بثّت جماعة بوكو حرام الإرهابية، إصدارًا مرئيًا جديدًا أظهر عددًا من الفتيات المختطفات من مدينة تشيبوك بشمال نيجيريا منذ إبريل 2014. وجاء في هذا الإصدار الذي بلغت مدّته سبع وثلاثون دقيقة ما ورد على لسان إحدى الفتيات نيابة عن باقي الفتيات: "نحن فتيات تشيبوك ولن نعود بإذن الله"، وأعلنت تلك الفتاة ذلك فيما ظهرت في الخلفية مجموعة من الفتيات ثلاثة منهنّ يحملن أطفالهنّ الرضّع بين أيديهنّ. ويعدّ هذا الإصدار هو الأول لفتيات تشيبوك منذ مايو من العام الماضي، كما أظهر الإصدار فتاةً أخرى تقول إنّها واحدة من 219 فتاة تم اختطافهنّ من تشيبوك في العملية الشهيرة بقضية فتيات تشيبوك، حاملةً بندقيةً معلنةً رفضها العودة لمنزلها. وقال مرصد الأزهر، إنه لم يتضح مكان أو زمان تسجيل هذا المقطع المصوّر، كما لم يتضح ما إذا كانت هؤلاء الفتيات قد تم إجبارهنّ أو أنّهنّ يتحدّثن باختيارهنّ. وأشارت فتاة أخرى إلى العائدات من معسكرات بوكو حرام بقولها: "نأسف جدًا لزميلاتنا اللاتي قررن العودة لدار الكفر والنفاق بعد أن كنّ في أرض الخلافة، ولكن ما دام هذا قرارهنّ فعليهنّ تحمّل تبعاته" وواصلت تلك الفتاة حديثها محذّرةً الفتيات الهاربات من مواقع بوكو حرام من أن يتم استغلالهنّ للإضرار بأخواتهنّ اللائي قررن البقاء في أرض الخلافة.ووجّهت تلك الفتاة رسالةّ لوالديها قائلةً: "عليكم بالتوبة، فإنّ جهنّم هي مستقرّكم إن لم تتوبوا، لأنّ الله خلقنا لنعبده". ثمّ توجّهت بالشكر لقادة بوكو حرام وعلى رأسهم أبو بكر شيكاو، واصفةً إياه بالأب الرّوحي للجماعة وولي أمر المختطفات يزوّجهن بالمجاهدين لينجبوا جيلًا جديدًا من المجاهدين. كما تخلّل الإصدار ظهور لزعيم بوكو حرام أبو بكر شيكاو حاملًا سلاحًا، ملقيًا كلمة استمرّت لثلاث عشرة دقيقة، حثّ خلالها أتباعه على مواصلة ما أسماه "انتصارات ساحقة"، والقيام بمهامهم على الوجه المطلوب، مهدّدًا بشنّ مزيد من الهجمات والعمليات داخل نيجيريا وخارجها.وفي نهاية الإصدار عمدت جماعة بوكو حرام على تصوير جوانب من معارك وهجمات شنّتها ضد قوات الجيش النيجيري وقوات تحالف غرب إفريقيا لمكافحة بوكو حرام، فيما يبدو أنّه محاولة لرفع الحالة المعنوية لدى عناصرها، وإعلان من الجماعة عن نفسها وأنّها تنجح في تنفيذ مخططاتها وصدّ محاولات القوات الأمنية للقضاء عليها.ويرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف أنّ هذا الإصدار يعدّ حلقةً جديدة من مسلسل التحدّي السّافر الذي تنتهجه هذه الجماعة بدعوى الجهاد ومحاربة الكفر والنّفاق وردّ العدوان، والحقّ أنّهم يحاربون الإيمان والسّلام ويعملون على تحقيق مصالح أعداء الإنسانية والاستقرار.وشدّد المرصد على أنّ أسلوب ادّعاء النّصر والغلبة والتغنّي بنصرة الدّين بات أسلوبًا مفضوحًا وبهتانًا مبينًا، حيث يؤكّد المرصد أنّ إصدارًا كهذا يعطي دلالة واضحة على إفلاس تنظيم داعش وجماعة بوكو حرام بالتبعية، وسعيهما الحثيث على إيجاد فرصة لإثبات أنّ التنظيم وأذنابه لازال لهم مكانًا، ولازالوا يملكون حظوظهم في تهديد سلام العالم والعبث باستقراره، الأمر الذي يراه المرصد متوقّعًا في ظل تردّي وضع التنظيم وتراجع قوته.ودعا المرصد لعدم التسرّع في الحكم على هؤلاء الفتيات فما هنّ إلا ضحايا إرهاب وحشي وإجرام همجي، سلبهنّ الحرية والكرامة، وأضحى يفرض عليهنّ ما لا يوافق الفطرة الإنسانية السّليمة والعقل الراجح، فما تقوم به هؤلاء الضحايا المغلوبات على أمرهنّ نابع من إكراه وتحت تهديد شديد، إمّا التنفيذ وإمّا المصير المحتوم قتلًا وتنكيلًا، في جرائم لا علاقة لها بدين أو عُرف أو عقل رشيد.
مشاركة :