تضاعفت معاناة المواطنين اليمنيين مؤخراً مع وصول سعر صرف الريال لمستويات قياسية جديدة لم يصلها من قبل وتخطى سعر الدولار الأميركي الواحد حاجز الـ500 ريال. هذا الانخفاض القياسي لسعر صرف الريال اليمني جاء استكمالا لمسلسل انهيار الاقتصاد الذي تعاني منه اليمن منذ سيطرة الميليشيات الحوثية على صنعاء في سبتمبر 2014 حينما كان الدولار الواحد يساوي 214 ريالاً. وأودعت السعودية ملياري دولار في البنك المركزي اليمني لحماية العملة المحلية، معلنةً أن وديعة الملياري دولار ستنعكس إيجاباً على أحوال المواطنين. الخبير الاقتصادي فضل البوعينين قال في مقابلة عبر الهاتف مع قناة "العربية"، إن الوديعة السعودية ستعزز من قيمة الريال وستقلص من الفجوة بين أسعار الصرف في السوق السوداء والسوق الرسمية. ومنذ سيطرة الحوثيين أغلقت آلاف الشركات والمصانع أبوابها في العديد من المدن اليمنية منذ أن بدأت الحرب، ليفقد جراء ذلك 80% من الشباب العاملين وظائفهم. وأكد تقرير للأمم المتحدة أنه تم تسريح 70% من العمالة لدى شركات القطاع الخاص. وبحسب البنك الدولي فقد بلغت نسبة البطالة العام الماضي نحو 60%. ودمر الحوثيون الاقتصاد عبر عدة عوامل، أبرزها توقف الصادرات، وازدياد الواردات من الخارج، إضافة إلى طباعة عملة محلية دون غطاء قانوني. ولفت البوعينين إلى الانخفاض الحاد في قيمة الريال اليمني مع قيام الحوثيين باستنزاف خزينة البنك المركزي في صنعاء، حيث وصل إلى مرحلة لا يستطيع معها دفع الاحتياجات الأساسية، وبالتالي هو يعاني من جانبين أحدها تنظيمي والآخر يتعلق بتوفير الاحتياجات المالية. وقال "خلال الأشهر الماضية تم طبع المزيد من العملات اليمنية، وطباعة العملات من دون وجود رصيد من العملات الأجنبية سيكون مصيرها انعكاس سلبي على التضخم، وانهيار هذه العملات المطبوعة، والمتأثر في النهاية هو الشعب اليمني". وبحسب البوعينيين فإن الوديعة ستدعم تمكين البنك المركزي من السيطرة على الواردات من الخارج، هذا إضافة إلى أن مركز الملك سليمان يقدم إعانات كبيرة، ومنها ما يقدم على مستويات الجانب الغذائي، إضافة إلى المساعدات الطبية والصحية، وتحمل المملكة ميزانية مكافحة الأوباء والأمراض في اليمن، والمملكة دورها لم يتوقف عند الوديعة بل تجاوزها إلى تغطية احتياجات اليمن. وأكد البوعينين أن البنك المركزي اليمني مازال قادرا على مواجهة الصعوبات، باعتباره ممرا يجب الحفاظ عليه لوصول التدفقات المالية من العمال اليمنيين في الخارج، وأيضا القطاع المصرفي متماسك لحد الآن. وقال إن الحوثيين دمروا الاقتصاد والبنى التحتية اليمنية وقاموا ببيع النفط والاستيلاء على أرصدة البنك المركزي وكل هذا بدعم مباشر من إيران. وزادت الأسعار في محلات التجزئة بنسبة 20% في مختلف السلع الأساسية من بينها القمح والأرز والسكر، فيما زادت بعض المواد الكمالية بنسب تتراوح بين 20 % و30 % وسط مخاوف من أن تؤدي موجة الأسعار الجديدة إلى تدهور الوضع المعيشي لغالبية السكان إلى مستويات مخيفة خاصة مع عدم صرف رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الحوثيين ذات الكثافة السكانية الأعلى في اليمن، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط". ويتهم المصرفيون ميليشيات الحوثيين بأن إجراءاتها التعسفية الأخيرة زادت من تدهور الوضع، ويحملونها المسؤولية عن استنزاف أكثر من 5 مليارات دولار من البنك المركزي قبل أن تقوم الحكومة الشرعية بنقله إلى مدينة عدن في سبتمبر 2016. وكان البنك المركزي في عدن اتخذ قبل أشهر قرارا بتعويم الريال اليمني وثبت سعر الدولار مقابل الريال عند 380 ريالا لجهة عدم قدرة البنك على توفير العملة الصعبة للتجار لاستيراد السلع بالسعر الرسمي السابق الذي كان مقررا عند 250 ريالا للدولار الواحد.
مشاركة :