"رائحة حرب" عرض عراقي تونسي بقلم: محمد ناصر المولهي

  • 1/15/2018
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

عرض يلخص معاناة الجيل العراقي اليوم والدمار في أعماق الروح الشابة، المتطلعة إلى الحياة لكن الماضي يلاحقها كشبح، ليدمر كل ما تحلم به.العرب محمد ناصر المولهي [نُشر في 2018/01/15، العدد: 10870، ص(14)]الماضي يسيطر على وجهة المستقبل ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان العربي للمسرح قدمت بالمسرح البلدي التونسي المسرحية العراقية "رائحة حرب" للمخرج العراقي عماد محمّد، من تأليف الكاتب العراقي مثال غازي بمشاركة الكاتب التونسي يوسف البحري، والعمل مأخوذ عن رواية “التبس الأمر على اللّقلق” للفلسطيني أكرم مسلم. المسرحية تقدّمها ثلاث شخصيات مقسمة على الخشبة بين الجدّ والجدة والحفيد بينهما، وما نلاحظه منذ البداية اعتماد المخرج في سينوغرافيا عرضه على التقسيم الثلاثي للخشبة، بين حيّز الجد وهو رجل حرب سابق وحيّز الجدة المهووسة بقراءة الفناجين والخصام مع الجد، والحفيد في الوسط والذي يتحرك بينهما محاولا إصلاح الماضي من خلالهما لإصلاح الحاضر، حاضر جعله يقف على قدم واحدة كاللقلق الحائر. تلخّص شخصية الشاب معاناة الجيل العراقي اليوم من ماضيه المثخن بالحروب، يسردها الفتى منذ الثمانينات من القرن الماضي إلى الحرب ضد داعش والدمار الذي آل إليه العراق اليوم، لكن الدمار الحقيقي ليس في الحجر بل في أعماق الروح الشابة، المتطلعة إلى الحياة والتي تحاول عيش حاضرها والتأسيس لمستقبلها، لكن الماضي يلاحقها كشبح، ليدمر كل ما تحلم به. تبدأ المسرحية بمشهد صلاة، يتخلله حوار بين الجد والجدة، بين المرأة الساخرة والجد الواهم أنه مازال رجل حرب، فيما هو “رجل سابق” كما تقول المرأة بسخرية. تقطن هذه الشخصيات في مكان غير معروف منه غير أنه قرب مقبرة، حيث لا يدري لا الجد ولا الحفيد إن كانا أحياء أو أمواتا. عبثا يحاول الصبي بينهما فيما تمضي الحكاية إلى مأساته الخاصة، مأساة جيل كامل من الشباب العراقي اليوم. استعمل المخرج إسقاطات ضوئية مختلفة، تعرض على الخلفية، فيما يتحدث الشاب خاصة عن الحرب والواقع المرير، ترافقه موسيقى حزينة، وهو أسلوب درامي يمكننا نسبه بامتياز إلى المسرح الأرسطي، حيث التماهي وخلق حالة عاطفية مع الجمهور وكأنه فعل تخدير، استمر ليقدّم تلاوة لآيات من سورة يوسف التي لا ندري ما هو الهدف منها غير خلق ذلك التماهي، الذي يغفلنا عن الارتباك في العمل المسرحي. ما يلاحظ أيضا هو ضعف الحوارات خاصة بين الجد والجدة وهو الذي يعتدي عليها بأشد الألفاظ، فيما تكتفي هي بالسخرية كساحرة عجوز نزقة. فالحوارات بتلك الأصوات المفخمة لم تقدم للجمهور الكثير بقدر ما كانت مزعجة متناقضة أحيانا، لا نفهم لها عمقا أو بداية من نهاية، ما يمكننا أن نخمّنه هو أنها ضد الحرب وروائح غبارها، وربما كانت مقاطع المونولوج التي قدّمها الفتى أكثر وضوحا حيث لا تفخيم فيها وأغلبها قريب من اللهجة العراقية. خلطة المخرج في مزجه القديم بالجديد ولعبته هذه لم تكن موفقة في تقديم عمل مسرحي متكامل حتى في تنافره.

مشاركة :