بات لزاماً على مجلس الأمة أن يفكّر جدياً في تطوير نتاج أعمال لجانه البرلمانية التي تعنى بإعداد الاقتراحات ومشاريع القوانين ومراجعتها، وذلك من خلال الاستعانة بالخبرات والتخصصات التي تعمل على فحص الاقتراحات، والتأكد من ملاءمتها وسلامتها وخلوها من العيوب والمثالب الدستورية، وصولاً إلى غاية الجودة في التشريع. لجان المجلس بحاجة إلى عدد من المختصين قانونياً من أصحاب الكفاءة، ليتم الاستماع إلى آرائهم لشرح أبعاد مشاريع واقتراحات القوانين التي تعكف اللجان على دراستها، لأن الواقع العملي أثبت خلال الأعوام الخمسة الماضية صدور قوانين بشكل سريع، ولم تحظ بالفحص أو المراجعة أو التدقيق أو حتى سؤال المختصين بها، وصدرت إما مشوهة في الصياغة، أو مخالفة للدستور، أو متعارضة في التطبيق مع قانون آخر! العديد من لجان المجلس لا تقوم بدورها القانوني على أكمل وجه تجاه ما يعرض أمامها من اقتراحات ومشاريع قوانين، وذلك لأن العديد من القوانين التي صدرت تفتقد إلى الحد الأدنى من الضوابط أو الضمانات الدستورية أو الملائمة التي تتطلبها القواعد القانونية المراد تطبيقها، وهو ما يثير التساؤل: كيف فات على اللجان والمجلس هذه المادة أو ذاك القانون؟ إصدار التشريعات له كلفة من الوقت والجهد المطلوب لبحثها، ولا يمكن التفريط بهما، لأن أبعاد أي اقتراح أو مشروع من البحث والمراجعة والتدقيق سيكلف المجلس عناء بحثه ومراجعته مجدداً، بسبب أن المجالس السابقة لم تعر أي اهتمام لخطورة أداة التشريع، ولم تعر أي اهتمام لبحث ودراسة تلك التشريعات كما يتعين. الإخفاق في التشريعات نتيجة عدم البحث والمراجعة والفحص التشريعي الدقيق كان نتيجة طبيعية لإلغاء قوانين وتعديل أخرى بعد عام من صدورها، وهو ما حل بقوانين هيئة الاتصالات المعيب دستورياً عند صدوره، و»البصمة الوراثية» الذي لم يفعل وتم إلغاؤه من المحكمة الدستورية لمخالفته أحكام الدستور، و»إنشاء مكاتب الخدم» الذي قضي بعدم دستورية إحدى مواده بعد أشهر قصيرة من صدوره، وقانون الرياضة الذي عدل بعد عام لتعارضه دولياً، وقانون البلدية الأخير الذي عطل أعمال المجلس البلدي أشهراً، وعطل عقد انتخاباته! يتعيّن على المجلس أن يفكر جدياً في تطوير لجانه من خلال تكليف عدد من المختصين من أصحاب الخبرات والكفاءات لأعمال تلك اللجان دون الاعتماد على آراء المعينين لديه، أو الاستعانة بأصحاب التخصصات عند مناقشة القوانين، وكذلك استدعاء ممثلي الجهات المعنية بالقوانين، حتى يسمع رأيهم والصعوبات التي تواجههم، والنظر فيها عند دراسة القانون وقبل إصداره ليكون القانون مراعياً جوانبه النظرية والعملية.
مشاركة :