شارع فهد السالم، ويسمى أيضاً بشارع الجهراء، وذلك لوقوع بوابة الجهراء في أوله. إذا ما ذكرت هذا الشارع لمن عاصر الكويت القديمة، تداعت له الذكريات التي صاحبت ازدهاره، فهو يعد الشارع الأول عندهم من حيث الأهمية، نظراً لما فيه من محال تجارية كانت تمثل طفرة في ذاك الزمان في رقيها وتميزها. شارع فهد السالم كان متنزهاً وسوقاً رائجة، خاصة للشباب ذكوراً وإناثاً، والذكور أكثر ارتياداً له، ويفخر الواحد منهم بالسير فيه مشياً على الأقدام، أو بسيارته الجديدة التي اقتناها أول مرة في حياته، فالأمر يعد في عرف ذاك الزمان أنه أصبح ممن يسايرون الموضة بجميع أشكالها وأدواتها. في ذاكرة أهل الكويت مطاعم شهيرة كانت تمثل رقي الصناعات الغذائية في بداياتها، خاصة أنها كانت مزيجاً من المطاعم العربية المتأثرة أيضاً بالمأكولات الأوروبية، فهي بداية عصر الوجبات السريعة، خاصة الهمبرغر، فضلاً عن تأثرها بالمطاعم الهندية والفارسية والشامية، خاصة في المشويات والمقبلات، وأشهر تلك المطاعم مطعم أبو نواس، ومطعم هارون الرشيد، وكانت هذا المطاعم تزدحم بروادها، خاصة في الفترة المسائية. ولمحال الحلويات أيضاً وجودها في هذا الشارع العريق، فعرف أهل الكويت الحلويات الشامية، كالكنافة والبقلاوة والقطايف والوربات وزنود الست، وغيرها من محلين لأبناء جبري، هما محل عدنان جبري، ومحل موفق جبري، وكانت فيهما أماكن لجلوس الرواد لتناول الكنافة بصورة خاصة مع القهوة التركية أو بطريقة أهل الشام، فضلاً عن الطلبات الخارجية، واستعداد المحلين المذكورين آنذاك لتلبية طلبات الحلوى للأفراح والأعراس. وكذلك في هذا الشارع الكثير من المحال، التي تبيع السلع الكمالية، كالألبسة الرجالية والنسائية، والساعات، والعطور الأجنبية والأحذية. وكان أشهر محل لبيع الأحذية محل السرحان، الذي يوجد أيضاً في سوق الغربللي، تلك السوق التي عُرفت آنذاك لوجود أيضاً محل أحذية الغربللي الشهير. كما لا يخفى أن في شارع فهد السالم أوائل محال النظارات الطبية، كالنظاراتي حسن، ونظارات أمين، ونظارات ضياء العدل، ونظارات متين وغيرها. وفيه أيضاً المحال النسائية المجلوبة من البلاد العربية وفارس والهند والأوروبية وغيرها، وأشهر محل هندي يختص بملابس الهنود محل ساري هاوس. وليعذرنا القارئ في ذكر البقية، سواء من معالم هذا الشارع أو محاله التجارية خشية الإطالة. شارع الجهراء كان أنساً لأهل الكويت، وكذا الحال بالنسبة لأهل الخليج قاطبة، فإذا ما ذكروا تقدم الكويت آنذاك وازدهارها وتطور أسواقها، لم يغب عن أذهانهم ذكره. والأمر حالياً وقديماً في ذاكرة الدولة، ممثلة في أجهزتها المعنية، لتطوير شارع فهد السالم وإحياء مكانته في قلوب أهل الكويت، ولكن الأمر يسير سيراً بطيئاً، ونحن هنا نوجه النداء العاجل بضرورة الإسراع في ذلك، حفاظاً على وجه الكويت الحضاري، وربط القديم بالحديث لتجليته للأجيال. د. سعود محمد العصفور
مشاركة :