رحيل مفاجئ للكاتب العراقي حسين الموزاني في برلين بقلم: محمد ناصر المولهي

  • 12/10/2016
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

رحيل مفاجئ للكاتب العراقي حسين الموزاني في برلين من يذهب من الأدباء العرب إلى برلين، لم يكن ليضيّع فرصة للقاء الكاتب والمترجم العراقي حسين الموازني، الذي ظل بيته البرليني قبلة للأدباء العرب من المحيط إلى الخليج، فكانت زيارة الرجل المرح رغم ألم المنفى ركيزة أساسية في رحلتهم البرلينية. وهو البيت الذي شكل له وطنا صغيرا يخفف عنه ثقل الغربة والمنفى في قلبه، المنفى الذي توفي فيه الموزاني بشكل مفاجئ منذ أيام، مخلفا لوعة حارقة في قلوب كل من عرفه من بعيد أو قريب. العربمحمد ناصر المولهي [نُشرفي2016/12/10، العدد: 10481، ص(15)] الإنسان لا يختلف وجوده عن وجود أي زهرة مساء السـابع من ديسمبر، واحـد من مساءات الشتاء الباردة والتي لا ترفع من حرارتها سوى أصوات الحرب القادمة من الشرق، رحل الكاتب الروائي والصحافي حسين المـوزاني، عـن عمـر ناهـز 62 عـاما، غـرب وطنه العراق، في العاصمة الألمانية برلين، بعد رحلة مميزة في عالم الإبداع الأدبي سواء كتابة أو ترجمة، حيـث قدم الراحل روائع من الأدب الألماني للقارئ العـربي الذي تعرف من خلاله على مناخات أدبية جديدة ومختلفة مـن أهـم الآداب التي تكتب في العالم. عاش حسين الموزاني، في منفاه الألماني منذ أن غادر العراق سنة 1978، في العاصمة الألمانية برلين، حيث فارق الحياة قبل أن يحقق حلم العودة النهائي إلى بلاده، بعد أكثر من ثلاثة عقود في بلد منفاه. ولد الموزاني في عام 1954 في مدينة العمارة في العراق وعاش ودرس في العاصمة بغداد. اضطر إلى مغادرة العراق بسبب نشاطه السياسي ومعارضته لنظام البعث، فهرب إلى لبنان حيث عمل صحافيا في بيروت، قبل أن يختار ألمانيا كبلد لمنفاه حيث سافر إليها سنة 1980. كتب الموزاني باللغتين الألمانية والعربية، كما لم يتوان عن المساهمة في مختلف الفعاليات الثقافية بألمانيا تجربة لم تنل حقها بنبرة ربما يراها البعض يائسة في سطحها لأنها تخفي ما يخفيه رماد الفينيكس، قال حسين الموزاني في آخر منشوراته “علّمتني أمّنا الحقيقية، وأعني بها الطبيعة، بأن الإنسان كائن زمني طارئ وزائل ولا معنى له في واقع الحال، ولا يختلف وجوده عن وجود أي زهرة، بل إنّ الزهور أكثر أهمية وإخلاصا بالنسبة إلى الطبيعة من الإنسان”. بعدها رحل الموزاني بشكل فجئي مخلفا حيرة وفجيعة على فقد لم يتهيأ له أصدقاؤه الأقربون أو حتى الافتراضيون أو من لمح اسمه على وجه كتاب. مساء السابع من ديسمبر لم أصدق بدوري نعي حسين الموزاني الذي بدأ يتناسل هنا وهناك في صفحات الأصدقاء، لا أحد كان يصدق الخبر، إلا المبدع الراحل، حتى أن صديقه صلاح فائق اكتفى بنشر صورة له، صلاح الذي تعود الكلام طليقا سلسا عجز عن قول شيء، شأنه شأن الجميع. كتب حسين الموزاني باللغتين الألمانية والعربية، كما لم يتوان عن المساهمة في مختلف الفعاليات الثقافية الألمانية بشكل فاعل، وخاصة التظاهرات التي يقيمها مبدعون عرب في ألمانيا، حيث لم يتوقف عن دعم الإبداع كوجه آخر للعربي غير الذي يروج له في الغرب. كما نشر أعمالا أدبية متنوعة من بينها رواية “منصور” أو “عطر بلاد الغرب” (2002) و“اعترافات تاجر اللحوم” (2007) ومجموعة القصص القصيرة “خريف المدن”. وقد فاز الكاتب بجائزة شاميسو التي تُمنح للكتاب ذوي الأصول الأجنبية في ألمانيا. وبالرغم من هذا التكريم إلا أن الموزاني كان دائما ما يشعر بأنه لم يحظ بالتقدير اللازم لأعماله، التي “لم تكن تقدم صورة نمطية عن العالم العربي كما كان ينتظرها الناشرون والقراء الألمان”، كما كان يردد بألم. واشتهر الموزاني كواحد من أهم المترجمين العرب، خاصة ترجمته لرواية “طبل الصفيح” الشهيرة للأديب الألماني غونتر غراس، التي تعد إحدى روائع الأدب الألماني والعالمي. الحلم الصادق حفيد جلجامش ترجم الأدب الألماني إلى العربية ست وثلاثون عاما قضاها الموزاني في ألمانيا بعيدا عن العراق وطنه، العراق الذي ظل يحمله في كل نقاشاته فكرة وألما وحلما، كان يحلم بعراق أفضل عراق حر يضمن حياة كريمة لأبنائه ويبني مستقبلا يليق بتاريخه العظيم، لكنه اصطدم بعد 26 عاما من منفاه وسقوط نظام صدام حسين بواقع مؤسف، واقع الاحتلال والدمار الذي خلفه هو والنظام الدكتاتوري الذي كان قائما، تحدث الموزاني عن “حالة الانهيار المروّع التي وصل إليها المجتمع العراقي بجميع أطيافه ونخبه. ما يثبت حجم اللامبالاة والعبث والعدمية وانعدام الضمير”، وتطرق، خائبا، إلى “تفكك الوطن واحتلاله وبيعه بأبخس الأثمان”. تحمل آراء الموزاني صدقا وجرأة سواء في ما يتعلق بالساحة الثقافية العراقية أو العربية التي لم يتوان عن نقدها، أو عن وطنه العراق المفكك، أو عن حال الإعلام العربي الذي اضطره إلى مقاطعته والنشر في وسائل التواصل الاجتماعي، إذ اضطر إلى نشر المقالات الطويلة نسبيا في الفيسبوك، بسبب مقاطعته للصحافة العربية التي تهيمن عليها العقلية الطائفية، كما كان يقول. وحتى في نقده لحال العراق والمشهد الذي تسيطر عليه الطائفية، ونقده للسياسيين ورجال الدين، نقد أيضا العراقيين، الذين يرى أن تغيير الحال المزري بأيديهم هم، يقول في إحدى تدويناته “جدي جلجامش الذي كان يجندل سباع الأرض بعصاه وحدها. وكم أتمنى أن أمسك بهذه العصا السحرية وأهوي بها على رؤوس العراقيين فردا فردا، لعلّهم يستيقظون من سباتهم ومن موتهم وينتبهون إلى أنفسهم وإلى وطنهم وشعبهم وثقافتهم”. يقول في العراق أيضا بنبرة فيها من السخرية الممتزجة بالألم “الصناعة الثقيلة الوحيدة في العراق هي صناعة الموت، والموت وحده. فكلّ شيء هناك مسخّر من أجل هذه الغاية”. كان حسين المـوزاني يحلـم بـوطن لا قتـل فيه لا دمار ولا حـرب، وطن يفقه ماضيه ويؤمن بحاضره ويسعى إلى مستقبله، كان يحلم بأن يلامس كل شبر من عراقه، الذي ظل يردد قبل عنه “ربما لن أزوره أبدا”. صادقا كان الرجل الذي لم يتراجع أمام ما يراه حقا، حتى مع ما حاق به من تضييق إعلامي وتضييق من قبل الجهات التي تزعجها كلمة حق. :: اقرأ أيضاً تقول الموسيقى ما لا تستطيع أن تقوله الكلمات أين يكون الشاعر عندما يكتب الشمندورة رواية مهربة من المعتقل عن عالم النوبيين رواية بحرينية تستعيد زمن القرية

مشاركة :