يعد الفنان ديفيد هانرز من القلة الذين يستخدمون أسلوباً مختلفاً في العزف الفلكلوري التراثي أو الشعبي، فهو يمتاز برؤية نابعة من قلبه وجذوره، إذ يؤدي أغنياته على نمط قصصي جميل. نظمت دار الآثار الإسلامية بمركز اليرموك الثقافي حفلا موسيقيا من الجنوب الأميركي للفنان ديفيد هانرز، وذلك ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي الـ24، الذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. شهد الحفل حضور جماهيري كبير من متذوقي الموسيقى الغربية وعشاق الأنغام العالمية يتقدمهم ممثلو بعض الهيئات الدبلوماسية لدى الكويت وعدد من أبناء الجاليات المختلفة، ورغم تباين الخلفيات الثقافية للجمهور، فإن شملهم التئم على حب الموسيقى وتذوق الفنون. قدم الحفل صباح الريس، الذي قال إن مثل تلك الأمسيات تأتي في إطار التنويع المستمر في الفعاليات الموسيقية المحلية والعربية والعالمية، لافتا إلى أن هذه الأمسية مميزة كونها تحمل فنونا موسيقية من تراث الجنوب الأميركي. وما هي إلا دقائق حتى استقبل الحضور الفنان الأميركي ديفيد هانرز الذي أطل ليحيي الجمهور، ثم جلس على المقعد المخصص له في وسط المسرح، وقد تأبط الغيتار، ليشرع في العزف، في أمسية حملت اسم «جذور الموسيقى في الأرض الأميركية». ويعد هانرز من القلة الذين يستخدمون هذا الاسلوب في العزف الفلكلوري التراثي او الشعبي، فهو يمتاز بأسلوبه الخاص بالعزف والنابع من قلبه وجذوره، إذ يؤدي اغانيه على نمط قصصي جميل. واختار الفنان الأميركي مجموعة مميزة من الأغنيات والموسيقات، كان بطلها بلا منافس الغيتار، الذي يعد واحدا من أعرق الآلات الوترية ليصحب هانرز الحضور في جولة إلى الجنوب الأميركي ويعرفهم على تفاصيل الحياة اليومية وأهم العادات والتقاليد بأسلوب فني سلس وبسيط لا يخلو من الدعابة، فنجح الفنان الأميركي في رسم الابتسامة على محيا كل من حضر، وأدخل البهجة على قلوبهم وشنف آذانهم فأرقص قلوبهم طربا. ومضى ديفيد في برنامجه الذي صاغه بحرفية وذكاء، وكأنما أراد أن يلعب دور سفير السلام والثقافة والمعرفة ليطيع الجميع على إرث فني ضخم بعضنا تعرف عليه من خلال السينما الأميركية، وآخرون نبشوا مواقع الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي للاقتراب منه، ولامست إبداعات وفكر وفن هانرز عاشقي التراث الموسيقي الأميركي، إذ استطاع تسليط الضوء على المكنون الفني الأميركي الفلكلوري العريق من زوايا وقوالب مختلفة، وبلغة موسيقية متناغمة بين العزف والغناء. استطاع هانرز خلال الحفل إحياء فنون مستمدة من الإرث الأميركي، التي وجدت تفاعلا لافتا من الحضور الذي انسجم مع الوصلات الموسيقية والغنائية المتجانسة، فقدم أغنياته بعذوبة واستطاع أن يلهب ويشعل حماس الحضور. وواصل ديفيد العزف والغناء مستغلا لحظات الصمت بين كل فقرة وأخرى للحديث مع الحضور عن تاريخ كل لون فني ومصدره وكيف انتشر بين أنحاء الجنوب الأميركي، وتطرق إلى قصص من الواقع الاجتماعي الأميركي الذي يعيشه، وتمتد إليه جذوره، عبر محاكاة غنائية مغلفة بالعزف الموسيقي المتناغم، وعبر أرواح فنية ثرية من الأداء الصوتي العذب والعزف الموسيقي الكلاسيكي، بلوحات جمالية من الفنون العريقة المستوحاة من الجنوب الأميركي.
مشاركة :