يونس السيد وأخيراً، بعد طول انتظار، وبعد مفاوضات ماراثونية شاقة بين المحافظين والاشتراكيين، توّجت بأربع وعشرين ساعة من المفاوضات المتواصلة، تم التوصل إلى اتفاق مبدئي، يمهّد لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة بزعامة أنجيلا ميركل، وتجاوز المأزق السياسي الذي أثر سلباً في دور ألمانيا في الشؤون الدولية، وأثار تساؤلات حول بقاء ميركل في منصبها. وبعيداً عن التفصيل، فإن اتفاق «الفرصة الأخيرة» منح نجاحاً شخصياً لميركل التي تضعضع موقفها على خلفية نتائج الانتخابات الأخيرة، بعد أن أمكن التوصل إلى حلول وسط بشأن قضيتين أساسيتين، الأولى تتعلق بمشكلة اللاجئين، والثانية تتعلق بالفضاء الأوروبي ومنطقة اليورو، إلى جانب قضايا أخرى، مثل، إلغاء «ضريبة الوحدة» التي فرضت بعد توحيد ألمانيا عام 1990، والتي تثقل كاهل الفئات الأكثر فقراً في المناطق الشرقية، حيث تم التوافق على إعادة فرض توزيع الاشتراك المالي الشهري للمشتركين في الضمان الصحي بينهم وبين أرباب العمل، والاكتفاء بخفضها بمقدار 10 بلايين يورو حتى عام 2021. في الشق الأول، تم التوافق حول موضوع الهجرة واللاجئين، وهي مشكلة شائكة بين الإطراف على وضع سقف يسمح بقبول ما بين 180 إلى 220 ألف مهاجر سنوياً، لكنه لم يلب طلب الحزب الاشتراكي لم شمل عائلات حوالي 40 ألف لاجئ يتمتعون بحماية جزئية، لكنه سمح بدخول 12 ألفاً فقط في إطار ما يسمى «لم الشمل العائلي» بمعدل ألف شخص شهرياً. وفي الشق الثاني، تم التوافق، على «تعزيز» منطقة اليورو بصورة مستديمة و«إصلاحها» بالتعاون مع فرنسا، حتى تتمكن من «مقاومة الأزمات بصورة أفضل. واكتفى التفاهم بالإشارة إلى أن الحكومة المقبلة «ستنظر» في مختلف الاقتراحات الصادرة عن الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر. وبالعودة إلى مسودة الاتفاق، أو الوثيقة التي توصّل إليها قادة الحزب المسيحي الديمقراطي وحليفه الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، مع قادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، والتي تضمّنت 28 بنداً ستشكل برنامج الحكومة الائتلافية المنتظرة بحلول منتصف فبراير/شباط، تمهيداً لتسلم السلطة بحلول نهاية مارس، وفق ما ذكرت مصادر في حزب ميركل، فإن الأمر كله يظل مرهوناً بموافقة مؤتمر الحزب الاشتراكي الاستثنائي في 21 يناير الحالي، وسط مخاوف بين أعضاء المؤتمر من التحالف مجدداً مع المحافظين بعد النتائج الهزيلة التي حصل عليها في انتخابات الخريف الماضي. وفي حال رفض المؤتمر فإن ألمانيا ستدخل دون شك في أزمة حكومية حقيقية، لن يحلّها إلا العودة مجدداً إلى صناديق الاقتراع في الربيع المقبل. younis898@yahoo.com
مشاركة :