تونس تسيطر على الاحتجاجات وسط مخاوف من تجددهايجمع مراقبون للشأن السياسي في تونس على أن ما حدث خلال الأيام الماضية لم يكن احتجاجا عفويا بل هو تجييش وتحريض من قبل بعض الأطراف، محذرين من احتجاجات حقيقية ستشهدها البلاد خلال المرحلة القادمة في صورة إصرار الحكومة على عدم مراجعة قانون المالية.العرب منى المحروقي [نُشر في 2018/01/13، العدد: 10868، ص(4)]الفوضى لا تخدم إلا الانتهازيين تونس - تراجع منسوب الفوضى التي شهدتها مناطق مختلفة من تونس الأيام الماضية حيث امتزجت احتجاجات ليلية بعمليات نهب وسرقة واعتداء على الممتلكات العمومية. وقال خليفة الشيباني المتحدث باسم وزارة الداخلية الجمعة إن “الاحتجاجات تراجعت ولم يكن هناك أي تخريب الليلة الماضية، لكن الشرطة اعتقلت أمس 150 تورطوا في أعمال شغب في الأيام الماضية ليرتفع عدد الموقوفين إلى 778”. وأضاف أن بين الموقوفين 16 “تكفيريا”. وبعد مواجهات عنيفة على مدى أيام، كان الاحتجاج محدودا الخميس واقتصر على مواجهات متفرقة في سليانة بشمال البلاد وأخرى في دوز بجنوب تونس. وانتشرت الاحتجاجات في أرجاء البلاد منذ يوم الاثنين تنديدا بترفيع الحكومة في أسعار السلع، وقتل متظاهر في هذه الاحتجاجات وأحرقت العشرات من المقرات الحكومية مما دفع الحكومة لإرسال قوات من الجيش إلى عدة مواقع لحماية مبان أصبحت هدفا للمتظاهرين. وفي حين تتمسك المعارضة وتحديدا الجبهة الشعبية (تحالف أحزاب يسارية وقومية) بمشروعية تلك الاحتجاجات، ترى أطراف سياسية أخرى أن ما حدث لم يكن عفويا بل نتاج تحريض سياسي. وقال القيادي في حركة مشروع تونس (21 نائبا في مجلس النواب) الصحبي بن فرج لـ”العرب” إن ما شهدته البلاد الأيام الماضية لا يمكن اعتباره احتجاجا بقدر ما هو تعبير عن الغبن نتيجة التجييش والتحريض من قبل بعض الأحزاب ومافيات التهريب.الصحبي بن فرج: ما شهدته تونس في الآونة الأخيرة ليس احتجاجات بل هو تجييش وتحريض ويرجع بن فرج قراءته إلى أن المواطنين مازالوا لم يستشعروا بعد تبعات قانون المالية والحال أن الاحتجاجات اندلعت منذ الساعات الأولى من بدء السنة. وأوضح أن المنطق يقول إن المواطن لن يلمس الإجراءات الحكومية إلا خلال الأشهر القليلة القادمة مع ارتفاع فواتير الكهرباء والماء وبدء إجراء الاقتطاع من المرتبات وغيرها من الإجراءات الأخرى. واتهم بن فرج عصابات التهريب بنشر الفوضى في صفوف المحتجين “بهدف معاقبة الحكومة على تجرّئها على منظومة الفساد والتهريب تمهيدا لإسقاطها والتخلص منها ومن حربها على الفساد”. وتخوض تونس منذ مايو الماضي حربا على الفساد بدأتها بالقبض على عدد من رجال الأعمال من بينهم شفيق جراية. وترفض الحكومة أي مراجعة لقانون المالية رغم تصاعد الدعوات إلى ضرورة تعديله. وقال وزير الاستثمار زياد العذاري الخميس “الدولة قوية وتتحمل مسؤوليتها ولن تتراجع عن القانون لأن عددا من المخربين خرجوا للشارع”. وأضاف “الدولة ستستمع للاحتجاج والتعبير الحضاري”، لكنه أشار إلى أن رئيس الوزراء يوسف الشاهد سيعلن في الوقت المناسب عن “إجراءات مكملة للإجراءات الاجتماعية”. وحذر بن فرج من تمسك الحكومة بهذا الموقف داعيا إياها إلى مراجعة بعض البنود من ميزانية 2018. وتوقع القيادي في حركة مشروع تونس اندلاع احتجاجات حقيقية خلال الأشهر القادمة في صورة إصرار الحكومة على الإبقاء على هذه الإجراءات. وأوضح أن حزبه نبه منذ البداية إلى “أن تلك الإجراءات سيكون لها ثمن اجتماعي باهظ”. وكان اتحاد الشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد) طالب بزيادة المساعدات المالية للعائلات الفقيرة ورفع الأجر الأدنى سعيا لامتصاص الغضب الشعبي. ومن المنتظر أن تعقد الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج (وثيقة تتضمن أولويات حكومة الوحدة الوطنية) السبت اجتماعا عقب دعوة وجهها الرئيس الباجي قايد السبسي. وتحدثت تقارير إعلامية عن تعديل مرتقب على الوثيقة يستهدف إرجاع حزب آفاق تونس الذي انسحب من الحكومة ووثيقة قرطاج احتجاجا على تردي الوضع الاقتصادي للبلاد بسبب “التوافق المغشوش بين حركتي النهضة ونداء تونس”. ويرى متابعون أن السبسي يراهن من خلال الاجتماع على السيطرة على الوضع ووضع حد للاحتقان، إلا أن الصحبي بن فرج يعتقد أن مثل هذا الاجتماع لا جدوى منه. وأضاف ” شخصيا لا أنتظر شيئا من هذا الاجتماع ونحن في حركة مشروع تونس مازلنا نتساءل عن جدوى وجودنا في هذا الاتفاق”. وتابع ” لا نتيجة متوقعة من هذا الاجتماع سوى أنه يخدم الصورة العامة للبلاد ويخلف ارتياحا بوجود وحدة وطنية”.
مشاركة :