معبد أثري ضحية جديدة للهجوم التركي على عفرين في شمال سوريا

  • 1/31/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

في معبد عين دارة الأثري في شمال سوريا، تحولت منحوتات حجرية كانت تزين جدرانه الخارجية إلى ركام ولم يبق من أحد الأسود البازلتية ألا مخالبه، جراء قصف تركي يطال منطقة عفرين منذ نحو أسبوعين. منذ اندلاع النزاع في العام 2011، لم تسلم المواقع الآثرية التي تعرف بها سوريا وتعود لحقبات تاريخية متنوعة، من الدمار والتخريب حيناً والنهب والسرقة حيناً آخر. على تلة جنوب شرق قرية عين دارة التي تتميز بمنازلها الحجرية، تربع معبد يحمل اسم القرية، يعود تاريخ بنائه الى الحقبة الآرامية، ولطالما اشتهر بضمه أسوداً بازلتية ضخمة ولوحات حجرية عليها منحوتات، وفق خبراء آثار سوريين. إلا أن هذا الموقع القريب من مدينة عفرين والبعيد نسبياً عن نقاط المعارك التي تشنها القوات التركية وحلفاؤها من الفصائل السورية المعارضة ضد المقاتلين الأكراد، تعرض الجمعة لقصف اتهم قياديون أكراد والمرصد السوري لحقوق الانسان ودمشق تركيا بشنه، الأمر الذي تنفيه أنقرة. في الموقع، شاهد مراسل وكالة فرانس برس حجارة من مختلف الأحجام متناثرة على درج المعبد المزخرف، بالإضافة الى حجارة بازلتية سوداء تعود للحيوانات المجنحة فيما نجا الجزء الخلفي من المعبد حيث لا يزال أسد ضخم في مكانه. وتبلغ المساحة الاجمالية للموقع الذي بني في الفترة الممتدة بين العامين 700 و1300 قبل الميلاد نحو خمسين هكتاراً ويشرف على هضاب عفرين الخضراء. ويروي أحد سكان قرية عين دارة أحمد صالح، رجل في السبعينات، وهو يقف أمام منزله المواجه للموقع الأثري لحظة استهدافه الجمعة. ويقول لوكالة فرانس برس “كنت جالساً هنا. اهتززنا بقوة من شدة القصف وبعدها بدأ الدخان يتصاعد من التلة”. في مقر هيئة الآثار التابعة للادارة الذاتية الكردية في مدينة عفرين، يقدر خبير الآثار صلاح الدين سينو “تضرر الموقع بنسبة تتراوح بين 40 و50 في المئة بعد الكشف الأولي عليه”. ويشرح لفرانس برس وهو يشير إلى صورة سابقة للمعبد معلقة على أحد جدران مكتبه “يمتد الضرر من مدخل المعبد الى أجزائه الداخلية، حيث تطايرت هياكل المعبد والتماثيل المنحوتة الممثلة للحيوانات الإسطورية الحارسة للمعبد ومنحوتات أخرى تمثل الآلهة”. كما “تطايرت حجارة الأرضية الى مسافة 100 متر”.   أضرار جسيمة وقالت مسؤولة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) لفرانس برس إن “أضراراً جسيمة” لحقت بالأقسام الوسطى وتلك الواقعة في جنوب شرق المبنى. ودانت المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية في بيان الأحد “الهجمات التركية على المواقع الأثرية في منطقة عفرين السورية والتي أدى آخرها إلى تدمير معبد عين دارة”. ويشن الجيش التركي وفصائل سورية معارضة منذ 20 كانون الثاني/يناير هجوماً، يقول أنه يستهدف المقاتلين الأكراد في منطقة عفرين الواقعة شمال محافظة حلب. لكن تركيا تنفي أن تكون قد استهدفت أي من المواقع الأثرية في المنطقة. وأعلن الجيش التركي في بيان الثلاثاء أن “الأبنية الدينية والثقافية، المعالم التاريخية والبقايا الأثرية (..) لا تشكل بالتأكيد جزءاً من الأهداف التي تستهدفها القوات التركية المسلحة” في عفرين. ويعد المعبد “مثالاً مهماً عن العمارة الدينية الحثية السورية” وفق المسؤولة في منظمة يونسكو التي تشير الى غناه بحجارة مزخرفة برسوماتها واشكالها الهندسية، كانت تشكل قاعدة لجدرانه قبل أن يدمرها القصف. وتضم عفرين والمناطق المجاورة لها العديد من المواقع الأثرية التي يخشى سينو أن تكون قد تضررت أيضاً جراء القصف. ويناشد “المنظمات الدولية وبينها منظمة يونسكو ممارسة الضغط من أجل تحييد هذه الأماكن والمواقع الاثرية”. وتقدم منظمة يونسكو وفق المسؤولة فيها، الى “تركيا وكافة الأطراف المعنية احداثيات المواقع التراثية بهدف تجنب الضربات الجوية عليها”.   كارثة ويقول المدير السابق للمديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا مأمون عبد الكريم لفرانس برس إن “تدمير معبد عين دارة يشبه هول وفداحة (تدمير) معبد بل” في مدينة تدمر الاثرية المدرجة على قائمة التراث العالمي الانساني. وسيطر تنظيم داعش مرتين على مدينة تدمر في الفترة الممتدة بين 2015 و2017 وأقدم على تدمير عدد من معالمها، بينها معبدا بعل شمسين وبل وقوس النصر. ويعود تاريخ تدمر إلى أكثر من الفي سنة. وتشتهر المدينة التي تقع في قلب بادية الشام بأعمدتها الرومانية ومعابدها ومدافنها الملكية التي تشهد على عظمة تاريخها. ويبدي عبد الكريم قلقه حيال تداعيات القتال في منطقة عفرين على منطقة جبل سمعان المجاورة، حيث للقوات التركية نقاط تمركز عدة. وأدرجت منظمة يونسكو عشرات القرى في هذه المنطقة على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر. ووفقاً لموقع المنظمة الدولية “تتميز هذه القرى التي بُنيت بين القرنين الأول والسابع (…) بمناظر حافظت على الكثير من خصائصها على مدى السنين، وتشمل معالم أثرية لعدد من المساكن والمعابد الوثنية والكنائس والأحواض والحمامات العمومية، وما إلى ذلك”. ويصف عبد الكريم ما تتعرض له آثار سوريا بـ”كارثة بكل ما للكلمة من معنى” معتبراً أن “ثلاثة آلاف سنة من الحضارة تدمرت بضربة” في عين دارة.

مشاركة :