تجربة فريدة من نوعها يقدمها معرض «فان كوخ: اللوحات الحية» لمحبي الفنون في دولة الإمارات، حيث يتيح لهم المعرض مشاهدة لوحات الفنان الشهير، عبر تقنية حديثة، تهدف إلى تغيير المفهوم التقليدي للمعرض الفني الذي يعتمد على التأمل الصامت للأعمال الفنية المعروضة، وتحويله إلى تجربة تفاعلية تجمع بين الصورة والصوت معاً. يعتمد المعرض الذي افتتحته وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، بالتعاون مع شركة Grande Exhibitions، و6IX Degrees Entertainment، صباح أمس، في المسرح الوطني بأبوظبي، ويستمر حتى 26 فبراير المقبل، لينتقل بعدها إلى حي دبي للتصميم في الفترة من 11 مارس إلى 23 أبريل 2018، على إدخال الزائر في تجربة متكاملة، تنطلق مع موسيقى سيمفونية قوية تسيطر على حواسه، يصاحبها تحول جدران وأرضية المكان إلى شاشات عرض لمجموعة من أعمال الرسام الهولندي فنسنت فان كوخ، وما يزيد على 3000 صورة مختلفة، مصحوبة بمعلومات عن حياة الفنان ومسيرته الفنية، وأقوال له تعكس التحولات الفنية التي مر بها، وذلك عبر تقنية «سينسوري فور»، (SENSORY4)، المتطورة للوسائط المتعددة، وباستخدام 40 جهاز إسقاط صور عالية الدقة. فصول وتحولات غرفة فان كوخ يتضمن المعرض نسخة بالقياس الحقيقي لغرفة فان كوخ، التي صورها في العمل الفني الشهير «غرفة نوم في آرل»، حيث يمكن للزائرين دخول الغرفة والتقاط الصور للتفاصيل الموجودة فيها. وتبلغ قيمة تذاكر دخول المعرض 70 درهماً لمن هم فوق الـ16 عاماً، و65 درهماً لمن هم تحت الـ16 عاماً وللطلبة. يتتبع المعرض التغيرات التي مر بها فان كوخ عبر مسيرته الفنية التي استمرت 10 سنوات، وكان يستلهم فيها أعماله من تغير المناظر الطبيعية والأشخاص المحيطين به، والأماكن التي يقيم فيها، مقسماً هذه المراحل إلى فصول، تصاحب كل منها قطعة موسيقية تعبر عنها، وعن المشاعر والتجارب التي عكسها الفنان في لوحاته في تلك الفترة، وتبدأ بسلسلة من البورتريهات الذاتية التي تعكس الأنماط المختلفة للفنان ومشاعره المتغيرة على الدوام، والاضطراب الذي يعانيه. ويركز الفصل الأول على المرحلة التي عاشها فان كوخ في موطنه هولندا، وما تتميز به من تركيز على الألوان الداكنة والترابية في رسم المناظر الطبيعية والأشخاص والطبيعة الصامتة. ثم ينتقل العرض إلى مرحلة جديدة مع انتقال الفنان إلى فرنسا، حيث تأثر بالطاقة الباريسية وفناني المدرسة الانطباعية، حيث بدأ في استخدام ألوان مبهجة، ومعها بدأت أعماله في التحول إلى النمط الفريد الذي اشتهر به. نقلة أخرى يتتبعها المعرض مع انتقال الفنان للعيش في «آرل» في جنوب فرنسا، وهي الأكثر إنتاجية في مسيرته على الإطلاق، وتبدأ بسلسلة لوحات «دوار الشمس»، ثم تحوله لتصوير حياته وحياة المحيطين به، وكذلك اهتمامه بالفن الياباني، كما عبرت هذه المرحلة عن تدهور فان كوخ، وإصابته بمرض عقلي. وتعبر المرحلة الختامية من المعرض عن شعور فان كوخ بالفراغ، الذي انعكس في مساحات الطبيعة الشاسعة التي جسدها في لوحاته في تلك الفترة، كما في لوحته «حقل القمح مع الغربان»، التي تعبر عن اضطراب مشاعره في أواخر حياته. آفاق تواصل مدير إدارة الفعاليات الثقافية في وزارة الثقافة وتنمية المعرفة ياسر القرقاوي، أشار إلى أن المعرض يعزّز دور الإمارات كإحدى منارات الثقافة والفنون ومصدر للإشعاع الثقافي في العالم، من خلال فتح آفاق جديدة للتواصل والتقارب بين مختلف الثقافات، واستخدام الفن كجسر لتعزيز قنوات التبادل الثقافي بين الشرق والغرب، وترسيخ أهمية التواصل مع الثقافات العالمية وتبادل الخبرات، وزيادة الوعي الثقافي لدى المجتمع، من خلال تنظيم فعاليات ثقافية وفنية تتيح الفرصة للاستدلال على تجربة الآخر، والانفتاح على الثقافات العالمية بكل أنواعها، باعتبار الثقافة والفنون هما أفضل الوسائل للتقارب بين الشعوب، إلى جانب إعداد أجيال جديدة من الكوادر المواطنة الشابة المؤهلة بخبرات ومهارات تتيح لها اغتنام فرص احتراف الفن بكل أشكاله، وذلك عبر ممكنات النهضة الثقافية في الدولة. لافتاً خلال المؤتمر الصحافي الذي سبق افتتاح المعرض، إلا أن هذا الحدث يمثل تجربة فريدة من نوعها في الإمارات، تجمع ما بين أروع المقطوعات الموسيقية الكلاسيكية المختارة، إلى جانب مجموعة من اللوحات التي أبدعها الفنان فان كوخ، من خلال أسلوب عرض يتضمن مزيجاً فريداً من الأضواء والألوان والأصوات، لاستعراض هذه الأعمال الفنية الشهيرة. كما اعتبر هذه التجربة فرصة جيدة لأن يشكل المعرض مصدر إلهام للفنانين الإماراتيين الطموحين لتطوير تجاربهم الفنية وتنميتها، من خلال الأسلوب والرؤية اللذين تبنّاهما فنان تشكيلي كبير مثل فان كوخ. تجربة لمختلف الأعمار من جانبه، توقع المدير التنفيذي في 6IX Degrees Entertainment يوسف باطوق، أن تنال هذه التجربة إعجاب الجمهور إلى أبعد الحدود، معرباً عن سعادته بإسهام الشركة في جلب تجربة «فان كوخ: الأعمال الحية»، المعروفة على مستوى العالم، إلى أبوظبي وإلى الشرق الأوسط للمرة الأولى، «حيث لم يسبق أن شهدت المنطقة إقامة معرض فني من هذا النوع». وأضاف: «يقدم المعرض تجربة فريدة لجميع أفراد العائلة، ومختلف الفئات العمرية، للاطلاع على المعروضات، ومشاهدة الخفايا والأعمال العديدة من منظور مختلف وجديد. وسيحظى الزائرون بفرصة للتعرف إلى المصادر التي ألهمت الفنان فان كوخ، من خلال عروض الصور ومقاطع الفيديو، إلى جانب تقديم أعماله التي قدمها لنا. ولكن بالنسبة للعديد من الأشخاص، فإن السعادة تكمن بالوقوف دون حراك، والانغماس بالأحاسيس، مع انطلاق موجات من الأضواء والأصوات المذهلة والجميلة من حولهم».
مشاركة :