كثّفت الطائرات التركية ضرباتها على منطقة عفرين في شمال غربي سورية حيث تتزايد حصيلة القتلى المدنيين، في هجوم أكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عزمه على مواصلته في اتجاه منبج والحدود العراقية، ما شكّل تحدياً للولايات المتحدة التي أعلنت أمس، أنها لا تنوي سحب قواتها المنتشرة في منطقة منبج، على رغم تحذيرات من أنقرة لنقلهم «فوراً». ونقلت شبكة «سي أن أن» الإخبارية عن قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جوزيف فوتيل قوله إن الولايات المتحدة لا تخطط لسحب قواتها المتمركزة قرب مدينة منبج، وأوضح في تصريحات الأحد أن سحب القوات «ليس أمراً نفكر فيه». وتنشر الولايات المتحدة قوّات قوامها نحو ألفي جندي في شمال سورية لدعم تحالف تهيمن عليه «وحدات حماية الشعب» الكردية، ساعد في إخراج تنظيم «داعش» من معاقله في سورية العام الماضي. وهدّدت تركيا مراراً بطرد المقاتلين الأكراد أيضاً من منبج، التي تقطنها أغلبية عربية وتقع شرق عفرين. وصدرت تصريحات تركية جديدة أمس أكّدت مواصلة عملية «غصن الزيتون» بالتعاون مع فصائل من «الجيش السوري الحرّ». وشدّد نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداغ على أن العملية ستستمرّ «حتى تحقيق أهدافها والقضاء على آخر إرهابي في المنطقة وعودة الأمان والاستقرار إليها». ورداً على دعوة الإدارة الأميركية لأن تكون عملية «غصن الزيتون» محدودة وقصيرة الأمد، قال بوزداغ: «نحن أيضاً لدينا طلب من الذين يطالبوننا بإنهاء العملية في فترة قصيرة: اجمعوا الأسلحة التي وزعتموها على الإرهابيين فوراً، ولا تزودوهم بالسلاح مرة أخرى». وأضاف: «ليس من المنطقي توقع تهاون تركيا حيال تأسيس دولة إرهابية على حدودها»، وتساءل: «هل تقبل أميركا وروسيا وألمانيا وفرنسا أو أي دولة أخرى، بتحول منظمة إرهابية تسعي إلى تقسيم بلادها على مدار 40 عاماً، إلى دولة على حدودها البالغة 910 كم مع سورية؟». وأضاف:» لقد صرحوا (الأميركيين) أخيراً بأنهم سيشكلون قوة أمن حدودية قوامها 30 ألف شخص»، وتساءل: «أي حدود ستحميها تلك القوة، وممن ستحميها؟». وأكّد أن الهدف من العملية تطهير المنطقة من «إرهابيي الوحدات الكردية وداعش، وتحويلها منطقة آمنة، ليستعيد الأكراد والعرب والتركمان هناك الأمان والسلام والطمأنينة، ويعيشوا أشقاء جنباً إلى جنب، فضلاً عن الحيلولة دون تشكيل ممر إرهابي». وأكد أن تركيا «ليست دولة احتلال وستغادر المنطقة بعد نجاح العملية»، ولفت إلى أن «إدارة المنطقة ستسلم لأهلها بعد تطهيرها من الإرهابيين، مثلما جرى في مناطق عملية درع الفرات». ميدانياً، أعلن الجيش التركي أمس أن العملّية المستمرّة منذ 20 الجاري أدّت إلى مقتل 597 «إرهابياً». وأشارت رئاسة الأركان في بيان إلى أن المقاتلات التركية دمرت خلال غاراتها ليل الأحد، 44 هدفاً عسكرياً «شملت أوكار ومخابئ ومستودعات ذخيرة ومرابض أسلحة». وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، بأن الغارات الجوية تصاعدت في عفرين مع استمرار القصف المدفعي، وتسببت بمقتل 14 مدنياً بينهم خمسة أطفال وفق «المرصد»، ما يرفع حصيلة القتلى في صفوف المدنيين منذ بدء الهجوم إلى 55 قتيلاً. واستهدفت غارات أمس، الأطراف الشمالية والغربية لمنطقة عفرين. وأشار «المرصد» إلى أن ضربات جوية طاولت ليل الأحد، أماكن في محيط سد ميدانكي «سد 17 نيسان»، الواقع على بعد نحو 10 كيلومترات شمال مدينة عفرين، وسط مخاوف من استهداف السد وتخريبه من جانب الطائرات التركية التي قصفته للمرة الثالثة خلال 10 أيام. وواصلت قوات «غصن الزيتون» تثبيت نقاطها على جبل برصايا الاستراتيجي في الريف الشمالي الشرقي لعفرين. وأفادت وكالة «الأناضول» بأن قائد الجيش الثاني في القوات التركية الجنرال إسماعيل متين تمل أجرى أمس، زيارة تفقدية إلى الجبل الاستراتيجي، واطّلع على التدابير الأمنية المتخذة في محيطه. إلى ذلك، أعلنت «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) إسقاط طائرة تركية من دون طيار في منطقة عفرين. وأوضح بيان صادر عن عن المركز الإعلامي لـ «قسد» أمس إن طائرة «درون» تركية أسقطت في ناحية بلبلة، من دون أن يقدّم مزيداً من التفاصيل. كما لم تصدر حتى مساء أمس أي تعليقات رسمية عن الجانب التركي. ودارت معارك عنيفة بين الطرفين في محاور مختلفة على محيط عفرين، تمكّنت على أثرها الفصائل من السيطرة على قرية أوشاغي التابعة لناحية راجو، كما أعلن «الحر» أمس. وتمكنت القوات المهاجمة منذ بدء عمليتها العسكرية من السيطرة على ثماني قرى حدودية، كما أفاد المرصد.
مشاركة :