وصل فرقاء النزاع المسلح في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق السودانيتين إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، فيما انخرطت الآلية الإفريقية رفيعة المستوى في لقاءات ثنائية مكثفة مع الوفدين، بغية تمهيد الطريق للدخول في عملية التفاوض المباشر، بعد انقطاع استمر ثمانية عشر شهراً، جرت خلالها مياه كثيرة تحت الجسر، واستنفدت خيارات فيها خيارات الحرب، نتيجة متغيرات داخلية وخارجية انعكست على النزاع المستمر بالمنطقتين منذ يونيو 2011. وسبقت جولة المفاوضات الحالية، تأكيدات من الطرفين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال، بدخولها للتفاوض هذه المرة بجدية وحرص في سبيل الوصول إلى سلام ينهي معاناة الملايين ممن نزحوا ولجأوا بسبب الحرب، فيما شدّدت الحكومة السودانية على لسان رئيس وفدها التفاوضي إبراهيم محمود حامد، على أنّها ذاهبة إلى أديس أبابا بكل جدية ورغبة في السلام، ومستعدة للتوصل إلى اتفاق سلام شامل يتخطى كل التكتيكات السابقة والتي عطلت السلام منذ العام 2011. تكتيكات مؤقتة وقال رئيس وفد التفاوض السوداني في تصريحات قبيل مغادرته ووفده إلى أديس أبابا، إنّ الوفد الحكومي لديه إرادة قوية مدعومة ببيان عملي على الأرض يتمثل في الإعلان المتكرر لوقف إطلاق النار منذ يونيو 2016، لأكثر من عام ونصف، ما يؤكد جدية الحكومة في السلام. وأضاف: «نتمنى أن يكون الطرف الآخر بنفس الجدية ونفس الرغبة لأنّ هذه هي رغبة المواطنين في السودان ورغبة الحكومة ورغبة المجتمع الإقليمي والدولي، ونتمنى أن نتخطى هذه المرة كل العقبات وكل التكتيكات المؤقتة ونمضي نحو السلام بقوة، لذلك نحن بعد هذا الوقف لإطلاق النار، نعتقد أنّه يجب المضي مباشرة للسلام وعدم تضييع الوقت لإي إجراءات جانبية». فرصة سلام في المقابل، استبق رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال عبدالعزيز آدم الحلو، جولة المفاوضات وأعلن تمديد وقف إطلاق النار بجميع مناطق سيطرة قواته بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان لمدة أربعة أشهر ابتداء من مطلع فبراير الجاري. وقال الحلو في بيان صحافي، إن تمديده وقف إطلاق النار يأتي مبادرة لحسن النيات من أجل إتاحة الفرصة للحل السلمي لأزمة السودان. ووجه الحلو كل وحدات جيشه بالالتزام بقرار تمديد وقف العدائيات واحترامه، ووقف أي سلوك عدائي، ما عدا حالات الدفاع عن النفس وحماية المدنيين. تقديم تنازلات وبشأن ما إذا كانت الجولة الجديدة من المفاوضات ستفضي لتسوية يرى الخبير الأمني والاستراتيجي السوداني اللواء متقاعد محمد العباس بضرورة تقديم التنازلات، وإيجاد أسلوب لإدارة الأزمات في السودان وخلق وسائل فعالة لإجراء التفاوض السليم الذي يقود إلى نتائج حاسمة ومقبولة. وحضّ العباس في تصريحات لـ«البيان»، المتفاوضين لترتيب التناقضات بالاتفاق على الأشياء المختلف عليها وإجازة المتفق عليه، ما يساعد على إعطاء استباقات مهمة لكل قضية، مضيفاً: «بمعنى أن تأخذ كل قضية أهميتها من الاختلاف حولها، وبالتالي الوصول إلى حلول مناسبة للطرفين»، مطالباً الطرفين بتقبل التنازل. وأردف: «يجب أن يكون هناك مفهوم لدى الطرفين بشأن التنازلات باعتبار أن التفاوض قضية تتطلب الكثير من التنازلات».
مشاركة :