صدام جديد بين أرباب العمل واتحاد الشغل في تونسطالب الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة أرباب العمل المشاركة في ملف المفاوضات الاجتماعية مع الطرف الحكومي والذي يشمل زيادة في أجور الأجراء والعاملين في القطاع الخاص والعام والتسريع في موعد إطلاق المفاوضات. ويشير مراقبون إلى أن بوادر صدام جديد تطفو على السطح بين أكبر منظمتين نقابيتين في البلاد والذي بدأت ملامحه تظهر إثر تباين وجهات النظر حول الخيارات الاقتصادية للحكومة وقانون موازنة العام الجديد، في حين طالبت وزارة الشؤون الاجتماعية بتجنب التصعيد باعتبار أنه يعقد طريق التفاوض.العرب وسام حمدي [نُشر في 2018/01/27، العدد: 10882، ص(4)]الأزمة الاجتماعية تعرقل مسار المفاوضات تونس - تجدد الصدام بين منظمتي اتحاد الشغل وأرباب العمل في تونس حول مسار المفاوضات الاجتماعية في القطاعين العام والخاص. ومنذ الأيام الأولى لتقلّد الرئيس الجديد لمنظمة أرباب العمل سمير ماجول مهامَّه، طالب الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي بضرورة تعجيل الانطلاق في المفاوضات الاجتماعية. وتشمل المفاوضات قطاعات ثلاثة، وهي الوظيفة العمومية والقطاعان العام والخاص، بجانبيها الترتيبي والمالي. وحدد شهر فبراير تاريخا للمفاوضات بدلا عن شهر أبريل، ووقع الاتفاق مسبقا مع الحكومة ومع الرئيسة السابقة لمنظمة أرباب العمل وداد بوشماوي. وقال بوعلي المباركي الأمين العام المساعد باتحاد الشغل لـ”العرب” “إن المنظّمة الشغيلة طالبت الحكومة ومنظمة أرباب العمل بالانطلاق مبكرا في المفاوضات الاجتماعية لهذا العام”. وعزا المباركي ذلك إلى “الوضع الاجتماعي الذي تعيشه البلاد والذي انعكس سلبا على المقدرة الشرائية للأجراء”. وأكد أن “التطورات التي شهدتها البلاد تستدعي التعجيل بالانطلاق الفعلي في التفاوض حول الزيادات في أجور العاملين والأجراء بالقطاعين العام والخاص”. وبين المباركي أن “اتحاد الشغل لا يسعى للدخول في صدام مع أي طرف سواء بالطرف الحكومي أي وزارة الشؤون الاجتماعية أو منظمة أرباب العمل”. ورجح أن “يتم الاتفاق النهائي حول هذه المسألة في أقرب وقت ممكن”. ويتوقع مراقبون أن تشهد علاقة أعرق منظمتين في تونس توترا وتصادما حول العديد من الملفات العالقة رغم تأكيد الرئيس الجديد لمنظمة أرباب العمل منذ اليوم الأول الذي تسلم فيه مهامه، أن علاقة أرباب العمل بمنظمة اتحاد الشغل ستكون في عهده مبنية بالأساس على التوافق وعلى نهج الحوار لا على التصادم المجاني والاستعراضي الكلاسيكي الذي شاب علاقة المنظمتين منذ نشأتهما.توفيق العريبي: ليس من حق اتحاد الشغل أن يقرر بمفرده موعد انطلاق المفاوضات وذكر توفيق العريبي، عضو المكتب التنفيذي لمنظمة أرباب العمل، لـ”العرب” أن “المكتب التنفيذي المنتخب مؤخرا لم يجتمع بعد ولم يحسم مسألة موعد انطلاق المفاوضات الاجتماعية مع اتحاد الشغل أو وزارة الشؤون الاجتماعية”. واعتبر العريبي أنه “ليس من حق الاتحاد العام التونسي للشغل أن يقرر بمفرده موعد انطلاق المفاوضات”، وأشار إلى أن “المنظمة مازالت لم توزّع أصلا المهام والصلاحيات صلب هياكلها المنتخبة والجديدة”. وحول الاتفاق السابق بين الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي والرئيسة السابقة لمنظمة أرباب العمل وداد بوشماوي بخصوص هذا الملف، أكد العريبي أن “المكتب التنفيذي الجديد يحترم كل تعهّدات المكتب السابق لكن من حق المنظمة بقيادتها الجديدة أن ترتّب روزنامة عملها وفق ما تراه مناسبا”. وبين أن “المنظمة سـتأخذ بعين الاعتبار كل ما وعدت به منظوريها قبل انعقاد المؤتمر الانتخابي الأخير”، متسائلا “إذا كنّا سنطبّق فقط ما اتفق عليه المكتب التنفيذي السابق مع الأطراف الحكومية أو النقابية الأخرى فما الجدوى من عقد مؤتمر وتجديد هياكل المنظمة”. ويرى مراقبون أن الرئيس الجديد لمنظمة أرباب العمل والذي كان يوصف قبل انتخابه رئيسا للمنظمة خلفا لبوشماوي بـ”رجل الظل” سيغيّر استراتيجيات وخطط التفاوض مع اتحاد الشغل، على عكس ما اتسمت به العلاقة بين المنظمتين في السنوات الأخيرة من توافق كبير رغم اختلاف وجهات النظر في ملفات سياسية ونقابية وسياسية. ويعد اتحاد الشغل ومنظمة أرباب العمل من الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي التونسي، فهما من الموقعين على وثيقة قرطاج، الوثيقة التي تشكلت على أساسها حكومة وحدة وطنية عام 2016. وأوضح محمّد الطرابلسي وزير الشؤون الاجتماعية لـ”العرب” أن “الوزارة لا تحبّذ حصول أيّ تشنج بين أكبر المنظمات النقابية في البلاد”. واعتبر أن “الصدام بين منظمة أرباب العمل واتحاد الشغل سيصعب طريق التفاوض”. وتابع “كل شيء تم ترتيبه في اتفاقات سابقة تنص على انطلاق المفاوضات بين الطرف الحكومي والأطراف النقابية في شهر أبريل من عام 2018”. ودعا الطرابلسي إلى ضرورة التوافق حول موعد الانطلاق في المفاوضات وتجنب أجواء التشنج قبل الدخول في مناقشة مقترحات كل طرف نقابي حول الزيادات في أجور العاملين بالقطاعين العام والخاص. وتشهد بداية كل سنة في تونس احتدام الصراع بين الحكومة واتحاد الشغل ومنظمة أرباب العمل حول الزيادات في أجور العاملين بالقطاعين العام والخاص وعادة ما تتميّز المفاوضات خاصة بين الطرفين النقابيين بالكثير من الخلافات التي تصل في بعض الأحيان حدّ القطيعة أو تبادل التهم بين قياديي المنظمتين. وعرفت المفاوضات بين الاتحادين حول الزيادات في أجور الموظفين خاصة في فترة الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي حالة صدام وتوتر بلغت حدّ تنفيذ الأجراء لإضراب عام 2016 احتجاجا على تراجع منظمة أرباب العمل عن الاتفاقات السابقة. ورغم التقارب بين منظمتي أرباب العمل والمنظمة الشغيلة خصوصا بعد لعبهما دورا كبيرا في جلسات الحوار الوطني عام 2014 أفضى إلى إحرازهما على جائزة نوبل للسلام، فإن علاقتهما تميّزت في أواخر العام الماضي وبداية العام الجاري بالتصادم خصوصا في ملف قانون الموازنة للعام الجديد.
مشاركة :