الدوحة - الراية: أكد فضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن الله تعالى أراد لهذه الأمة أن تكون أمة قوية قادرة على تحقيق الخير والحضارة وأن تكون أمة فاعلة لا مفعولاً بها، كما هو اليوم. وأشار في خطبة صلاة الجمعة أمس بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب، إلى أن الجميع منشغل بالجدل الفلسفي العقيم حول الإنسان إذا كان مخيرا أم مسيرا. وأضاف «لو عدنا إلى قرآننا الكريم وقرأناه قراءة صحيحة وفهمناه لما انشغلنا، ولوجدنا كل خير في هذا القرآن ولوجدنا تبياناً لكل شيء».. وقال إن الإيمان بالقضاء والقدر ركن أساسي من أركان هذا الدين الحنيف، حيث لما جاء جبريل عليه السلام إلى نبينا وحبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسأله عن عدة أشياء منها سؤاله عن الإيمان، فقال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره من الله تعالى». إذاً فالإيمان بالقدر يقتضي التوحيد الخالص لله سبحانه وتعالى بإرجاع الخلق والأمر إليه سبحانه وتعالى، وأنه هو الخالق والرازق والعالم المحيط بعمله بكل شيء وأن كل شيء يحدث في هذا الكون بقدر الله وبعلمه سبحانه وتعالى. وقال إن الإيمان مربوط بالعمل إذ أمرنا الله تعالى بالعمل والأخذ بالأسباب والتجهيز لكل شيء كما فعل عليه الصلاة والسلام حينما هاجر من مكة إلى المدينة، وهو أكمل الناس إيماناً وأقواهم وأشدهم أقربهم علاقة مع ربه، قد أخذ بكامل أسباب السفر والهجرة من هروب وتغيير للطريق والراحلة وتقصي الأخبار وما إلى ذلك، وزاد القول: إن هناك إشكالية يأتي بها بعض الناس، إذا الله كان خالق كل شيء وهو المرجع لكل شيء. وإذا كان قدر الله قد كُتب فما الذي نستفيد منه؟ وما الذي نستطيع أن نفعل وأن نقابل إرادة الله تعالى؟. وقال في هذه هذه الأثناء أن هذه الشبهة هي شبهة المشركين الذين قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم وقد سجلها القرآن الكريم في قوله تعالى: (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ) وأكد أن المسلم دائماً هامته في الثريا وهو جبل شامخ لا يخضع لأحد، لا للمال ولا للجاه لا لأي شيء، وهذا لا يعني أن يتحدى أو يتعدى وإن كان في قرارة نفسه ملكاً من الملوك، لأنه ملتجئ إلى الله تعالى الذي هو قادر على كل شيء. ولكن في باب الأعمال والأخذ بالسنن أن يكون مثل أي إنسان مادي، كما أن الغرب والملحدين وغيرهم أخذوا بالأسباب فالمسلم من باب أولى أن يأخذ بالأسباب مع هذا الإيمان القوي بأمر الله وبقدره.. فيكون مع اطمئنان القلب وثباته وعزة النفس وشموخ الرأس مع الأخذ بالأسباب والسنن قد جمع بين الخيرين، خير معنوي في داخل نفسه وخير مادي لا يضاهيه فيه أحد.
مشاركة :