أجواء باهتة ترافق الاستعداد للانتخابات المحلية التونسيةيحذر مراقبون من تجاهل أغلب الأحزاب السياسية للانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في تونس مطلع مايو المقبل، ما من شأنه أن يعزز العزوف عن المشاركة في هذه الاستحقاقات التي تجرى لأول مرة في تونس منذ إسقاط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.العرب الجمعي قاسمي [نُشر في 2018/01/27، العدد: 10882، ص(4)]تجاهل مطلق تونس – لا يشير الوضع العام الذي تعيشه تونس إلى أنها مُقدمة على استحقاق انتخابي ستكون له تأثيرات مباشرة على مُجمل المسار الديمقراطي في البلاد، رغم أنه لم يعد يفصل عن تقديم قائمات المُرشحين للدوائر البلدية، سوى 20 يوما ونحو 100 يوم على فتح صناديق الاقتراع. وساهمت هذه الأجواء التي بدت باهتة ورتيبة في ارتفاع منسوب القلق لدى المتابعين السياسيين، وتكثفت معها التساؤلات حول المآلات المُرتقبة، على ضوء الاحتمالات المتداولة بشأن عدم استعداد الأحزاب السياسية لهذا الاستحقاق الانتخابي. وحذر الدبلوماسي التونسي السابق عبدالله العبيدي من هذا المناخ الذي يسبق الاستحقاق الانتخابي، ووصفه بـ”الخطير” لأنه “يُعمق حالة العزوف عن المشاركة في الانتخابات بما يخدم مصلحة الأحزاب التي لها قاعدة انتخابية ثابتة”. وقال لـ”العرب” إن “لامبالاة الأحزاب وانعدام ثقة المواطن في الأحزاب والنخب السياسية، بالإضافة إلى حالة اليأس والإحباط السائدة حاليا، من شأنها مضاعفة العزوف الذي يُرجح أن يكون لافتا خلال الانتخابات المُرتقبة”. ولفت إلى أن نتائج سبر الآراء الحديثة التي أنجزتها مراكز تونسية وغربية، تؤكد أن نسبة تشاؤم التونسيين من أداء النخبة السياسية وصلت إلى 89 بالمئة، فيما وصلت نسبة التونسيين الذين يعتبرون أنفسهم غير معنيين بالاستحقاق الانتخابي القادم إلى 78 بالمئة. وأعاد العبيدي التذكير بالأجواء التي سادت أثناء الانتخابات التشريعية الجزئية في دائرة ألمانيا، والتي دقت ناقوس الخطر لجهة العزوف عن المشاركة، حيث لم يتجاوز إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع نسبة 5 بالمئة.عبدالله العبيدي: تواصل العمل بحالة الطوارئ يجعل من تنظيم الانتخابات مهمة صعبة ورأى العبيدي أن لامبالاة الأحزاب وغياب الحراك السياسي والإعلامي المرتبط بهذا الاستحقاق الانتخابي، كلها عوامل تُبقي الباب مفتوحا على كل الاحتمالات، خاصة وأن موعد هذا الاستحقاق اقترب كثيرا، وكان يُفترض أن تواكبه ديناميكية حزبية وسياسية في إطار الاستعداد له. وبحسب روزنامة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فإن موعد تقديم قائمة المُرشحين للمجالس البلدية والمحلية حُدد يوم 15 فبراير القادم، على أن يُغلق يوم 22 من نفس الشهر، بينما حُدد فتح صناديق الاقتراع أمام العسكريين والأمنيين يوم 29 إبريل القادم، وأمام بقية الناخبين يوم 6 مايو المُقبل. وتتعلق هذه الانتخابات التي تأجل تنظيمها أكثر من مرة، بانتخاب أعضاء المجالس البلدية في 350 دائرة بلدية، بينها 86 بلدية حديثة العهد، و24 مجلسا جهويا (تابعا للمحافظة)، موزعة على مختلف المحافظات التي يبلغ عددها 24 محافظة، وذلك بمقاعد تزيد عن 7 آلاف مقعد. ويتضح من خلال هذه الروزنامة أن عامل الوقت أصبح ضاغطا، ومع ذلك يفتقد تعاطي الأحزاب إلى المسؤولية التي يستدعيها هذا الاستحقاق. وقال العبيدي “يصعب تنظيم انتخابات في مثل هذه الأجواء، وفي ظل سريان قوانين الطوارئ”. غير أن وسام السعيدي القيادي في حركة نداء تونس، قلل من هذه المخاوف حيث قال لـ”العرب”، إن مسألة العزوف عن الانتخابات تبقى مُقلقة، لكن ليس إلى حد الخطر الذي قد يؤثر على سير العملية الانتخابية. واعتبر أن الأجواء العامة في البلاد “عادية”، وتعكس اهتمام واستعداد الأحزاب لهذا الاستحقاق الانتخابي، مؤكدا أن حركته “أتمت استعداداتها بتشكيل القائمات الانتخابية، وستُشارك في كافة الدوائر الانتخابية دون استثناء”. وتذهب بعض التوقعات إلى الإشارة إلى أن غالبية الأحزاب التونسية ليست مُستعدة بما فيه الكفاية لهذا الاستحقاق الانتخابي، باستثناء حركة النهضة التي يبدو أنها جاهزة لخوض هذه الانتخابات. واكتفى الائتلاف الحزبي الجديد “الاتحاد المدني” الذي يتألف من 11 حزبا، بالإعلان عن أنه سيُشارك بقائمات ائتلافية في 48 دائرة انتخابية من أصل 350 دائرة، بينما يسعى الائتلاف الحزبي اليساري “الجبهة الشعبية” جاهدا إلى محاولة المشاركة في هذه الانتخابات في أكبر عدد ممكن من الدوائر.
مشاركة :