أكد الكاتب الصحافي والإعلامي سلمان الدوسري أنَّ صناعة الإعلام تشهد تحوّلاً كبيراً وخطراً، لأنها باتت تعاني لمصلحة التطبيقات الجديدة من وسائل التواصل الاجتماعي، مبيناً أن الصحافة الورقية في المملكة تتعّرض كذلك إلى تحديات هائلة، أهمها تراجع الدخل والإعلان، وهو ما يدفعها دفعاً نحو «موت بطيء»، متسائلاً من يستطيع منافسة «فيسبوك» و«قوقل» اليوم؟ وأشار إلى أن من يدفع الصحافة الورقية في المملكة دفعاً نحو التراجع والتقهقر للخلف، يجب أن يعلم أنه لا يزال هناك جمهور كبير لهذا النوع من الصحافة، موضحاً أنه لا يعرف بلداً في العالم توقف عن طباعة الصحف الورقية، مؤكداً أنه لا يرى أي مانع من أن تدعم الدولة الصحافة الورقية، مطالباً بأن لا نسارع في «قتل» الصحافة الورقية قبل أوانها. جاء ذلك ضمن برنامج الأمسية الإعلامية السنوية المفتوحة، الذي نظمته غرفة الأحساء، مساء أول من أمس (الأربعاء) بقاعة سليمان الحماد بمقر الغرفة الرئيس، وذلك بحضور رئيس مجلس إدارة الغرفة عبداللطيف العرفج، وعدد من المسؤولين والأكاديميين والإعلاميين. وتحدث الدوسري في الأمسية التي أدارها مدير الإعلام والنشر بغرفة الأحساء الإعلامي خالد القحطاني، عن واقع ومستقبل الإعلام وتأثيره على رؤى تنمية الاقتصاد والمجتمع، مشيراً إلى أن المملكة تقود المشهد الإعلامي العربي، وأن كل دول المنطقة لديها قناعة بذلك، ولكن المملكة للأسف ليست الأكثر تأثيراً، أما في داخل المملكة فهذه القناعة غير موجودة، مبيناً أن الإعلام السعودي مظلوم، وأن من حق المتلقي السعودي أن يرى إعلام بلاده أكثر تأثيراً وقوة، مطالباً الدولة بأن تدعم أدوات ووسائل إعلامية لتساعدها في توصيل رسالتها وصوتها للعالم. وبين أنَّه لا يرى أنَّ الحملات الإعلامية الموجّهة ضد المملكة في بعض الدول الغربية مؤامرة، بقدر ما هي توجهات وممارسات طبيعية نابعة من ثقافة مجتمعاتها الليبرالية، مشيراً إلى أن إعلام الدول الغربية يهاجم حكوماته ومسؤوليه، ويتعامل مع الأحداث والأخبار في بلادنا كما يتعامل معها في دولهم، إلا أن البعض هنا وهناك يستغل تلك الحملات ضد المملكة، لذلك يجب ألا نتوجس مما ينشر حولنا، وألا نبالغ في ردّات فعلنا تجاه ما يُنشر في الغرب. وأكد أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست وسائل إعلام، لأنها ببساطة لا تصنع المحتوى ولا «تطبخه»، مشيراً إلى أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي هي الأكثر انتشاراً، إلا أنها الأقل صدقية، إن لم تكن معدومة في بعض الأحيان، مبيناً أننا لا نستطيع أن نعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي في كشف ومكافحة الفساد ورصد الظواهر الاجتماعية السالبة، وأنها ستظل تشكّل بعضاً من الرأي العام، ولكنها «حتماً» ليست كل الرأي العام، مؤكداً أنه من الصعب قيام صحيفة جديدة في الظروف الراهنة بدون دعم حكومي، وغالبية الصحف تدار بعقلية تجارية. وكشف الدوسري أننا في المملكة لم ننجح في بناء وتطوير صناعة صحافة سعودية متخصصة، وبخاصة في مجال صحافة اقتصادات الطاقة والنفط، وأنه شخصياً يتحمّل جانباً من هذا الإخفاق، لأنه ظل لفترة رئيساً لتحرير «الاقتصادية» و«الشرق الأوسط»، ولم يبذل ما يكفي من الجهد في هذا الجانب، إلا أنه كشف عن وجود تسّرب للإعلاميين والصحافيين المتخصصين إلى وسائل إعلام عالمية، مبيناً أنهم فعلاً صاروا مؤثرين أكثر خارج بلادهم، وأنه أصبحت لهم مساهمات إعلامية إيجابية بارزة خارج المملكة. وعن أهمية ودور الصحافة الاستقصائية في المملكة، أكد الدوسري أنها الحلقة الأضعف في صحافة المملكة، على رغم أهميتها في كشف ومتابعة الفساد والهدر والمخالفات وتمكين الرقابة والنزاهة والشفافية، عازيّاً السبب إلى عدم وجود المعلومة وأحياناً غيابها وربما «تغييّبها»، مبيناً أنه لا توجد حالياً أية منافسة بين الصحافة الورقية والإلكترونية في المملكة، مؤكداً انخفاض مستوى الأداء المهني لإعلاميي، وصحافيي المواقع والصحف الإلكترونية، بسبب ضعف موازناتها ودخلها. من جانبه، رحب رئيس مجلس إدارة الغرفة عبداللطيف العرفج في بداية الأمسية بالإعلامي والكاتب سلمان الدوسري مثمناً حضوره ومشاركته في قراءة وتحليل واقع ومستقبل الإعلام السعودي، وعرض تجربته الإعلاميّة المهنيّة المميزة، مبيناً أن برنامج الأمسية هو تقليد سنوي درجت عليه الغرفة تأكيداً لدورها في مجال المسؤولية الاجتماعية وعرض واستخلاص التجارب الإعلامية السعودية الرائدة، بما يسهم في تفعيل ودعم أوجه وقنوات الحراك الإعلامي الوطني التنموي، وفتح نوافذ للمعرفة والوعي والتواصل والحوار وتعزيز دور الإعلام والإعلاميين في التوعية وتنمية وخدمة المجتمع. يُذكر أن الغرفة استضافت في إطار برنامج الأمسية الإعلامية عدداً من الكتّاب والإعلاميين السعوديين البارزين خلال السنوات الماضية، وذلك ضمن حزمة برامج ومبادرات مسؤوليتها المجتمعية، والتي تؤكد دور الحوار في تعزيز مساهمة الإعلام في توحيد الطاقات وشحذ الهمم وتحفيز الوجدان المجتمعي للتلاحم حول الرؤى الوطنية والبرامج التنموية والمشاريع العملاقة.
مشاركة :