أقر مجلس الشيوخ البولندي قانونا يرمي للدفاع عن صورة البلاد بحظره استخدام عبارة "معسكرات الموت البولندية" في الحديث عن المعسكرات النازية، وهو تشريع حظي بانتقادات العديد من الدول وعلى رأسها إسرائيل. أقرّ مجلس الشيوخ البولندي ليل الاربعاء/ الخميس (الأول من فبراير / شباط 2018) قانونا مثيرا للجدل حول محرقة اليهود يرمي الى الدفاع عن صورة البلاد، في خطوة أغضبت إسرائيل واستدعت تحذيرا أميركيا شديد اللهجة. وأتى إقرار القانون، الذي ما زال بحاجة لمصادقة الرئيس اندريه دودا عليه كي يدخل حيز التنفيذ، بعيد ساعات من ابداء الولايات المتحدة "قلقها" ازاء التشريع الجديد، محذرة وارسو من "تداعياته" عليها. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت للصحافيين إن هذا القانون ستكون له "تداعيات" على "مصالح بولندا وعلاقاتها الاستراتيجية، بما في ذلك مع الولايات المتحدة وإسرائيل"، مؤكدة أن الانقسامات المحتملة بين الحلفاء "لا تفيد إلا منافسينا". ودعت نويرت وارسو إلى "اعادة النظر بالقانون على ضوء تداعياته المحتملة على حرية التعبير وعلى قدرتنا على أن نكون شركاء مناسبين". ويفرض القانون غرامات مالية ويعاقب بالحبس الى مدد تصل إلى ثلاث سنوات كل من "ينسبون إلى الامة او إلى الدولة البولندية" جرائم ارتكبها النازيون الألمان ابان احتلالهم لبولندا. وهو يهدف الى تجريم استخدام عبارة "معسكرات الموت البولندية" في الحديث عن المعسكرات النازية في بولندا ابان الاحتلال. ومنذ توليه السلطة في بولندا في تشرين الاول / اكتوبر 2015، يتبع حزب القانون والعدالة المحافظ "سياسة تاريخية" تهدف الى استنهاض الروح الوطنية. واثار بند في القانون الذي أقره مجلس الشيوخ البولندي هواجس مسؤولين إسرائيليين اعتبروه محاولة لنكران مشاركة بعض البولنديين في "الإبادة" بحق اليهود، وبالتالي إمكانية تعرض ناجين من المحرقة للملاحقة اذا استحضروا حالات مماثلة. واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الاحد بولندا بالسعي لإنكار التاريخ من خلال هذا التشريع، وقال "نحن لا نتسامح مع تحوير الحقيقة وإعادة كتابة التاريخ او انكار الهولوكوست". وفي وارسو وقّع نحو مئة فنان وصحافي وسياسي، بينهم المخرجة انييتسكا هولاند، والرئيس اليساري السابق الكسندر كفاشينفسكي، ووزير الخارجية السابق الليبرالي رادوسلاف سيكورسكي عريضة تطالب بتعديل القانون عبر الغاء تجريم العبارات المهينة لبولندا. وقد طالب موقعو العريضة الرأي العام البولندي "بضبط الشعور العاطفي، من أجل الحقيقة والمصلحة المشتركة للحوار البولندي الإسرائيلي منذ ربع قرن". ونشرت جماعة يهودية بولندية كتابا مفتوحا يحذر من القانون الجديد. وجاء في الكتاب أن هذا القانون "قد يقود الى تجريم من يقولون الحقيقة حول المخبرين البولنديين والمواطنين البولنديين الذين قاموا بتصفية اليهود". كذلك حذر الكتاب من أن القانون "يحد ليس فقط من حرية التعبير، لكنه يؤدي في المقام الاول إلى تزوير التاريخ". وحظر حاكم صوفيا "لدواع امنية" تظاهرة مسائية امام السفارة الإسرائيلية كان دعا إليها قوميون الاربعاء. وكانت بولندا ابان احتلالها من قبل المانيا النازية البلد الوحيد الذي يعاقَب فيه تقديم اية مساعدة لليهود بالإعدام. ويدرج مركز "ياد فاشيم" في القدس لتخليد ذكرى ضحايا الهولوكوست اسماء 6700 بولندي ساعدوا اليهود إبان الاحتلال النازي لبولندا ومُنح الثلاثاء ثلاثة بولنديين متوفين أوسمة تقديرية لمساعدتهم اليهود. وأكد متحدث باسم مركز "ياد فاشيم" لوكالة فرانس برس أن الاحتفال كان مقررا منذ زمن طويل وأن تزامنه مع الجدل الحالي هو مجرد صدفة. وخسرت بولندا خلال احتلالها من قبل ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية ستة ملايين من مواطنيها، بينهم ثلاثة ملايين يهودي في المحرقة. ح.ز/ و.ب (أ.ف.ب / د.ب.أ)
مشاركة :