الكاتبة المصرية إيمان الزيات تحمل في روايتها نقوشا من أزمنة وأمكنة متباينة في ملامحها وطقوسها وأنماط فرحها وترحها.العرب [نُشر في 2018/01/20، العدد: 10875، ص(14)]صراعات لا تنتهي القاهرة - في روايتها “دموع النوافذ” تتيح الكاتبة المصرية إيمان الزيات للشخصيات الواقعية والمتخيلة التي تتقاطع أقدارها أن تخوض صراعات لا تنتهي، منها من يطارد حلمه وتطارده الأحداث، تحاصره الظروف وتضيّق عليه الخناق، فيختلط في مخيلته الواقع بالخيال، والهلوسات بالحقيقة؛ ومنها من يخرج من حيز الصفحات إلى الواقع ليدافع عن حقه في الحياة، ويبارز الكاتبةَ المتعنّتة التي تتسلط عليه، وتغيّر حياته بنقرات آلتها الطابعة. ويقول الناقد المغربي مصطفى شميعة في تقديمه للرواية، إنها “عمل استثنائي عميق برموزه الدلالية وبصوره وأحداثه وحبكته”، معتبرا أنه يستدعي قراءة تأويلية تبسّطه وتفكك نسيجه اللغوي، وتحاول القبض على دلالته “الهاربة كالضوء في اتجاه اللامتوقع”. ويضيف أن عنوان الرواية، باعتباره نصا موازيا، يجسد دلالة متكاملة، وعالما شهيا للكشف والتحليل، فكيف تبكي النوافذ؟ ومتى تذرف دموعها؟ من أجل من تبكي؟ ولماذا؟ ويوضح أن الرواية، الصادرة عن دار “جولدن بوك”، تتحول إلى بؤرة تساؤلات مُلحّة، تفرض نفسها أمام تشابك العوالم الكبرى التي تفتحها الكاتبة في متخيلها السردي، لتصير كل مكونات الرواية مداخل حقيقية للبحث عن شعرية البؤس والحزن المتجلية في الصور والمشاهد، والمتغلغلة في تفاصيل الحياة التي تعيشها شخصيات الرواية، سواء على البحر وهي فوق أشلاء سفينة متهالكة، أو على الأرض داخل غرفة تبكي نوافذها جراء شعورها باليأس. ويشير شميعة إلى أن الأشياء تبدو مختلفة عن طبيعتها في “دموع النوافذ”، إذ “تتفرد الاستعارات وتتشابك الصور وتتمرد الفروع على الأصول، فتبدو اللغة غاضبة تنسج لنفسها أكوانا من الوقاحة والمرارة والعشق، ونكون إزاء نص تصرخ فيه الكلمات، ويكون الإنسان حكاية من حكايات الوجود العابث الذي لا معنى له سوى في اللغة التي تبرع الكاتبة في تأليف موادها المتهالكة”. ويؤكد الناقد على أن هذا النص ليس نصا بكائيا بالمرة، بل هو تعبير عن انتصار الحب في الحياة. أما الناقدة نهلة جمال، فتقول إن رواية “دموع النوافذ” تحمل لنا نقوشا من أزمنة وأمكنة متباينة في ملامحها وطقوسها وأنماط فرحها وترحها، غير أن هذا التباين الذي قد يسبب للوهلة الأولى حالة الارتياب من شرقيةِ هويتها، هو نفسه جواز مرورها للعقل والقلب بيسر ودون تكلّف. وتتسم الرواية بالانتقالات السريعة بين المشاهد التي تنبض بأصوات الطبيعة وتحمل أنين الماضي والحاضر، لترسم صورا ذهنية مختلفة الأبعاد يعكس القارئ ذاته بها. ويظهر السرد فيها متنوعا ومكثفا واللغة رصينة تتناغم فيها الرقة بالوضوح.
مشاركة :