نال شارع سالم المبارك، المعروف أيضاً بشارع السالمية، شهرته بعد شارع فهد السالم (شارع الجهراء)، وقد عرفه الجيل القديم كشارع يتميز بالحداثة والتجديد، فمن أراد أن يواكب الموضة بكل أشكالها، فعليه أن يرتاد هذا الشارع ليجد فيه بغيته. شارع سالم المبارك يمتد طولاً ليصل في نهايته إلى شارع البلاجات، حيث البحر برماله الجميلة، والمطاعم بمختلف أنواعها وما تقدّمه من شتى أنواع المأكولات الساخنة والباردة؛ لذا يتجمّع الشباب حولها بانتظار طلباتهم التي تغلب عليها الوجبات السريعة، وفي انتظارهم تتعالى أصوات الأغاني الطربية من مسجلات سياراتهم. والسيارات التي تسير عليه فارهة وفي أوائل سني صنعها، والمحال التجارية تتنوع فيها السلع، وتتنافس في جلب كل البضائع من مصادرها، خاصة الأوروبية منها؛ لذا فإن أثرياء ذاك الزمان من الذكور والإناث يتفاخرون بجلب احتياجاتهم من تلك المحال. التجوال فيه ليلاً ونهاراً من دون هدئة، وإن كانت الحركة تكثر في الفترة المسائية، ويحاكي الشباب في قصّات شعورهم آخر صيحات وصرعات الموضة، جيل بنطال شارل لستون، والجينز، وقصّات الشعر كالخنافس، والأفرو، ومايكل جاكسون، والبنات بعضهن سايرن الموضة وخالفن الموروث، فلبسن الميني جيب، والميكرو جيب، والكعب العالي بجميع درجاته، رغم امتعاض المجتمع آنذاك. كان شارع السالمية مزدحماً، والناس لا يأبهون بذلك، وهم على استعداد للوقوف فترات طويلة دونما ملل، لأنه يمثّل فرجة للناظرين في محاله التجارية الراقية المتنوعة في بضائعها، ومتعة لمن يمشي على جانبيه من المشترين والمتنزهين. جيل الأمس، ورغم مواكبة الجديد في كل أمر، فإن له قيمه الأخلاقية وثوابته التي لا يحيد عنها إلا شواذهم. فلا خلق مشين إلا ويُنكر على صاحبه، وكان رجال الأمن يمثلون العين الساهرة في المحافظة على خصوصية الناس وأمنهم وراحتهم. يقيني أن تقسيم الشارع إلى أجزاء تفادياً للازدحام أضاع جزءاً من متعة ارتياده والتجوّل بين محاله التجارية، حيث أضحى بفعل ذلك أجزاء مفرقة لا رابط بينها. والمطلوب ــــ في ظني ــــ إعادة النظر في تصميم الشارع هندسياً ليمتد من دون تجزئة، مع مراعاة حل مشكلة الازدحام بإيجاد مواقف ذات طوابق متعدّدة أو غير تلك الحلول. يبقى شارع سالم المبارك شارع السالمية الرئيس الذي ينظر إليه أهل الكويت قديماً وحديثاً على أنه يحمل ذاكرتهم وواقعهم أجمل الذكريات، وفي تأهيله وتجميله مطلب ملحّ، والأمل يحدونا إلى فعل كل ممكن ليصل القديم بالحديث أصالة وتأريخاً. د. سعود محمد العصفور dr.al.asfour@hotmail.co.uk
مشاركة :