باريس - أعلن محامو نساء وأطفال جهاديين فرنسيين قبضت عليهم القوات الكردية في سوريا أنهم قدموا الأربعاء شكوى ضد السلطات الفرنسية بتهمة "الاعتقال التعسفي وإساءة استخدام السلطة". وقال المحامون في بيان إن "كردستان السورية ليس لها وجود قانوني وبالتالي فهي ليست مؤسسة ذات سيادة، فإن هؤلاء النساء والأطفال محتجزون جميعا بدون حق". وأضافوا أن فرنسا "تعمدت الامتناع عن أي تدخل وتعرضهم كذلك لأخطار مؤكدة على الصعيد الصحي في منطقة نزاعات"، مطالبين نيابة باريس بإجراء تحقيق أولي حول "اعتقال تعسفي واساءة استخدام السلطة". وأوضح مصدر قريب من الملف أن نحو أربعين جهاديا فرنسيا بالغين مناصفة بين الرجال والنساء يرافقهم نحو عشرين طفلا معتقلين في سوريا والعراق غالبيتهم العظمى بيد أكراد سوريا. وتشكل عودتهم موضوعا بالغ الحساسية بالنسبة إلى باريس، إذ أن السماح بهذه العودة يطرح تساؤلات بالنسبة إلى الأمن القومي في حين أن تركهم يحاكمون في سوريا يثير تساؤلات قانونية انطلاقا من الفوضى التي تسود هذا البلد. وقد عبرت الحكومة الفرنسية عن رغبتها في محاكمة هؤلاء من قبل السلطات المحلية إذا كانت الظروف تسمح بذلك. وقالت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبيه الأربعاء لإذاعة فرنسا الدولية "إما أن يتم احترام قواعد المحاكمة العادلة في سوريا وإما لا يتم ذلك وثمة معاهدات دولية. لدينا شكوك كبيرة في شأنها ما يعني أننا سنتولى أمرهم في فرنسا". ورجح مصدر قريب من الملف ألا تؤدي الشكاوى التي قدمها المحامون إلى فتح تحقيق. وقال مارتان براديل "ستحرص النيابة على عدم متابعة السياسات التي حددت على أعلى مستوى في ما يتعلق بهذا الموضوع بالغ الحساسية على الصعيد الجنائي". وتدارك "لكن ينبغي النظر إلى الحقيقة كما هي: محاكمة عادلة يجريها قاض مستقل ومحايد لأنه يستمد سلطاته من دستور. والمفارقة أن لا وجود لدستور كردي". وفي الثامن من يناير/كانون الثاني اعتبر الاتحاد الدولي لحقوق الانسان ورابطة حقوق الانسان الفرنسية أن الفرنسيين الموقوفين في سوريا والعراق يجب أن يحاكموا في فرنسا وليس في هذين البلدين كما ترغب باريس. وذكر الاتحاد الدولي في بيان موقع مع الرابطة الفرنسية أن الحكومة الفرنسية "أعلنت للتو أن الأشخاص الذين أوقفتهم القوات الكردية في سوريا سيحاكمون هناك إذا "كانت المؤسسات القضائية قادرة على تأمين محاكمة عادلة". واعتبرت باريس قبل أسبوعين أن الفرنسيين الذين انضموا إلى جماعات متطرفة واعتقلوا في سوريا والعراق يجب أن يحاكموا في هذين البلدين ما أن تسمح الظروف بذلك بعدما طلبت جهاديتان موقوفتان في سوريا العودة إلى فرنسا للمثول أمام القضاء الفرنسي. واعتبر الاتحاد الدولي والرابطة الفرنسية لحقوق الانسان أن أيا من الدولتين أو في الأراضي المعنية لديه "القدرة على ضمان محاكمة عادلة للموقوفين" سواء كان في منطقة الإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا "التي ليست دولة ولا تملك نظاما قضائيا" أو في بقية أنحاء سوريا التي تشهد "نزاعا داميا منذ حوالى سبع سنوات ونظامها القضائي في أيدي الرئيس بشار الأسد" أو في العراق "حيث لا يزال تطبق عقوبة الاعدام ساريا". وأضافا أن "دولة القانون تتطلب خصوصا أن يتمكن كل فرد من أن يحاكم أمام محكمة مستقلة ومحايدة تحترم فيها حقوق الدفاع". وبحسب مصدر مقرب من الملف في فرنسا فإن 40 جهاديا فرنسيا من رجال ونساء برفقة حوالى عشرين طفلا أوقفوا في هذين البلدين ومعظمهم على أيدي القوات الكردية في سوريا. وقالت المنظمتان إن "هؤلاء الفرنسيين الذين هم من جانب آخر موضوع ملاحقات قضائية في فرنسا بمبادرة من نيابة مكافحة الإرهاب يجب أن يستفيدوا بالفعل من محاكمة عادلة بغض النظر عن الأفعال المنسوبة إليهم". وتابعتا أن "فرنسا لا يمكنها ومهما كانت خطورة الأفعال المنسوبة إلى الأشخاص المعنيين، التنصل من التزاماتها في هذا المجال". والاتحاد الدولي لحقوق الانسان الذي يدافع عن الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية كما هي واردة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان، يضم 184 منظمة مدافعة عن حقوق الانسان في 112 دولة.
مشاركة :