شكلت مبادرة «ادعم ناديك» التي أطلقتها الهيئة العامة للرياضة برئاسة تركي آل الشيخ، منعطفاً تاريخياً للرياضة السعودية، إذ بات بإمكان المشجع البسيط الإسهام في دعم ناديه المفضل وإنقاذه من الديون، بل والمساهمة في جلب النجوم العالميين ليرتدوا قميص فريقه.وقال الدكتور حافظ المدلج رئيس لجنة التسويق في الاتحاد الآسيوي إن مبادرة «ادعم ناديك» مبادرة ممتازة «وهي قناة دعم مالي موثوق، سابقاً كانت هناك أندية غير قادرة على تطبيق الفكرة لعدم وجود مظلة واضحة لهذا المال، بينما الآن تجري العملية عن طريق هيئة الرياضة، وهي جهة حكومية، مما أوجد مصداقية أقوى للمبادرة وتم خلق تنافس كبير، ففي الأيام الأخيرة تقاربت الأرقام بين الأندية وبات بالإمكان الوصول لأرقام كبيرة جداً.وقال المدلج: «نحن في البدايات واستطاع النادي الأول في المبادرة الهلال الوصول إلى 10 ملايين ريال سنوياً، وهذا ليس بالرقم البسيط، ومع الوقت ربما نصل إلى رقم أكبر أن استمر المشروع، شريطة أن ترى الجماهير أن أموالها تذهب في مكانها الصحيح».وعن تطوير المبادرة، تمنى المدلج أن يكون هناك جهات رقابية واضحة كالشركات الأربع الكبرى في عالم التدقيق، ويتم الاستعانة بها كجهة توثيق وضبط مالي كي تزداد ثقة الناس في عملية تفعيل هذه الحسابات وكيفية صرفها، ويتم مطالبة النادي بنهاية السنة ومن خلال هذه الجهات المالية العالمية بإصدار ميزانية الصرف الخاصة، التي تُظهِر المبالغ التي دفعتها الجماهير وأين صُرِفَت مما يريح الجماهير بشكل أكبر.ويشدد المدلج على أهمية إشعار الجماهير بدعمها، ضارباً المثل في حال إقامة أي نادٍ لمعسكر خارجي يتم الإعلان عن تكفل الجماهير الداعمة عبر مبادرة ناديك بالمعسكر أو في حال التعاقد مع لاعب تكون الجماهير هي من تكفلت بالصفقة من خلال المبالغ التي دفعتها الجماهير في المبادرة، مشيراً إلى أن الجماهير ستشعر فعلياً بالدعم الذي قدمته للنادي، وقال المدلج: «في المستقبل ربما نرى المبادرة تتحول من الجماهير للجماهير»، وأضاف قائلاً: «في حال مشاركة فريق في مباراة آسيوية قد تُسهِم الجماهير المشاركة في مبادرة (ادعم ناديك) بشراء التذاكر وتقدمها لبقية جماهير النادي».ورفض رئيس لجنة التسويق في الاتحاد الآسيوي سابقاً أن يتم ربط الحضور في الملعب بجماهيرية النادي لعدة أسباب، منها أن تكون جماهير النادي في حالة غضب مما يؤثر على الحضور، بالإضافة إلى تداخل المسابقات المحلية مع المسابقات العالمية، وهناك كثير من الأعذار التي تقدر من الجماهير بحسب قوله، مستشهداً بوجود مباريات في وسط الأسبوع أو فترة الاختبارات، أو إقامة مباريات بملاعب مختلفة، فمن الصعب مقارنة ملعب الجوهرة المشعة بجدة ببقية الملاعب لوجود بيئة ممتازة هناك.وعن الحضور الجماهيري في السابق، وهل هو أفضل من السنوات الأخيرة، يرى المدلج أن العرض في الملعب هو الأساس، ويقول المدلج: «أنا بنفسي كنتُ أذهب للملعب لوجود لاعب مثل يوسف الثنيان يستحق أن أذهب للملعب وأنتظر لمشاهدته بعكس الفترة الحالية»، وزاد المدلج: «في حال مقارنة مباريات الفترة الحالية بالفترات الماضية فهناك فرق كبير في الحماس والإثارة»، ولم يغفل المدلج انفتاح الجماهير على البطولات الأخرى، مثل الدوري الإسباني والإنجليزي، مما جعل الجماهير تشاهد منتجاً ممتازاً جداً، مما رفع من توقعاته، فـ«رِتْم» المباراة في الدوريات الأوروبية أسرع بكثير من الدوري المحلي.فيما قال الدكتور مقبل الجديع المستشار في الإدارة والتسويق عن مبادرة «ادعم ناديك» إنها من أفضل المبادرات التي تمت على الصعيد الجماهيري، مبيناً أن الوضع الحالي للمبادرة سيجعل التزايد لفترة بسيطة من أسبوع إلى شهر، وبعد ذلك ستقل المنافسة، ولفت النظر أن الإعلان اليومي هو ما يجعل التنافس بين الجماهير، إلا أن الخدمة لديها نَفَس قصير في عملية جذب الجماهير والتعلق بها.وأكد الجديع ضرورة تحويل المبادرة إلى علاقة بين المشجع وناديه، مشدداً على أهمية شعور المشجع بقيمه للاستمرار في الاشتراك، ويضيف قائلاً: «هذا المنتج مفترض أنه يطلق من الأندية، إلا أن الهيئة مشكورة هي من قامت بذلك»، وزاد: «كمشجع يجب أن أحسّ بقيمة الخدمة لكي أحافظ عليها، القيمة ليست في السعر، بل في الإضافة لي كمشجع من هذا المنتج».وأشار إلى أن الحماس والعامل العاطفي قد يسهمان في اشتراك الناس فترة معينة مستدلاً بجماهير النصر خلال اليومين الماضية، لافتاً النظر إلى أنه بعد شهرين أو ثلاثة ستتوقف الجماهير لأنه في النهاية لا يوجد عائد للمشجع، ويقترح الجديع على الهيئة العامة للرياضة أن تكون الخدمة تفاعلية مع الجماهير بحيث يكون هناك جوائز للجمهور، والشخص المشترك له حوافز معينة يستفيد منها، مبيناً أن هذه الطريقة ستسهم في بناء العلاقة بين المشجع وناديه.وأوضح الجديع أن فترة الانتقالات الشتوية بدأت، والمفترض أن يحصل المشترك على أخبار حصرية من خلال الرسائل نظير اشتراكه في هذه الخدمة وإعلامه من خلالها قبل أي وسيلة تواصل أخرى، وتابع الجديع قائلاً: «المفترض في نهاية الموسم، الشخص الذي اشترك لفترة طويلة يكون له رصيد من النقاط يتم الاستفادة منها في حال كان هناك رعاة للنادي، مما يجعل المشترك يحصل على خصومات منهم»، وزاد قائلاً: «أو تتم دعوته لزيارة النادي والسلام على رئيس النادي واللاعبين، أو السفر مع النادي إلى المعسكر الصيفي وقضاء أيام مع الفريق».وشدد الجديع على أن هذه الوسائل ستزيد الانتماء بين الشخص وناديه، لأنه أصبحت شراكة بين الطرفين وليست مجرد دعم النادي، فمجرد الدعم دون الحصول على مقابل قد يؤدي في فترة عدم رضا على النتائج إلى انسحاب المشجع من الخدمة وستؤثر سلبياً على المشجع.وطالب الجديع بأن يكون في كل نادٍ شخص متخصص في المبادرة، ويقوم ببناء قاعدة بيانات للجمهور، مبيناً أهميتها في حال زيادة الأرقام وضرورة معرفة بياناتهم، مثل جنس الشخص وعمره، فالبيانات يمكن الاستفادة منها في تحفيز الجماهير بناء على الأعمار أو جنس الشخص، وعلى سبيل المثال يتم إرسال معايدة للجماهير أو تهنئة، مطالباً الأندية بتفعيل الموضوع بعد مبادرة الهيئة وجعلها نواة لبداية الطريق.من جانبه، امتدح يوسف الرشيد المستشار في الإدارة والتسويق مبادرة «ادعم ناديك» حيث قال: «لا شك أن مبادرة هيئة الرياضة خطوة تسويقية مهمة في تحفيز أكبر للنشاط التسويقي في الرياضة، وتشكيل موارد مالية تُسهم في دعم الأندية التي تعاني عجزاً كبير في زيادة مداخيلها المالية، وتنفيذ خطوات تسويقية متقدمة».وأضاف قائلاً: «هيئة الرياضة مشكورة أقدمت على تنفيذ خطوات تسويقية أخرى متوافقة مع مبادرة ادعم ناديك بهدف خلق عوائد مالية للأندية»، مستدلاً بإطلاق التميمة لكل نادٍ في الدوري، وهو التزام من الهيئة لما أعلن عنه سابقاً بتنفيذ هذا المشروع التسويقي المهم جداً، بحسب حديثه.ويرى الرشيد أن الآلية المتبَعة في تفعيل المبادرة أوجدت تفاعلاً جماهيراً مختلفاً يندر أن نجده في كثير من البرامج التسويقية رياضياً في السابق، التي عادة يتوقف أداؤها بعد أيام من إعلان انطلاقتها وتوقف كل الأنشطة التفاعلية معها، وقال الرشيد: «الجميل في هذه المبادرة استمرار التفاعل وعبر أعلى المستويات رياضياً نزولاً عند بعض الأندية وإدارتها، وكذلك جماهير الأندية وهي المستهدف الرئيسي لإنجاح المبادرة».وزاد أن «هذا التفاعل شكل حراكاً تحفيزياً للجماهير لزيادة أعدادها واشتراكاتها في المبادرة»، ولكي تستمر المبادرة بشكل أكبر وأطول يعتقد الرشيد أن ذلك يتطلب مشاركة إدارات الأندية بتفعيل خطط تسويقية وبرامج محفزة تُسهِم في تقديم قيمة مضافة للمشجع تحفِّزه بشكل أكبر للتجاوب مع هذه المبادرة، وهذا لا شك تحدٍّ كبير يقع على عاتق إدارات الأندية في التجاوب، وتنفيذ الخطط التسويقية المبتكرة والمحفزة.وعن السلبيات التي صاحبت المبادرة، أكد أنها تكمن في انعدام تفاعل إدارات الأندية باستثناء الإدارة الاتحادية التي تفاعلت مباشرة مع مبادرة هيئة الرياضة وأطلقت برنامجاً تسويقياً يواكبها، وشكَّل نقطة تحول في زيادة أعداد المشاركين في النادي، جازماً بأن غياب الاحترافية التسويقية في إدارات الأندية سيضعف احتمالية نجاح هذه المبادرة لأطول فترة ممكنة.ويوضح الرشيد أن مبادرة ادعم ناديك قدمت دروسا تسويقية تستطيع إدارات الأندية إن أحسنت تحليلها وقراءتها تقديم برامج وخطط تسويقية ناجحة، فالمتابع لتطورات المبادرة سيلحظ مثلاً أن هناك أهمية كبرى لاختيار التوقيت المناسب في التواصل مع الجماهير وتحفيزهم بأسلوب تسويقي وآلية مناسبة على المشاركة، مشدداً على أن المشجع بطبيعة الحال يتأثر عاطفياً بالنتائج والأحداث إيجاباً أو سلباً، وانعكاسها على قراراته في المشاركة أو الانسحاب من مبادرة «ادعم ناديك»، كما كشفتها محصلة مشاركات مشجعي النصر والأهلي أخيراً وأيضاً بعد التغيير الإداري في نادي النصر.ويواصل قائلاً: «المشجِّع يجب أن يرتبط بذهنه أهمية هذا المقياس في تحديد حجم جماهيرية فريقه ومقارنتها مع بقية الفرق المنافسة، وهذا الأمر سيكون محفزاً أيضاً للجماهير للتوافد على المدرجات وإبقاء أنديتهم في صدارة الجماهيرية عبر المدرجات»، مشيراً إلى أنه أيضاً محفِّز للشركات التجارية التي تبحث عن شركاء رياضيين يُسهِمون في نشر العلامة التجارية. والحضور الجماهيري مقياس مهم وملموس للجميع.ويعتقد الرشيد أن مبادرة «ادعم ناديك» تعتبر ضمن هذه المعايير المهمة في قياس الشعبية وهيئة الرياضة استخدمت الأسلوب التحفيزي للجماهير في حثهم على المشاركة عبر متابعة حجم الاشتراكات في المبادرة وخلق تنافسية بين الجماهير، وقد تشهد الأيام المقبلة تنافساً أكبر بين جماهير قطبي العاصمة بعد اقتراب النصر من صدارة دوري مبادرة «ادعم ناديك»، مما سوف يحفز جماهير الهلال على المشاركة بشكل أكبر والأكيد أن القائمين على هذه المبادرة سيكون تفاعلهم أكبر مع هذا التنافس الإيجابي.
مشاركة :