صفقة سياسية وراء الموعد الجديد للانتخابات المحلية التونسيةأثار قرار تأجيل الانتخابات المحلية التونسية من 17 ديسمبر إلى 25 مارس المقبل، غضب بعض الأحزاب السياسية التي قالت إن التأجيل تقرر بناء على مصالح أحزاب بعينها.العرب الجمعي قاسمي [نُشر في 2017/10/07، العدد: 10774، ص(4)]استحقاقات ينتظرها الجميع تونس - رفض رضا بالحاج رئيس الهيئة السياسية لحركة “تونس أولا”، الموعد الجديد لتنظيم الانتخابات البلدية (المحلية) الذي أعلنه أنور بن حسن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالنيابة في أعقاب اجتماع تشاوري مع عدد من الأحزاب السياسية، وبحضور ممثلين عن رئاستي الجمهورية والحكومة ومجلس نواب الشعب ومنظمات المجتمع المدني. وقال بالحاج لـ”العرب”، إن حركة تونس أولا ترفض أن يكون موعد الاستحقاق الانتخابي المُرتقب على مقاس بعض الأحزاب السياسية أو أن يكون نتيجة لصفقة سياسية لا تراعي المشهد السياسي والحزبي في البلاد. وأعلن أنور بن حسن، مساء الخميس، أن يوم 25 مارس 2018 هو الموعد الرسمي لإجراء الانتخابات البلدية الأولى في البلاد منذ سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في 14 يناير 2011. وأوضح أن تحديد هذا الموعد “جاء بعد التأكد من كل الضمانات التي توفر مناخا ديمقراطيا للانتخابات، وبعد مشاورات مع الأحزاب السياسية، التي أجمعت على هذا التاريخ”. غير أن رضا بالحاج نفى أن تكون الأحزاب السياسية أجمعت على هذا الموعد، وأكد أن الاجتماع لم تُشارك فيه غالبية الأحزاب، حيث تم استثناء البعض منها دون أسباب موضوعية، وذلك في سابقة وصفها بـ”الخطيرة”. وأشار سفيان طوبال رئيس الكتلة النيابية لحركة نداء تونس برئاسة حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي، إلى أن الأحزاب التي شاركت في اجتماع الخميس، رفضت إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن الموعد الجديد للانتخابات، وطالبتها بتعهدات وبشروط قبل الإعلان عن الموعد الجديد. وأكد أن الاجتماع “لم يسفر عن أية نتائج ملموسة”، لافتا إلى أنه فوجئ بإعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن تاريخ 25 مارس موعدا لإجراء الانتخابات المحلية. رضا بالحاج: الموعد الجديد هو "الجزء الثاني" من الصفقة المبرمة بين السبسي والغنوشي وفيما دعا طوبال الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى تحمل مسؤوليتها بعد هذا الإعلان الذي ستكون له “تأثيرات سلبية داخليا وخارجيا”، أكد الجيلاني الهمامي النائب البرلماني عن الائتلاف اليساري المعارض “الجبهة الشعبية”، أن تاريخ 25 مارس لإجراء الانتخابات المحلية الذي أعلنه رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالنيابة أنور بن حسين هو “تاريخ لم يتم التشاور حوله مع الأطراف السياسية”. واعتبر في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن إعلان ذلك التاريخ هو “قرار فردي، ومُسقط، ولا إجماع حوله حتى داخل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات”. وتساءل رضا بالحاج في تصريحاته لـ”العرب” قائلا “كيف يتحدث رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالنيابة عن إجماع، والحال أن حركة ‘تونس أولا’ المُمثلة في البرلمان بأربعة نواب، لم تشارك في اجتماع الخميس، مثلها مثل عدد آخر من الأحزاب الأخرى المعنية بهذا الاستحقاق الانتخابي؟”. وشدد على أن تحديد رزنامة هذه الانتخابات يتعين أن يتم بعد تسوية كافة المسائل والعوامل التي تسببت سابقا في تأجيل الانتخابات، وخاصة منها انتخاب رئيس للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وتركيز فروع المحكمة الإدارية في مختلف المحافظات، والمصادقة على قانون الجماعات المحلية، وتوفير كافة الظروف والشروط لضمان حياد الإدارة. وكان أنور بن حسن قد أشار إلى أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ضبطت رزنامة متكاملة لضمان تنظيم الاستحقاق الانتخابي في 25 مارس المُقبل، حيث أوضح أن قبول الترشحات سيبدأ يوم الثاني من يناير، ليتواصل إلى غاية التاسع من نفس الشهر. وستنطلق الحملات الانتخابية في الثالث من مارس، وتنتهي في 23 من نفس الشهر، لتُفتح صناديق الاقتراع أمام الناخبين يوم الأحد 25 مارس 2018، بينما يبدأ اقتراع أفراد الأمن والمؤسسة العسكرية يوم الأحد 18 مارس من العام القادم. وأعرب رضا بالحاج عن خشيته من وجود صفقة سياسية وراء إسقاط تاريخ تنظيم الانتخابات المحلية في بلاده بهذه الطريقة التي وصفها بـ”المريبة”، لأنها جاءت دون مشاورات جدية وحوار مسؤول بين مختلف الأطراف المعنية مباشرة بهذا الاستحقاق الانتخابي الهام. واستدرك قائلا إن “تحديد 25 مارس المُقبل كموعد لإجراء الانتخابات يندرج في سياق الصفقة المُبرمة في وقت سابق بين الرئيس الباجي قائد السبسي، وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية، والتي بدأت بتمرير قانون المصالحة الإدارية الذي صادق عليه البرلمان في 13 سبتمبر الماضي”. واعتبر أن تحديد هذا الموعد هو “الجزء الثاني من تلك الصفقة”، لافتا إلى أن راشد الغنوشي كان أول من ذكر تاريخ 25 مارس لإجراء الانتخابات المحلية، مباشرةً بعد اجتماعه مع السبسي خلال الأسبوع الأول من الشهر الماضي، وذلك في الوقت الذي لم يكن فيه تأجيل الانتخابات مطروحا. ولم يصدر أي رد فعل عن حركة النهضة الإسلامية حول هذا الموعد الجديد، رغم أن سفيان طوبال القيادي بحركة نداء تونس، سبق له أن أشار إلى أن حركة النهضة كانت الحزب الوحيد الذي رحب بالموعد الجديد لهذا الاستحقاق الانتخابي الذي مازالت التجاذبات السياسية تتقاذفه من كل الجهات. ورغم الإعلان عن هذا الموعد الجديد، يبقى تنظيم الانتخابات المحلية في تونس متأرجحا بين التأكيد والتشكيك. وحدد الموعد السابق لتنظيم هذا الاستحقاق في 17 ديسمبر المُقبل، غير أن المشاكل الداخلية التي عرفتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ومطالبة العديد من الأحزاب بتأجيلها، دفعت الهيئة إلى الدخول في مشاورات مع الأحزاب والحكومة لتحديد موعد جديد. ولم يكن ذلك التأجيل الأول من نوعه، حيث سبق أن حدّدت الهيئة العليا للانتخابات موعدا لتنظيم هذه الانتخابات في عام 2015 ليتم تأجيلها إلى العام 2016 ثم إلى العام 2017، بسبب خلافات حول بعض مواد القانون الذي سينظمها، وأخرى تتعلق بمشاكل داخلية تعاني منها هيئة الانتخابات بعد استقالة رئيسها، شفيق صرصار، في مايو. وتتعلق هذه الانتخابات التي من المفترض أن يشارك فيها العسكريون وأفراد الأمن لأول مرة في تاريخ تونس، بانتخاب أعضاء المجالس البلدية في 350 دائرة بلدية، بينها 86 بلدية حديثة العهد، و24 مجلسا جهويا (تابعا للمحافظة) موزعة على مختلف المحافظات، بمقاعد تزيد عن 7 آلاف مقعد.
مشاركة :