صحيفة مكة - مكة المكرمة قال إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور أسامه خياط إن الإنسان في صراع دائم في نفسه مع الشيطان يقوم الإنسان يصلي فيأتي فيذكره من الدنيا ما لم يكن يذكر قبل الصلاة فيصرفه عن صلاته ويشغله عنها فمجال الصراع الأول الخطير الذي يحرص الشيطان على السيطرة عليه هو قلب المؤمن فإذا ملكه ملك صاحبه وسيره وفق ما يريد وجعله وليا من أوليائه فإن أبى العبد فإنه لا يزال يهاجمه ويداوره وينتظر منه لحظة ضعف وغفلة ولكن المؤمن الحق لا يكاد الشيطان يلم به في مثل هذه اللحظات حتى تتداركه رحمة الله فيبصر مستشهداً بقوله تعالى( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ) . وأضاف فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام // يغفل بعض الناس عن حقيقة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار و تدل دلائل التاريخ و عبر الأيام وهي الصراع القديم في حياة الإنسان وأنه لا مناص من وجود عدو له يناصبه العداء ويتربص به الدوائر ويسعى إلى بلوغ النصر عليه أو استلاب نعمة يرى أثارها ظاهره عليه أو لمجرد تعكير صفوه وهو واقع لم تخل منه أنبياء الله ورسله وهم خيرة الخلق وصفوه المخلصين من خلق الله الذين وقعوا على عداء من قوم لا هوادة فيه بلغ من الأذى والتكذيب مالا نظير له إنها سنة من سنن الله في خلقه لا تتخلف ولا تتبدل فلا مطمع لبشر في أن يسلم من عداوة عدو يكيد له ويتربص به وأن يتحين الفرص للنيل منه والقضاء عليه //. وأوضح فضيلته أن هذا الاختلاف هو منشأ الصراع وبه يتعادى الخلائق ولأجله يختصمون وإذا كان هذا أمراً حتمياً لا مناص منه ولا السبيل إلى السلامة من غوائله فإن على اللبيب الفطن أن يحدد عدوه تحديداً دقيقاً و يعرفه حق المعرفة حتى لا يغتر به فيتخذه صديقاً يمحضه خالص الود ومخلصاً له ويفضي إليه بمكنون سره ويظهره على مكنون سره ويكون بذلك قد سعى بالإعانة على نفسه وتمكين عدوه منه وقد حذر سبحانه عباده المؤمنين بأن يتخذوا من عدوهم أولياء وأوصياء يكونون خواص لهم فيظهرونهم على أسرارهم وخفي أحوالهم لأنهم لا يتوانون ولا يقصرون للسعي لكل ما فيه الشر والفساد والإضرار بالمؤمنين. وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن من منن الله علينا أنه سبحانه لما خلق أبانا آدم ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته أبان له شخص عدوه وحذره من طاعته وإتباعه وذلك هو إبليس الذي أمره الله بالسجود لآدم فأبى واستكبر فقلنا يا آدم أن هذا عدو لك ولزوجك ولا يخرجنكم من الجنة فتشقى وكان من منن الله أيضا على ذرية آدم أن بين لهم أن الشيطان عدوهم ليأخذوا منه حذرهم وليؤمنوا مكرهم ويحبطوا كيده . وقال الشيخ الخياط إنه كما يتعين على اللبيب معرفة عدوه فكذلك يجب عليه تصحيح النية والتصدي له ومقاومته فلا يكون ذلك لمجرد الغلبة أو لإظهار القوة وشدة البأس أو للحمية أو للفخر والمباهاة بل يكون مقصوده رضوان الله تعالى وأن تكون كلمته سبحانه هي العليا. وبين فضيلته أنه لما كان الشيطان يعد أن فلاح الإنسان فيها صلاحه وسعادته في الحياة الدنيا ونجاته وفوزه في الآخرة عند ربه يوم القيامة متوقفاً على إتباع ما جاءه من ربه من البينات والهدى وامتثال أمره واجتناب نواهيه كان حرصه الشديد وسعيه الدائم في صرفه عن طاعة ربه بتزيين المعصية في قلبه كما فعل مع آدم عليه السلام . وقال فضيلته إن الناس منقسمين إلى قسمين فريق يحب الله ويطيعه في أمره ونهيه وبما جاء به عنه رسله وفريق آخر يتولى الشيطان ويطيعه ويأتمر بأمره وأصحاب هذا الفريق هم الخارجون عن منهج الله الحائدون عن صراطه المستقيم ودينه القويم المائلون عنه إلى اتباع السبل التي تفرقت بهم عن سبيل ربهم على اختلاف مشاربهم وتنوع نحلهم ومذاهبهم على تعدد فرقهم وميولهم والذي يجمعهم عامل الانحراف الأكبر وروحه وعماده وهو الحيدة عن منهج أهل ألسنة والجماعة وطريق سلف الأمة والمخالفة عنه إلى غيره من مناهج أهل البدع والأهواء تلك المخالفة التي أورثت أهلها ظلالاً بعيداً وأعقبت أصحابها أثماً مبينا وكفى بالمشاقة لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه واتباع غير سبيل المؤمنين فإن ذلك لهم شؤماً ووبالاً وسوء منقلب و قبح مآل.
مشاركة :