتمثل الثبات في نغمة التشاؤم واليأس التي استمرت وتعالى صوتها، أما التحول فيكمن في صورة المرأة السلبية التي تحولت إلى الإيجابية؛ إذ أصبح يتعامل مع ابنته عن صورة المرأة النمطية؛ إذ يحفزها وينظر على أنها ذات مستقلة، متجاوزاً صورة المرأة الخطيئة التي طالما كانت حاضرة في كتاباته. من مسببات الهشاشة * هل أصبحت الرواية بضاعة من لا بضاعة له على خلفية انتشار ظاهرة الهشاشة اللغوية، وما مسببات ظاهرة الهشاشة اللغوية؛ كونك باحثة أسهمت في الكشف عن هذه الظاهرة؟ - عملية ضبط الكتابة والنشر واشتراطات الجودة تظل صعبة مع وجود قنوات الطباعة المختلفة وانتشار وسائل التواصل التي تروج للكتاب لاعتبارات مختلفة لا تأتي القيمة الفنية في مقدمتها، وهذا ليس تعميماً لكنها ظاهرة ملاحظة، أما عن أسباب انتشار ظاهرة الهشاشة اللغوية بمستوياتها كافة فتعزى لمحاولات التجديد التي تمثل هاجساً للكتاب خاصة الشباب منهم، والتركيز على جانب التواصل اللغوي اعتقاداً منهم أن الفصحى تمثل حاجزاً بين المبدع والمتلقي، إضافة إلى الفهم القاصر لمعنى الواقعية في الحوار؛ وأقول الحوار لأن هذه الهشاشة غالباً تظهر في هذا المستوى من المستويات اللغوية من العمل الأدبي، إضافة إلى تعددية الثقافة لدى المبدع والتي تظل هاجساً لدى بعض الكتاب الشباب، ما يجعل العمل الأدبي استعراضاً لأنواع من اللهجات واللغات فيضعف العمل فنياً، لكن ينبغي القول إن هذه الأعمال التي لا تقدم إضافة على المستوى الفني هي تقدم شيئاً مختلفاً على مستويات أخرى لكنها بعيدة عن الأدب. يبلورها وفق صفاته الخاصة * لا يمكن أن يعيش المرء خارج المكان، فهو عنصر متداخل مع الشعر والرواية، السؤال: كيف استطاعت الرواية السعودية استحضار المكان وتوظيفه؟ - يستمد المكان وهو أحد العناصر البنائية للعمل الروائي خصوصيته من السياق الموضوعي للنص، ولأننا مجتمع متنوع فتتباين صورة المكان في الأعمال الروائية بحسب الهوية الثقافية والجغرافية الذي تنتمي له، كما استطاع المكان بحمولاته الدينية والاجتماعية أن يصنع أفكار الشخصيات ويبلورها وفق صفاته الخاصة؛ وبحسب الانفتاح أو الانغلاق الذي تتيحه تلك الأمكنة لشخصياتها يكون مقدار الانتماء لها والعاطفة التي تصبغ شعوره تجاهها حباً أو كرهاً، وانتماء أو اغتراباً. * كانت أطروحتك الجامعية في الدكتوراه تدور حول دراسة القيم الجمالية والأيديولوجية بين النص والمتلقي هل بالإمكان اختصار أهم النقاط التي دارت حولها؟ - تبحث الأطروحة في فكرة المقاومة والرفض للأعمال الأدبية وهي مواقف مقاومة لم تبن على أسس نقدية إنما كانت لاعتبارات دينية واجتماعية أو اعتبارات أخرى ترى في اختراق النمط السائد للأفكار تحدياً للمجتمع وقيمه، ما جعل التعامل مع تلك النصوص المرفوضة يهمل صفتها الأدبية ويتعامل معها بصفتها وثائق دينية أو اجتماعية حولت ساحات النقد إلى محاكمات دينية، ومراجعات معرفية، أنتج بعضها نصوصاً شعرية وبعضها روائية ضعيفة وركيكة، فيما أخرج الدعاة كتباً وعظية إصلاحية تنتقد الأعمال الأدبية وفق الفقه الديني والاجتماعي، مع ملاحظة أن تلك الأعمال الأدبية وجدت من نقاد الأدب من تعامل معها بجدية الناقد الذي كشف عن تدني المستوى الجمالي لها دون محاكمة القيم والعقائد.
مشاركة :