شنت المعارضة السورية، أمس، هجوماً واسعاً ضد قوات النظام والمسلحين الموالين لها في غوطة دمشق الشرقية، لتنهي اتفاقاً لوقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية توصلت إليه مع الجانب الروسي. في حين استأنفت القوات التركية عمليات القصف المكثفة لمحاولة اختراق خطوط «وحدات حماية الشعب» الكردية في شمال سورية غداة طلبها من الولايات المتحدة الانسحاب من مدينة منبج، فيما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستطهر حدودها بالكامل مع سورية من «الإرهابيين»، في إشارة للأكراد. وأعلنت فصائل المعارضة السورية في غوطة دمشق الشرقية، أمس، بدء المرحلة الثالثة من معركة «وإنهم ظلموا»، ضد القوات السورية والموالين لها بعد نحو شهر من إطلاق المرحلة الثانية. وقال قائد عسكري، في غرفة عمليات «وإنهم ظلموا» في ريف دمشق، إن المرحلة الثالثة من الهجوم بدأت فجر أمس، بشن هجوم على موقع للقوات الحكومية في محيط إدارة المركبات بمدينة حرستا شمال شرق دمشق، بتفجير سيارة مفخخة في موقع متقدم لهم سقط خلاله أكثر من 13 قتيلاً. وأضاف أن «الفصائل فجرت أيضاً نفقاً للقوات الحكومية قرب مبنى إدارة المركبات، ما أدى لمقتل كل من بداخله». من جهتها، قالت مصادر إعلامية مقربة من القوات السورية، إن «القوات الحكومية فجرت سيارة يقودها انتحاري قرب مبنى إدارة المركبات قبل وصولها إلى نقاط للجيش». وأكدت المصادر «تصدي الجيش السوري لهجوم واسع شنته فصائل المعارضة في محيط إدارة المركبات»، مشيرة إلى شن الطيران الحربي غارات عدة استهدفت مواقع المسلحين وسط استمرار المعارك. وتأتي هذه الاشتباكات لتنهي بشكل كامل اتفاقاً لوقف إطلاق النار في غوطة دمشق الشرقية تم التوصل إليه أول من أمس بين «فيلق الرحمن» و«جيش الإسلام» من طرف، والجانب الروسي من طرف آخر. وأطلقت فصائل المعارضة نهاية شهر ديسمبر الماضي المرحلة الثانية من معركة الفصائل ضد إدارة المركبات، واستطاعت السيطرة على مساحات واسعة من المقرات، وفرض حصار كامل عليها بعد السيطرة على كتل أبنية تحيط بها من جهة الأوتوستراد الدولي دمشق - حمص. • يزداد القلق الدولي بشأن مصير 400 ألف شخص يعيشون في الغوطة الشرقية. وخسرت قوات النظام، بحسب فصائل المعارضة، المئات من عناصرها بينهم ضباط برتب عليا. من جهته، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن القتال الضاري تجدد في منطقة الغوطة الشرقية بعد فترة من الهدوء النسبي في أعقاب تقارير عن الاتفاق على وقف لإطلاق النار هناك. وقال المرصد إن قتالاً ضارياً اندلع وكان مصحوباً بانفجارات ضخمة وقصف مكثف وغارات جوية بعد هجوم شنته جماعة متشددة. وأضاف أن القوات السورية أطلقت عشرات الصواريخ والقذائف على الغوطة الشرقية منذ ورود أنباء عن بدء وقف إطلاق النار. ويزداد القلق الدولي بشأن مصير 400 ألف شخص يعيشون في الغوطة الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة وتحاصرها القوات الحكومية مع إسهام نقص الأغذية والأدوية الحاد في ما تصفه الأمم المتحدة بأسوأ موجة سوء تغذية جراء الحرب. من ناحية أخرى، استأنفت القوات التركية عمليات القصف المكثفة لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية في منطقة عفرين شمال سورية. وذكرت وكالة «أنباء الأناضول» التركية الحكومية، أن القوات التركية قصفت جواً وبالمدفعية التركية جبل برصايا في منطقة عفرين شمال غرب سورية، مستفيدة من طقس ملائم بعد أيام من الأمطار والضباب. وتشن تركيا منذ 20 يناير عملية عسكرية في هذه المنطقة أطلقت عليها «غصن الزيتون» ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تصفها أنقرة بـ«الإرهابية»، والمتحالفة مع التحالف الدولي لمكافحة تنظيم «داعش» الذي تقوده واشنطن. وعلى الرغم من تصاعد التوتر بين تركيا والولايات المتحدة، البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصميمه على مواصلة الهجوم وحتى توسيعه باتجاه الشرق إلى منبج خصوصاً، حيث تنشر واشنطن عسكريين. وقال أمس إن بلاده ستطهر حدودها بالكامل مع سورية من «الإرهابيين»، ما يدل على أن الهجوم التركي المستمر منذ تسعة أيام في منطقة عفرين شمال سورية سيتواصل. وأضاف أردوغان في مؤتمر لحزبه العدالة والتنمية الحاكم في إقليم أمسايا الشمالي، إن تركيا ستعمل على ضمان إمكانية عودة اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم إلى ديارهم فور تطهير الحدود من المسلحين. وذكرت مراسلة لـ«فرانس برس» على الحدود، أن عمليات القصف المدفعي والغارات الجوية التركية بدت أمس أكثر قوة من الأيام الماضية. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن لـ«فرانس برس»، إن «الاشتباكات عنيفة في جبل برصايا الاستراتيجي لأنه يرصد إعزاز وكيليس، ويعطي إمكانية التقدم في مناطق واقعة شمال شرق عفرين». وأكد أن «الاشتباكات توسعت وأكثر حدة». وأضاف أن قصفاً تركياً لمنطقة عفرين ألحق أضراراً بمعبد عين دارة الأثري. ويرجع تاريخ معبد عين دارة إلى العصر الحديدي، ويضم بقايا منحوتات ضخمة من حجر البازلت ونقوش على الجدران. وأظهرت صور تم تداولها على الإنترنت حفرة في الموقع نجمت عن قذيفة في ما يبدو. وأصدرت المديرية العامة للآثار والمتاحف التابعة لوزارة الثقافة السورية بياناً أدانت فيه ما وصفته بـ«عدوان النظام التركي»، وقالت إنه أدى «إلى تدمير معبد عين دارة». ودعا البيان الذي نشرته وسائل الإعلام الرسمية «المنظمات الدولية المعنية وكل مهتم بالتراث العالمي إلى إدانة هذا العدوان، والضغط على النظام التركي لمنع استهداف المواقع الأثرية والحضارية». وذكر المرصد ومقره بريطانيا أن معبد عين دارة تعرض لقصف تركي، ما تسبب في «وقوع أضرار مادية بهذه المنطقة الواقعة جنوب مدينة عفرين، ولم ترد معلومات عن سقوط خسائر بشرية». ودعا وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أول من أمس، واشنطن إلى سحب قواتها المنتشرة في منبج الواقعة على بعد نحو 100 كيلومتر إلى الشرق من عفرين، والتي تهدد أنقرة بمهاجمتها. وقال الناطق باسم الحكومة التركية بكر بوزداغ، في تصريحات نقلتها «أنباء الأناضول»، أمس، «سنطهر منبج» بعد عفرين. وفي مواجهة الهجوم التركي، دعا حزب الاتحاد الديمقراطي، الجناح السياسي لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية «الأسرة الدولية» و«القوى الوطنية السورية» إلى ممارسة «ضغوط بكل الوسائل» لوقف الهجوم التركي العنيف.
مشاركة :